أكد عدد من القانونين والبرلمانيين السابقين، أن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بشأن الإلزام بإجراء الكشف الطبى للمرشحين بانتخابات مجلس النواب المقبلة، والمقرر إجراؤها خلال شهرى مارس وأبريل المقبلين، أصبح ملزمًا لجميع الراغبين فى الترشح، ما لم يتم إلغاؤه من المحكمة الإدارية العليا، منتقدين ارتفاع رسوم الكشف الطبى ومخالفة ذلك للدستور، لما يتسبب فيه من حرمان الشباب وغير القادرين ماليًا من حقهم الدستورى فى الترشح بالانتخابات. وأوضحوا أن اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية والمستشفيات التى تجرى الكشف الطبى على الراغبين فى الترشح، ليست ملزمة باتخاذ إجراءات قانونية ضد من يثبت الكشف أنه متعاطٍ للمخدرات ويحتسى الخمور، إلا أنه فى حالة إذا قررت اللجنة تحريك بلاغات ضدهم سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم. قال محمد عثمان، نقيب المحامين بشمال القاهرة، إن اللجنة العليا للانتخابات التزمت بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بشأن إجراء الكشف الطبى للمرشحين بانتخابات مجلس النواب، وأصبح لزامًا على كل راغبى الترشيح أن يستوفوا أوراقهم بالكشف الطبى، مضيفًا أن قرار اللجنة بإلزام المرشحين بإجراء الكشف الطبى سيظل قائمًا، إلا إذا قضى بإلغائه فى الطعن المرفوع أمام المحكمة الإدارية العليا. وأشار "عثمان"، ل"اليوم السابع"، إلى أن العبرة فى النهاية باللياقة الطبية للمرشح ونسبة تعاطيه للمواد المخدرة أو احتساء الخمور أو وجود مرض خطير يحول بينه وبين أداء واجباته، التى حددها القانون والدستور فى هذه الحالة. وأوضح "عثمان"، أنه فى حالة إجراء كشف طبى على مرشح ما وثبت أنه متعاطٍ للمخدرات، ويحتسى الخمور لا يوجد إلزام للجنة العليا للانتخابات أو المستشفيات التى تجرى الكشف باتخاذ إجراءات قانونية ضده، قائلاً: "إنها مسألة أخلاقية وأدبية لأنه لا يجوز أن يمثل الأمة من يتعاطى المواد المخدرة التى تفقد العقل والتركيز، أما الخمور فهى محرمة شرعًا، أما بالنسبة للأمراض الأخرى فهى التى تؤكد مدى لياقته أو صلاحيته لأداء واجبات المنصب النيابى من عدمه. وأكد نقيب المحامين بالقاهرة، أن رسوم الكشف الطبى المحددة ب6 آلاف جنيه، هى رسوم باهظة ومن شأنها أن تحول بين بعض من تتوافر فيهم كل الشروط والمواصفات، نظرًا لعدم قدرتهم المادية، وأن هناك شبهة عدم دستورية فى ذلك، لأنها تحول بين من لا يملك المال وحقه الدستورى فى الترشح، بالإضافة إلى الإخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين، وأنه يعطى ميزة لصاحب القدرة المالية، وتؤثر على إرادة المرشح ذو الشعبية وغير القادر ماليًا بأن يبحث عمن يمول حملته الانتخابية، وتفتح الباب للمال السياسى. فيما قال صابر عمار، أمين عام مساعد اتحاد المحامين العرب، وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، إن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بإلزام مرشحى مجلس النواب بإجراء الكشف الطبى، ليس له ظهير من القانون والدستور ولكنه اجتهاد من المحكمة فى ضوء أن محاكم مجلس الدولة بطبيعتها منشأة لقواعد قانونية. وأضاف "عمار"، أن المحكمة استندت إلى أنه من الأصول العامة أن يكون الموظف العام أو الذى يؤدى خدمة عامة يجب أن يكون مؤهلاً صحيًا ونفسيًا لأداء الوظيفة أو الخدمة العامة، لذلك ألزمت المحكمة المرشح بتقديم شهادة تثبت أنه مؤهل صحيًا ونفسيًا للقيام بالدور البرلمانى. وأشار إلى أن اللجنة العليا للانتخابات أصدرت قرارًا بتنفيذ الحكم، وطلبت من الراغبين فى الترشح إجراء الكشف الطبى، ولكنها لم تحدد الأمراض التى تمنع الشخص من عضوية البرلمان وأداء العمل النيابى، ولم تحدد هل مرضى السكر والضغط ضمن هذه الأمراض أم لا، والمعيار مطاط ولا يوجد معايير واضحة. وأكد أنه فى حالة وجود أشخاص ثبت أنهم يتعاطون المخدرات من خلال الكشف الطبى، فى هذه الحالة لا يوجد ما يرغم أو يلزم اللجنة العليا أو المستشفى بأن تبلغ عن هذا الشخص، وإذا بلغت اللجنة سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم. من جانبه، قال البرلمانى السابق مجدى عاشور، والمرشح المحتمل بدائرة المرج فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، إن ارتفاع تكلفة الكشف الطبى الذى يجرى للراغبين فى الترشح لعضوية مجلس النواب المقبل، بجانب رسوم التأمين والتى وصلت إلى 9 آلاف جنيه، أدت إلى تراجع العديد من الشباب والأشخاص عن فكرة الترشح فى الانتخابات، نظرًا لعدم قدرتهم على سداد هذه المبالغ. وأضاف "عاشور"، ل"اليوم السابع"، أنه فى نفس الوقت هناك أشخاص تراجعوا عن الترشح ليس بسبب ارتفاع تكلفة الكشف الطبى ولكن خوفًا من تحليل المخدرات، وهو أخطر ما فى الأمر، مؤكدًا أن هناك اتجاهًا لدى الكثير ممن كانوا ينوون الترشح إلى الطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بإلزام المرشحين بإجراء الكشف الطبى، وعلى قرار اللجنة العليا للانتخابات فى هذا الصدد. وتساءل "عاشور": "ما هى الأمراض التى تمنع المرشح من خوض الانتخابات وممارسة العمل البرلمانى بخلاف المخدرات والمسكرات؟"، وهل الشخص الذى الذى يعانى من مرضى السكر وضعف النظر لا يجوز له الترشح لعضوية مجلس النواب؟.. وهل فى حالة إذا أثبت الكشف الطبى أن هذا المرشح يتعاطى المخدرات.. ما الذى ستتخذه اللجنة العليا للانتخابات قبله من إجراءات؟.. وهل ستحيل الأمر إلى القضاء والنيابة للتحقيق فيه أم لا؟ واختتم البرلمانى السابق تصريحه قائلاً: "أخشى أن يتسبب هذا الأمر فى الطعن على المجلس مستقبلاً بعدم الدستورية، وأن يخل ذلك بمبدأ المساواة".