"كرة القدم.. صناعة" قد تبدو الكلمة غريبة علينا بعض الشىء ولكنها أصبحت حقيقة لا جدال فيها، كرة القدم اقتصاد قائم بذاته وأى اقتصاد يتكون من منتج ومستهلك وهو ما يتوافر فى الكرة، الأندية واللاعبون هم المنتج، والمشجعون هم المستهلكون، بل إن الكرة تتمتع بميزة أخرى وهى الانتشار، فهى اللعبة الشعبية الأولى فى العالم ولا جنسية لها. نجد أن الدورى الإنجليزى يتابعه عشاق الكرة فى جميع دول العالم لذلك فهو منتج ذو قيمة عالية جدا يباع بالمليارات، ونشاهد ونسمع عن مبالغ انتقالات خيالية للاعبين، وعقود رعاية بمئات الملايين، ملايين تدفع هنا وهناك ولكنها تأتى بملايين أخرى كأرباح فتحولت الكرة العالمية استثمارية بحتة، ونجد أن نجوم كرة القدم نجوم تبحث عنهم الناس فى كل مكان فلاعب مثل: كرستيانو رونالدو عدد معجبيه على فيس بوك يتخطى 100 مليون معجب، وميسى وبيكهام وآخرون مثلا نجوم إعلانية لهم شعبيتهم الكبيرة مثل نجوم هوليوود. فى هذا المقال سوف نعرض بصورة بسيطة نظرة العالم لكرة القدم، وأين نحن فى مصر من صناعة كرة القدم. عالميًا كرة القدم تعامل على أنها مصدر من مصادر الدخل القومى ومصدر مهم من مصادر الأرباح فنجد مثلا فى أوروبا نادى بورتو البرتغالى حقق إيرادات بأكثر من 400 مليون يورو فى السنوات العشر الأخيرة من انتقالات اللاعبين فقط، وتجد ميزانية أندية مثل ريال مدريد وبرشلونة تتخطى ميزانية دول مثل موريتانيا، دورى مثل الدورى البرازيلى يصدر لاعبين بالآلاف لجميع دول العالم مما يعود بالربح على الأندية والدولة، الدورى الإنجليزى يباع بالمليارات، الكرة فى العالم كله أصبحت استثمارا حتى أن هناك غزوا عربيا إلى الأندية الأوروبية للاستثمار فيها، لم تعد كرة القدم لعبة فقط بل أصبحت كنزا بكل معنى الكلمة، ولكن ماذا عن الوضع لدينا فى مصر. "طب الكورة فى مصر ماشية إزاى؟؟ ماشية كده!! لا والله بتكلم بجد! والله زى بقولك كده ماشية بالبركة مفيش تخطيط مفيش احتراف لا يوجد لدينا دورى محترفين مثل الدورى السعودى أو القطرى أو الإماراتى مع العلم بأن الدورى المصرى من أقدم الدوريات العربية، لا يوجد لدينا محترفين مثل الجزائر أو المغرب أو تونس فغياب التخطيط أثر كثيرا على الكرة المصرية". "هل تريد دورى قوى؟ إذا كانت الاجابة نعم فعليك أولا أن تحل بعض المشاكل التى تقف فى وجه تحقيق هذا الهدف، من أهمها عودة الجماهير فلا يوجد دورى قوى بدون جماهير، حل مشاكل البث فلا يعقل أن الدورى المصرى يباع ببضعة ملايين فى المقابل نجد الدورى السعودى يباع ب4 مليارات ريال، لابد من بيع الأندية للقطاع الخاص حتى تقوم بالصرف على نفسها ويكون هدفها الأساسى هو الربح فلا يعقل أن تقوم الأندية بالصرف من ميزانية الدولة التى تعانى اقتصاديا فى الأساس، هناك مشاكل أخرى لابد من حلها حتى يتحقق لنا الانطلاقة ويصبح لدينا دورى قوى يجلب لنا الأموال". هل تريد أن يكون لديك جيش من المحترفين بالخارج؟ لابد أن تكون لدينا لوائح تساعد اللاعبين على الاحتراف والحد من تعقيد الأندية فى ترك لاعبيها للاحتراف لأنه يعود بالنفع ماديا وفنيا على اللاعب وعلى النادى وعلى المنتخب أيضا من ارتفاع مستوى اللاعبين والاحتكاك بالكرة الحديثة، لابد من وجود اتحاد كرة قوى يعمل على اكتشاف اللاعبين أو نفعل كما فعلت بلجيكا التى أرسلت لاعبيها وهم صغار إلى مختلف الأندية الأوروبية لنشاهد الآن بعد سنوات قليلة منتخب بلجيكى عالمى بكل معنى الكلمة ولاعبين يلعبون فى أفضل أندية العالم، يكفى أن تعلم أن لاعبا مثل محمد صلاح منذ انتقاله من المقاولون ووصوله لتشيلسى الإنجليزى حقق ما لا يقل عن 30 مليون جنيه مكسبا للمقاولون ناديه الأصلى، هل أدركت أن كرة القدم أصبحت كنزا حقيقيا بالفعل؟. "التخطيط السليم أساس كل نجاح" ولابد لنا من دراسة الإمكانيات المتاحة لدينا واستغلالها وننظر للمدى الطويل ويكون لدينا توجه عام نسير من خلاله حتى يتحقق لنا النجاح، وتصبح كرة القدم فى مصر صناعة مربحة مثل باقى دول العالم.