مع بدء العمل فى إنشاء مدن جديدة فى مصر فى نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات تفاءل الناس خيرا أن تساهم تلك المدن فى حل أزمة الإسكان وتصبح نموذجا للنظام والنظافة وضد الفوضى والعشوائية كنموذج يمكن تعميمه فى باقى مدن مصر، بما فيها المدن التقليدية القديمة كالقاهرة والإسكندرية وطنطا وغيرها. مع مرور الوقت حدث عكس التوقعات وانتقلت عدوى الفوضى والعشوائية واللانظام والإهمال من المدن القديمة إلى الجديدة، مثل ما حدث ويحدث فى مدينة 6 أكتوبر الآن التى أصبحت نموذجا للفوضى والعشوائية فى كل شىء وسط إهمال المسؤوليين عنها وغيابهم التام عما يحدث داخل المدينة التى كانت منذ عامين عاصمة للمحافظة، لن نتجاوز فى وصف ما يجرى من فوضى فى المدينة، فقد شاهدها وزير الإسكان المهندس مصطفى مدبولى بنفسه يوم الاثنين الماضى فى زيارة مفاجئة لميدان الحصرى أشهر ميادين المدينة ورمز الفوضى والعشوائية فى 6 أكتوبر.الوزير أبدى استياءه مما يحدث فى الميدان بسبب انتشار الباعة الجائلين والإعلانات فوق الأعمدة الكهربائية وعدم تنظيم موقف السيرفيس الخاص بالميكروباصات وامتلاء الميدان بالتوك توك. كنت أتمنى أن يتابع الوزير جولة داخل شوارع المدينة وأحيائها المهملة وغير الممهدة رغم ما أعلنه رئيس الجهاز عن ميزانيات للرصف والنظافة، فالشوارع «مكسرة ومليئة بالمطبات» ومخلفات المبانى لأصحاب العقارات تملأ الشوارع الفرعية دون خوف من جهاز المدينة من تطبيق العقوبات كما كان الحال فى بداية إنشاء المدينة، وبدأت مخالفات تعلية الأدوار تغزو المدينة فى ظل غياب الرقابة وتفعيل القانون. ميراث المدن القديمة انتقل إلى 6 أكتوبر التى مازلنا نحلم بأن تصبح مدينة نموذجية وجاذبة للحياة فيها، خاصة وهى المدينة التى تضم حوالى 14 جامعة، بما فيها جامعة زويل والنيل والعلوم والتكنولوجيا، وأشهر مراكز التسوق، بالإضافة إلى 6 مناطق صناعية ومدينة الإنتاج الإعلامى. حلم السكن فى المدينة تحول إلى كابوس مع انتشار كل مظاهر العشوائية والفوضى، ويطلق عليها البعض «مدينة التوك توك» بسبب انتشار تلك الصناديق السوداء المتحركة فى شوارع وميادين المدينة دون ترخيص تحت سمع وبصر المسؤولين فى جهاز المدينة والأجهزة الأمنية بها. هل هناك أمل فى عودة مدينة 6 أكتوبر إلى سابق عهدها كمدينة الجمال والهدوء والنظام والنظافة. أم أن المسؤولين عنها أصابتهم عدوى العمل فى المدن القديمة بكآبتها وعشوائيتها. ولماذا دائما نشوه كل شىء جميل فى مصر. السؤال إلى وزير الإسكان.
