إذا كان حصول المواطن المصرى على رغيف عيش يتطلب تدخل رئيس الجمهورية .. فماذا يحدث لو تمددت تطلعاته للحصول على شقة أو "عربية" أو حتى وجبة متوسطة مكونة من "شوية رز" "وطبق خضار" "وحتة لحمة ومعلقتين سلطة" ؟ هل سيكون عليه فى هذه الحالة أن يلجأ للأمم المتحدة ومجلس أمنها مطالباً بتطبيق الفصل السابع مع تشكيل لجان تفتيش لضمان أن اللحمة ليست من النوع الحميرى أو الكلابى وللتأكد من أن الخضار غير مسرطن؟ لقد كشفت تداعيات أزمة رغيف العيش وعدم تصريفها إلا بعد تدخل رئيس الجمهورية أن حكومة الدكتور نظيف نظيفة أكثر من اللازم وأنها أكثر بياضا ومتعالية على الواقع المصرى الذى جاءت بالأساس من أجل حل مشاكله كما جاء فى خطاب تكليفها تحت عنوان تخفيف أعباء المواطن وخاصة محدودى الدخل .ويبدو أن خطة عمل الحكومة اعتمدت على تخفيف أعباء المواطن عن طريق القتل الرحيم وتخليصه من الحياة وعذابها والقضاء عليه من خلال تجويعه بحرمانه من رغيف العيش أو بتسميمه عبر لحم الحمير والكلاب النافقة، وربما أنفلونزا الطيور. وباعتبارى من القلة الحاقدة المتشائمة، فلم أكن على غير طبيعتى عند إعلان تشكيل الحكومة الحالية ولم أتوقع منها خيراً خاصة فى مجال القضايا التى تمس المواطن الغلبان، فكيف تتوقع من رئيس وزراء يرى أن الشعب المصرى غير ناضج وأنه أى الشعب مسئول عن مشاكله أن يحل هذه المشاكل ، وكيف تتوقع من وزير اسمه "شيفروليه" أن يهتم بمشاكل الأتوبيس أبو ربع جنيه ؟! وبما أنى من أصحاب النوايا الخبيثة الذين يسرحون بخيالهم ليحصلوا على إجابات عن طريق أحلام اليقظة بسبب فقر المعلومات، لم استطع منع نفسى من التساؤل حول رد فعل الدكتور أحمد نظيف عندما تلقى تقارير "البصاصين" و تنادر "الخباصين" حول أزمة رغيف العيش ، لأنه وبالتأكيد لم يحل أزمة رغيف العيش والتى تدخل فى صميم عمل أى رئيس حكومة عادى على وجه الكرة الأرضية. والدليل على أنه لم يتدخل بشكل طبيعى وفعال، فالأزمة لم تحل أو تحلحل إلا بعد تدخل رئيس الجمهورية والمؤسسة العسكرية .فكيف كان شكل رد فعل الدكتور نظيف وماذا قال عندما وصلته التقارير الأولية من البصاصين والخباصين حول أزمة الرغيف ؟هل ارتدى سيادته ثوب مارى أنطوانيت عندما اندهشت من تظاهرات الفرنسيين "الغلابة " وتساءلت عن سر الغضب، فقالوا لها إن الناس لا تجد رغيف العيش فازدادت دهشتها وقالت "مش لاقيين عيش ..ياكلوا جاتوه" ! .طبعا لا نتوقع أن الدكتور نظيف ارتدى ثوب مارى انطوانيت بشكل كامل ولكنه استوحى الفكرة وراعى الفروق الجوهرية بين الحالتين من حيث كون مارى انطوانيت سيدة فرنسية لا ترى ضرراً ولا ضراراً من اعتناق الفكر "الجاتوهى" لحل أزمة رغيف العيش، وأن الدكتور نظيف راجل مصرى وبالتالى لا يقبل فكرة الجاتوه بديلاً لرغيف العيش، ولذلك ربما يكون قد اقترح البقسماط مثلاً، خاصة أن الكثير يعتقد أن الدقيق المخصص للأفران البلدى يتم تسريبه للأفران الإفرنجى المنتجة للبقسماط،وبالتالى اتخيل أن الدكتور نظيف عندما ابلغوه بالأزمة اندهش وقال مثلاً "مش لا قيين عيش ؟.. ما ياكلوا بقسماط".