يصنع الغرب كل عدة عقود «فزاعة» جديدة، ولقد كانت الحرب الباردة بين طرفين يختلفان فى النظام الاجتماعى والنهج السياسى والمسار الاقتصادى مبررًا لكى تطفو على السطح مجموعة من المواقف التى تدفع بالصراع إلى حافة الهاوية وتتحدث عن خطر داهم يكون قائمًا أو قادمًا، ولقد نجح الغرب نجاحًا باهرًا فى الدفع بالإسلام لكى يكون أداة فى مواجهة «الخطر الشيوعى» حتى ولدت التنظيمات الإرهابية بالفعل عندما تحول المجتمع الدولى إلى شطرين كبيرين يناوئ كل منهما الآخر ويحرص على إضعافه حتى ينفرد بالأجيال الصاعدة من الذين يلبون نداء الدين والوطن ويعلنون بدايةً أنه ليس لديهم خوف مما هو قادم ولكن تبقى المرارة فى الحلوق مهما طال الزمن كنتيجة طبيعية للتجاوزات التى جرت بدءًا من «ربيع براغ» 1968 ثم مقاومة الاحتلال السوفيتى السابق لدولة «أفغانستان» ولجوء الغرب إلى «الإسلام» ظهيرًا قويًا ضد الزحف الشيوعى حينذاك بحيث تنادى الشباب المسلم من كل الأقطار ساعين نحو «الجهاد» على أرض «أفغانستان». وعندما تحقق الهدف وانسحبت القوات السوفيتية من «أفغانستان» كان الميلاد الطبيعى «لتنظيم القاعدة» بكل تداعيات ظهوره على استقرار المنطقة وسلامة شعوبها وخلق حالةٍ من الاستقطاب ضد «الاتحاد السوفيتى» السابق فى ظل أجواء حربٍ باردة بحيث أصبح «الإسلام» حليفًا تقليديًا للقوى الرأسمالية المختلفة فى مواجهةٍ عسكرية وسياسية ضد الزحف الشيوعى ومخاطره المحتملة، ويومها ركز الإعلام الأمريكى على مفهوم «الجهاد» وكان يدفعه إلى الأمام فى محاولة لتوظيف «الإسلام» ليكون حزامًا قويًا حول الكتلة الشيوعية فى ذلك الوقت، وبذلك برع الغرب دائمًا فى الاستفادة من الواقع الدولى بشكل أدى فى النهاية إلى إمكانية توظيف كل القوى الدولية لخدمة أهداف الدول الكبرى.