منذ أن تولى الدكتور هانى هلال مسئولية وزارة التعليم العالى والدولة للبحث العلمى وهو يتفنن فى وضع الألغام والعراقيل فى وجه العاملين بالمراكز والمعاهد البحثية التابعة للوزارة، وآخر التصريحات الذكية التى تفتق ذهن الوزير عنها وأثارت غضب وحنق العلماء إضافة عناصر أخرى إلى قواعد الترقية بالمعاهد والمراكز البحثية من أبرزها تسجيل براءة اختراع دولية واحدة على الأقل عند الترقية للدرجة الأعلى، وهذا يعنى أن جميع شباب الباحثين سيتجمدون عند درجة مساعد باحث حتى إحالتهم للمعاش لأن شرط تسجيل براءة إختراع دولية للترقية من المستحيلات الثلاثة ومن ضرب الودع فى ظل المناخ المتردى الذى يرزخ فيه قطاع البحث العلمى فى مصر. والذى لا يعرفه الوزير أن هذا الشرط الخيالى ليس له وجود فى أى دولة من دول العالم بأسره وأن عملية تسجيل براءة اختراع دولية مكلفة للغاية لا تقدر عليها سوى الشركات متعددة الجنسيات والشركات الصناعية الكبرى وشركات الأدوية. كما أن العالم لا يعرف حتى الآن خطوات محددة يمكن اتباعها للوصول إلى منتج جديد وحديث قابل للتطبيق الصناعى فمن الممكن والباحث يعمل من أجل الوصول إلى تجربة معينة أو إلى دواء معين أن يكتشف بالصدفة البحتة فوائد أخرى للبحث ربما تكون أكثر أهمية من الغرض الذى تم إجراء البحث من أجله والدليل على ذلك أن جانبا كبيرا من الاكتشافات العلمية التى غيرت مجرى الكون تمت بالصدفة وعلى سبيل المثال لا الحصر دواء الفياجرا كان للقلب وتم إكتشاف فعاليته فى رفع الكفاءة الجنسية فيما بعد والعالم نيوتن أكتشف الجاذبية الأرضية بالصدفة البحتة. وإذا رجعنا إلى الوراء وبالتحديد إلى عام 1844 نجد أن العالم الألمانى (مارسر) أكتشف القماش المطاطى المقاوم للحريق والكرمشة بالصدفة أثناء ترشيحه للصودا الكاوية فى المعمل، حيث أتى بقطعة قماش لكى يمسك بها الوعاء بدلا من الورقة التى أحترقت وبعد أن ألقى بقطعة القماش على الأرض وجد أنها أنتفخت وأصبحت مثل قنديل البحر وعندما غسلها بالماء زال الانتفاخ وتحولت قطعة القماش العادية إلى مطاطية ومع مرور الوقت تم التوصل إلى القماش المقاوم للحريق والذى يستخدمه رجال المطافئ اليوم. وأقول للوزير أنه يمكن تسجيل براءات إختراع دولية من خلال العمل بروح الفريق وتوفر المناخ الذى يساعد على الإبداع والابتكار وليس المناخ الذى يحفز على الهجرة إلى الخارج وترك المركب لتغرق هى ومن عليها. ومن الواضح أن الوزير يحمل فى قلبه الكثير من الحب للعاملين فى قطاع البحث العلمى لأنه يطلب أن يكون كل باحث منهم مركز أبحاث عالمى ونحن مع الوزير بشرط أن يوفر لكل باحث الإمكانيات والأجهزة المتوفرة فى مراكز الأبحاث العالمية وفى معامل الشركات متعددة الجنسيات أو إقامة معمل بحثى واحد مثل الذى أقامته قناة ديسكفرى الأمريكية العلمية بالمتحف المصرى للتعرف على أسرة توت عنخ آمون من خلال البصمة الوراثية. ولم يقف حب الوزير للعاملين بقطاع البحث العلمى عند هذا الحد، بل وصل إلى تصريحه بعمل كادر خاص لأعضاء هيئة البحوث يتم فيها حذف مسمى أستاذ وأستاذ مساعد والاكتفاء بمسمى باحث وباحث مساعد لأنهم أبناء البطة السوداء ولا يمكن بأى حال من الأحوال مساواتهم بأصحاب الكعب العالى من أساتذة الجامعات. وهناك سؤال برىء هل صحيح ما يتردد فى أوساط العلماء بمراكز ومعاهد البحوث من أن البحث العلمى مجرد درج فى مكتب الوزير وأن الوزير يعطى كل وقته الثمين للتعليم العالى وللموافقة على إنشاء كليات الطب الخاصة الجديدة فى الوقت الذى أصبح فيه أعداد الأطباء أكثر من الممرضات. مساعد مدير تحرير الأهرام المسائى