تناولنا فى المقالين الماضيين الوسائل المتاحة لمصر فى توليد الطاقة، وشرحنا إمكانيات توليدها «نوويا» ومن «الشمس»، وأتناول اليوم الوسائل المتبقية، وأبدأ بطاقة الرياح التى تعد من السبل الرئيسية لتوليد الكهرباء بالطاقة المتجددة التى لا تتطلب تكنولوجيا عالية وجزء مهم فى خطة الدولة الحصول على طاقة إضافية لا تلوث البيئة، وهناك مناطق عديدة فى مصر تتعرض لسرعة رياح مناسبة على مدار العام تجعل مصر قادرة على توليد 5 آلاف ميجاوات على الأقل من الرياح فى السنوات القادمة القليلة وتضاعف 10 مرات على الأقل الطاقة المولدة حالياً بالرياح. وإذا نظرنا إلى أطلس الرياح فى مصر, سنجد أن هناك مناطق عديدة سواء على خليج السويس أو العقبة أو بعض المناطق الصحراوية مناسبة جداً لإنشاء مزارع لتربينات الرياح، مناطق مثل رأس غارب، زعفرانة، الزيت، رأس سدر، الغردقة، ومناطق أخرى، ومتوسط سرعة الرياح بها مناسبة جداً، بالإضافة إلى أنه من الممكن بتكلفة أعلى توليد الكهرباء من أبراج تربينات الهواء الموضوعة فى البحر، وهذا الاتجاه تتخذه العديد من الدول مثل بريطانيا، ألمانيا، الولاياتالمتحدة، هولندا، لضمان سرعة الريح طوال العام وزيادة كفاءة إنتاج الكهرباء، ومصر حالياً عندها بعض من مزارع الرياح على مساحات أرضية كبيرة ولها خبرة فى هذا المجال وتولد طاقة حوالى 550 ميجاوات سنوياً ومصنفة عالمياً رقم 30 من الدول المستخدمة لطاقة الرياح، وحتى تتوسع الدولة فى استخدامها عليها اتباع الآتى: تخصيص الميزانية المطلوبة وتشجيع الاستثمارات فى هذا المجال، وليس الاعتماد على المعونات والمنح الأجنبية لضمان نمو هذا القطاع إلى صناعة كبيرة. الاستفادة من خبرات بعض الدول مثل إسبانيا، ألمانيا، الدنمارك، الهند، الصين، وبالذات التجربة الدنماركية التى تعتمد على طاقة الرياح بنسبة %35. معرفة أن تكاليف توليد الكهرباء باستخدام الرياح عالية مقارنة بالتكنولوجيات الأخرى، فمن الممكن تأهيل الفنيين والحرفيين والمهندسين لبناء مكونات الأنظمة فى مصر وخلق عمالة جديدة. بحث إمكانية التوسع واستغلال البحر الأحمر وخليجى العقبة والسويس فى إنشاء مزارع هوائية فى المياه بعيدة عن الشواطئ، وهذا ما فعلته بريطانيا ببناء أكبر مزرعة هواء بسعة تقارب 700 ميجاوات وبمساحة 100كم مربع، وباستثمار خارجى من الدنمارك وألمانيا والإمارات، واستغلت الدنمارك وألمانيا البحر الشمالى لتولد سعة كبيرة من طاقة الرياح. الغاز الطبيعى أرى مستقبل مصر باهرا فى استخدام الغاز الطبيعى لتوليد الكهرباء، فالاتجاهات العالمية تخفض استخدام الفحم فى محطات توليد الكهرباء، وتحول المحطات إلى الغاز الطبيعى، لرخصه عن الفحم والطاقة النووية، كما أن التلوث البيئى الناتج من الغاز الطبيعى نصف التلوث الناتج عن الفحم، وأمريكا كمثال خفضت استخدام الفحم فى العشر سنوات الأخيرة من 55% إلى 37%، مما أدى إلى تحسن البيئة من عشر سنوات سابقة، وتحولت إلى دولة مصدرة للفحم إلى الصينوالهند. والمعروف أن مصر لديها خطة قومية للكشف عن الغاز الطبيعى، وهى مصنفة رقم 18 تقريباً فى حجم الغاز المخزون بما يقدر ب 1، 6 تريليون متر مكعب، ويجب أن تشمل الخطة على جذب الاستثمارات للشركات الأجنبية المتخصصة، وإزالة العقبات الإدارية والمالية، وتحديد إذا كان لمصر حقوق فى حقول الغاز المكتشفة فى شرق البحر الأبيض المتوسط، فهناك معلومات متناقضة عن حق مصر أو عدمه مع إسرائيل وقبرص، وقد تكون هذه المنطقة مثالية للتنقيب عن الغاز فى حدود