فى ظل ما تتمتع به المرأة اليوم من حقوق لم تكن لتحظى بها فى القرون الماضية، وما تسعى هى إليه من إثبات قدرتها على تحمل المسئولية والقيام بالأعمال الإدارية منافسة فى كفاءتها الرجال، تناسى المجتمع حقها الأسمى الذى يفوق العلم والعمل. فقد تعالت الأصوات قديمًا تنادى بحق المرأة فى مشاركة الرجل مجتمعهما، وما كان من تلبية هذه النداءات إلا إشراق لمجتمع متحضر يسعى إلى النهوض والعلو، أما اليوم فقد خفتت الأصوات واستنكر المجتمع عليها حقها الأسمى: حق الحرية والأمان، فبدلاً من مواجهة انحلال البعض، اتجه المجتمع - متمثلاً فى الأسرة - إلى مواجهة صاحبة الحق نفسها: مجبرًا إياها على العودة مبكرًا إلى المنزل وراصدًا تحركاتها ومتدخلاً فى أختيار ملابسها وطريقة تزينها والحد من بعض علاقتها الشخصية. فإن خالفته أدبها فى شوارعه المليئة بسالبى الحقوق والمعتدين على مشاعرها وإنسانيتها سواء كان عن طريق النظرات والكلمات المهينة أو حتى الاعتداء عليها جنسيًا. وما أقصاه مجتمع يراها فى ضعفها مستنجدة به ليخلصها ممن يحيطون بها فيدير وجهه صامتًا... متناسيًا حقها .