أكد، تميم بن حمد آل ثان، أمير دولة قطر، أن اجتماع قمة مجلس التعاون الخليجى تأتى فى ظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد، معربًا عن أمله فى أن تؤسس القمة انطلاقة جديدة لمسيرة التعاون الخليجى. وقال تميم بن حمد آل ثان، أمير دولة قطر، فى كلمته بافتتاح الدورة ال 35 لقمة مجلس التعاون على مستوى القادة مساء اليوم، إنه "إزاء التحديات والمخاطر لا يجوز لنا أن ننشغل بخلافات جانبية"، مضيفا أنه "انسجاما مع مبادرة خادم الحرمين سنبقى نواصل الجهود لتحقيق الاتحاد الخليجى". وأضاف تميم بن حمد آل ثان، أمير دولة قطر: "آن الأوان لمجلس التعاون الخليجى أن يحدد موقعه فى الإقليم فالدول الكبرى تتعامل وفق لغة المصالح فقط ومع من يثبت قوته على الأرض". وانتقد الشيخ تميم بن حمد آل ثان، أمير دولة قطر، الصمت الدولى إزاء جرائم النظام السورى بحق شعبه، وجرائم الاحتلال الإسرائيلى فى فلسطينالمحتلة، وقال إن مجلس الأمن فشل فى حماية المدنيين فى سوريا أمام تمسك النظام السورى بالحل العسكرى، داعيًا المجلس إلى اتخاذ قرار لوقف جرائم النظام السورى. وأشار الشيخ تميم بن حمد آل ثان، أمير دولة قطر، إلى أن المأساة السورية تزداد، مشيرا إلى أن أهم أسبابها إصابة النظام الدولى ب "عطب حقيقى"، قائلا: "نحن مع الشعب السورى فى الدفاع عن نفسه فى غياب الحل السياسى". كما دعا الشيخ تميم بن حمد آل ثان، أمير دولة قطر، المجتمع الدولى إلى أن يفرض على إسرائيل الإذعان لقرارات الشرعية الدولية، مشددا على أن "صمت المجتمع الدولى إزاء الممارسات الإسرائيلية جريمة ضد الإنسانية"، داعيا "العالم العربى والإسلامى لدعم الشعب الفلسطينى". ورحب الشيخ تميم بن حمد آل ثان، أمير دولة قطر بالاتفاق مع طهران بشأن ملفها النووى، مؤكدا ضرورة التوصل لحل الخلافات بالطرق السلمية وجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. وأكد الشيخ تميم بن حمد آل ثان، أمير دولة قطر، أن ظاهرة الإرهاب تستدعى من دول مجلس التعاون ومن المجتمع الدولى تكثيف الجهد الجماعى لمواجهتها وعلاج أسبابها. وفيما يلى نص الكلمة: "بسم الله الرحمن الرحيم إخوانى أصحاب الجلالة والسمو، أصحاب المعالى والسعادة، السيدات والسادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يسرنى فى البداية أن أرحب بكم بين إخوانكم وأهلكم فى بلدكم الثانى قطر. ويسعدنى أن أتقدم ببالغ الشكر والتقدير لأخى صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح– أمير دولة الكويت الشقيقة – على جهوده المخلصة والمقدرة التى بذلتها دولة الكويت خلال ترؤسها للدورة السابقة، والتى كان لها الأثر البالغ فى تعزيز مسيرة العمل المشترك بين دولنا وتعزيز مكانة المجلس. الدولية والإقليمية. ويطيب لى أن أشكر معالى الأمين العام لمجلس التعاون والأمناء المساعدين وكافة موظفى الأمانة على جهودهم المخلصة فى تعزيز دور مجلس التعاون الخليجى. أصحاب الجلالة والسمو، أصحاب المعالى والسعادة، نجتمع فى ظل ظروف دولية وإقليمية بالغة التعقيد والدقة تفرض علينا مسؤوليات جساما، وتضعنا أمام تحدى العمل على قدر هذه المسئوليات. وسبيلنا فى ذلك وحدة الصف والهدف، وبذل مزيد من الجهود للنهوض بعملنا المشترك والارتقاء به إلى مستوى الطموح، وبما يحقق آمال وتطلعات شعوبنا فى الأمن والازدهار. وإذ نأمل أن تؤسس هذه القمة لانطلاقة جديدة فى العلاقات الخليجية عبر تعزيز روح التآخى والتضامن فإن دولة قطر سوف تكون كعهدها مساهما فعالا فى تعميق هذه العلاقات وتعزيز التعاون والتكامل فى جميع المجالات، التى تعود بالخير على دولنا وشعوبنا. ويدفعنا السياق السياسى والاقتصادى العالمى بتحولاته السياسية والاقتصادية العميقة التى تتسم بانعدام اليقين، وما يحمله من مخاطر إلى تعزيز آليات تكاملنا الاقتصادى والتنموى وغيرها من المجالات. ولا شك أن الاتحاد الخليجى الذى تضمنته مبادرة