مصر الإقليمية الفحم تبقى قضية استخدام الفحم، والتى تناول البعض عيوبه ومميزاته، وإذا كان استخدامه شر لا بد منه فى مصر، فيجب أن يضع صانع القرار حقائق عنه أولها، إقرار أن العالم يعتمد على استخدام الفحم بما يعادل 40% من احتياجات الطاقة لوفرته ورخص سعره ولوجوده فى مناطق ليس بها نزاعات سياسة أو تغيرات تؤدى إلى عدم ضمان التزوير، وتوفر الفحم المكتشف يزيد كثيراً عن البترول والغاز، فالعالم ما زال وسوف يعتمد على الفحم كجزء كبير لتوليد الكهرباء أو للصناعات الكبيرة لفترة طويلة كما تفعل الصين، الهند، الولاياتالمتحدة. استخدام الفحم يتطلب معاملات خاصة، سواء فى نقله أو تخزينه أو استعماله، لأن التلوث البيئى الناتج عنه خطير وأكثر كثيراً من أى سبل أخرى لتوليد الكهرباء، وضرورة معالجة مشاكل نقله سواء بالسفن أو السكة الحديد أو النقل الأرضى ومعالجة مشاكل التخزين. تلوث البيئة من استخدام الفحم كبير ومتنوع ومضر للصحة والتنفس إذا لم يؤخذ فى الاعتبار لتقليل تأثيره، وتكاليف إنشاء محطاته غير عالية نسبيا،ً ولكن تكاليف التشغيل والصيانة عالية وهذا عكس محطات الطاقة النووية أو الشمسية. المفارقة هنا، أنه فى الوقت الذى يتخلى العالم عن استخدام الفحم كمولد للطاقة بسبب التلوث البيئى تتجه مصر لاستخدامه، وإذا كانت الحاجة شديدة فلا بد من وضع شروط للاستخدام، بوضع الأجهزة والمعدات التى تقلل من التلوث البيئى مثل الفلاتر وأجهزة فصل الحبيبات الكربونية، وفصل الغازات وفرض ضرائب، طبقاً لحجم التلوث الكربونى، وهذا يكون لفترة زمنية قصيرة حتى يمكن إحلال استخدام الفحم بسبل أخرى. يبقى بعد الاستعراض السابق لكل موارد الطاقة المتاحة لمصر ضرورة التنبيه على أنه لا بد من وضع خطة قومية قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى لتوليد الكهرباء، وتوفير الوقود أخذا فى الاعتبار التلوث البيئى والتغير المناخى الملحوظ فى العالم بما يتمشى مع التوسع السكانى والمدن الجديدة والمطالب الصناعية والمشاريع القومية الجديدة، وأخيرا أشدد على أن مشكلة توليد الكهرباء فى مصر ليست مشكلة تكنولوجية أو هندسية، ولكنها مشكلة اقتصادية ومالية بحتة ناتجة، وألخص الوضع على النحو الآتى: اختيارات سبل توليد الكهرباء معروفة عالمياً وكذلك ما يناسب مصر من الطاقة الحرارية والمتجددة والنووية، وأرى أن الاعتماد طويل المدى لمصر على الطاقة المتجددة شاملة كهرباء مياه النيل والشمس والهواء يجب أن يتراوح بين 30 – 35 %، والطاقة النووية 15-20%، والحرارية باستخدام الغاز بنسبة 45-50% مع بذل الجهد للابتعاد عن استخدام الفحم الملوث للبيئة. زيادة معدلات توليد الكهرباء عن معدلات نمو الناتج الكلى المحلى المتوقع حتى تتمشى الطاقة المولدة مع مطالب التقدم الصناعى والاقتصادى والسكانى. لا بد من متابعة ودراسة ما يحدث عالمياً فى مجال الكهرباء والطاقة والتغيرات السريعة فى بعض الدول مثل الولاياتالمتحدة التى فى عام 2020 سوف تصبح أكبر ُمصدر للغاز والبترول والاكتفاء الذاتى لعام 2035 وعدم الاعتماد على الشرق الأوسط، وأن الحسابات تشير إلى أن احتياجات الطاقة عالمياً سوف تزيد بنسبة 50% حتى عام 2035 والغالبية من هذه الزيادة سوف تكون فى الصينوالهند والشرق الأوسط. وأخيرا أقترح دمج وزارة الكهرباء والبترول فى وزارة واحدة هى «الطاقة»، فتوليد الكهرباء «طاقة» واستخدام الوقود «طاقة»، سواء للكهرباء أو النقل، وخلق وزارة جديدة للمعادن تتوسع فى استغلال ثروات مصر من المعادن.