أخى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز سيظل هدفا ساميا، ومنه إلى الاتحاد العربى بإذن الله، غير أن الإيمان بهذا الهدف والإصرار على تحقيقه يتطلبان منا أن ندرك أن خير سبيل لتحويله إلى واقع هو التحرك بخطوات تدريجية قائمة على تكامل المصالح الاقتصادية والعلاقات الاجتماعية والثقافية بين شعوبنا، ولكنها واثقة وتؤدى فى النهاية إلى تحقيق أهدافنا ومصالحنا المشتركة.. رصيدنا فى هذا إنجازات مسجلة فى صفحات التاريخ فى ظل ظروف لم تكن سهلة ميسورة. ومن ناحية أخرى، تعلّمُنا التجاربُ الأخيرة ألا نسرع فى تحويل الخلاف فى الاجتهادات السياسية وفى تقدير الموقف السياسى، والتى قد تنشأ حتى بين القادة، إلى خلافات تمس قطاعات اجتماعية واقتصادية وإعلامية وغيرها. فإذا لم تستمر آليات التعاون والتعاضد ومؤسساتهما بالعمل فى مراحل الاختلاف بالرأى فهذا يعنى أننا لم ننجح فى إرساء أسس متينة لهذه المنظمة بعد. وإذا لم تكن علاقات شعوبنا الأخوية مفروغا منها حتى فى مراحل الأزمات، فهذا يعنى أن يبقى مجلس التعاون جسما فوقيا.. ثمة بديهيات فى علاقات دول مجلس التعاون وشعوبه يجب ألا تكون موضع تساؤل فى أى وقت. وحدها الممارسة التى تضع المشترك فوق المختلف عليه، وترفع التعاون فوق الخلاف، هى التى تحوّل مجلس التعاون الخليجى إلى كيان حقيقى، وتبنى مضمونا لمقولة: إن المجلس هو المنظمة العربية الفاعلة على الساحة الإقليمية والدولية.. ويحق لنا عندئذ أن نأمل أن تشكّل نموذجًا للأطر العربية الأخرى. وإزاء التحديات والمخاطر التى تحيط بنا من كل جانب لا يجوز لنا أن ننشغل بخلافات جانبية حول التفاصيل. لقد آن الأوان أن يحدّد مجلس التعاون دوره وموقعه فى الخارطة السياسية للإقليم بناء على مكانة دولِه الاستراتيجية ومقدراتها ومصالحها المشتركة. فالدول الكبرى لا تنتظر، ولا تصغى للمناشدات الأخلاقية.. وهى كما يبدو تتعامل بلغة المصالح فقط، ومع من يثبت قوته على الأرض فى الإقليم. أصحاب الجلالة والسمو أصحاب المعالى والسعادة تتكثّف مظاهر العدوان وإرهاب الدولة، الذى تمارسه إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية عبر النشاطات الاستيطانية والاعتداء على حرمة المسجد الأقصى المبارك، وإجراءات تغيير هوية القدس الشريف وتدنيس مقدساته، وممارساتها العدائية المنافية لأبسط الأعراف الدولية.. وهى تضع المجتمع الدولى والعربى أمام مسئولية كبرى. ففيما عدا خرقها المتواصل لحقوق الإنسان واضطهادها لسكان البلاد الأصليين، وممارستها سياسة الفصل العنصرى تنذر الممارسات والسياسات الإسرائيلية بعواقب وخيمة على المنطقة، وتدمّر فرص تحقيق عملية السلام، وتحول حل الدولتين، الذى توافق عليه المجتمع الدولى إلى شعار بلا مضمون وغير قابل للتحقّق. وفى هذا الصدد يتعيّن على العالمين العربى والإسلامى اتخاذ وقفة جادة وقوية للدفاع عن مقدسات الأمة، ولا سيما فى القدس، والذود عنها وتقديم العون اللازم لدعم جهود الشعب الفلسطينى فى مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية. إن استمرار المجتمع الدولى فى الوقوف متفرّجًا وصامتًا إزاء الممارسات الإسرائيلية غير المشروعة يعد جريمة كبرى بحق الإنسانية. ونحن ندعو المجتمع الدولى وبخاصة الأطراف الفاعلة فى عملية السلام أن تفرض على إسرائيل الإذعان لجهود السلام والتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة تستند إلى قرارات الشرعية الدولية، وتفضى إلى إنهاء معاناة الشعب الفلسطينى، وعدم السماح لإسرائيل بالمساس بوضع القدسالشرقية والمحافظة على المقدسات. أصحاب الجلالة والسمو أصحاب المعالى والسعادة تزداد الحالة فى سورية مأساوية بالنسبة لهذا الشعب المنكوب. ومن أهم أسباب تفاقمها غياب رؤية واضحة لدى القوى المؤثرة فى المجتمع الدولى لحل هذه الأزمة، وإصابة النظام الدولى بعُطْب حقيقى هو ازدواجية معايير الشرعية الدولية. وقد فشل مجلس الأمن فشلا ذريعا فى حماية المدنيين من جرائم الحرب والإبادة الجماعية، فى مقابل إصرار النظام السورى على رفض الحل السياسى واعتماد الحل العسكرى الشامل. ونحن نؤكد هنا أننا كنا وما زلنا مع الحل السياسى، الذى يحقن الدماء السورية، ويلبى مطالب الشعب السورى فى التغيير والأمن والاستقرار عبر توفير الضمانات الكافية، التى تكفل حقوق هذا الشعب وتحقيق مطالبه العادلة، والتمسّك بوحدة سورية أرضًا وشعبًا. كما نؤكد أننا مع حق الشعب السورى فى الدفاع عن نفسه ما دام الحل السياسى غير متوفر، وما دامت القوى العظمى تهمّش قضية هذا الشعب فى مقابل مصالحها الأخرى. ومن هنا فإننا ندعو المجتمع الدولى مجدّدًا إلى التوافق الدولى والإقليمى، ونلحّ على أن يتخذ مجلس الأمن القرار اللازم لوقف أعمال القتل والجرائم ضد الإنسانية التى يرتكبها النظام، وتحقيق الحل السياسى الذى يلبى تطلعات الشعب السورى. أصحاب الجلالة والسمو.. أصحاب المعالى والسعادة تفرض الأوضاع الراهنة فى العديد من الدول العربية الشقيقة فى ليبيا واليمن والعراق ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية من أجل مساعدة تلك الدول على تجاوز الظروف الراهنة.. ونأمل أن تتوافق الحكومات والقوى السياسية فى تلك الدول على مصالحات وطنية تضع حدا لأعمال العنف وتلبى تطلعات الشعوب فى الأمن والاستقرار. وتتطلّب هذه المصالحة منهجا واقعيا وعقلانيا يقدم المصلحة الوطنية على المصالح الجزئية، ولا يقصى أيا من المكونات الاجتماعية أو السياسية، ويرفض العصبيات على أنواعها لأنها تفتت الكيانات السياسية. أصحاب الجلالة والسمو.. أصحاب المعالى والسعادة إن ظاهرة الإرهاب التى يشهدها عالمنا المعاصر، ومنطقتنا العربية على نحو خاص، وما تشكّله من تحدٍ خطير للأمن والاستقرار والتنمية تستدعى منا، ومن المجتمع الدولى بشكل عام، تكثيف الجهد الجماعى واتخاذ كافة التدابير اللازمة لمواجهتها واستئصال جذورها وعلاج أسبابها الحقيقية السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وعلينا أن ننتبه إلى معادلة بسيطة تحولت إلى شبه بديهية تاريخية، وهى أن العنف والاضطهاد والقمع وسد آفاق الأمل يقود إلى العنف. لا مجال أمامنا إلا مواجهة الإرهاب، ولكن لا بد أن تبذل جهود لتجنيب المجتمعات العربية آفة التطرف والإرهاب بالوقاية قبل العلاج.. فالشباب الذين ينجذبون إليه لا يولدون متطرفين، ولا الإرهاب صفة تميز دينا بعينه أو حضارة بعينها.. والوقاية تكون بمعالجة الأسباب المتمثلة بنقص المناعة، وبتقليل احتمالات انتشار العدوى، قبل استفحال المرض. وبالنسبة للأمن فى منطقة الخليج نشير هنا إلى أننا رحبنا بالاتفاق (5+1) بشأن الملف النووى الإيرانى، ونؤكد على موقفنا الثابت بضرورة التوصل إلى حل الخلافات بالطرق السلمية وجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل. كما نؤكد على ضرورة الحفاظ على علاقات التعاون وحسن الجوار مع الدول الشقيقة والصديقة التى تقع خارج منظومتنا. إخوانى الأعزاء.. عهدنا أن نتحرك كرجل واحد إعمالًا لقول الله عز وجل (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا) وأن نكون جميعًا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا إعمالًا لقول نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضهُ بعضًا". وختامًا أكرر الترحيب بكم فى الدوحة، متمنيًا أن تُكلَّل جهودُنا فى هذه القمة بالسداد والتوفيق، سائلًا المولى عز وجل أن نحقق ما نطمح إليه من تماسك وقدرة على تحقيق الآمال والطموحات المشروعة لشعوبنا فى الاستقرار والتقدم والازدهار. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته". وكرم أصحاب الجلالة والسمو قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الشقيقة، بمناسبة منح منظمة الأممالمتحدة لسموه لقب "قائد إنسانى" وبتسمية دولة الكويت "مركزا للعمل الإنسانى"، وذلك لجهود سموه المتميزة فى العمل الإنسانى الدولى.