لكل جيل أستاذ ومثلما يحكى تاريخ الكرة المصرية عن حسين حجازى ومختار التتش وعبد الكريم صقر وصالح سليم ومحمود الخطيب وطاهر أبو زيد، فإن محمد أبو تريكة يستحق أن يكون أستاذ الجيل الحالى بلا منازع. النجم الأشهر والمعشوق الأول لجماهير الكرة فى مصر بات "القدوة" فى عيون كل أب يتمنى أن يرى ابنه مثل أبو تريكة فى الموهبة الكروية والأخلاقيات العالية لذا نرصد فى السطور التالية أهم المواقف الإنسانية المؤثرة فى حياة أبو تريكة فى عيد ميلاده ال36. * وفاة شقيقه "أحمد".. لا ينسى محمد أبو تريكة أصعب مرة دمعت فيها عيناه رغم أنه لا يبكى بسهولة، وكان ذلك منذ 20عاماً عندما توفى شقيقه الأكبر أحمد الذى كان يعتبره صديقه وأقرب الناس إليه لأنه كان يوجهه باستمرار، وكان يعمل محاسباً وبعد عودته من عمله سقط مغشياً عليه وفارق الحياة إثر هبوط حاد فى الدورة الدموية وهى الوفاة التى أثرت كثيرا فى حياة الساحر لاسيما بعد أن شاهد والده وهو يؤذن فى المسجد لصلاة الفجر بصوت باكى حزناً على رحيل نجله الأكبر. *ثابت البطل يفارق الحياة وآخر مشهد مع أبو تريكة.. لعب الراحل ثابت البطل مدير الكرة بالأهلى دورًا مؤثرًا فى حياة محمد أبو تريكة حيث قال عنه الأخير "تعلمت من البطل معنى الوفاء للأهلى عندما شاهدته وهو فى أشد حالات المرض يؤازر الأحمر ولا يتركه لذا حرصت على طبع قبلة على رأسه عرفانًا بقيمته فى نفوس كل الأهلاوية". وكان البطل قد حرص على حضور مباراة الأهلى والزمالك موسم 2004/2005 متحاملا على نفسه من شدة المرض وأهداه أبو تريكة هدفه فى مرمى الزمالك ليفارق البطل الحياة بعد 48 ساعة فقط من المباراة. *وفاة محمد عبد الوهاب.. تألم محمد أبو تريكة كثيرًا لفراق صديق عمره وزميله فى الأهلى محمد عبد الوهاب الذى غادر الحياة فى ريعان شبابه عندما سقط على استاد مختار التتش أثناء تدريبات الأهلى الصباحية ولم تفلح محاولات إسعافه وانتقل للرفيق الأعلى. بكى القديس أبو تريكة وانهارت الدموع من عينيه عندما وجد نفسه يشارك فى مباراة الصفاقسى التونسى فى دور الثمانية بالبطولة الأفريقية 2006 دون زميله محمد عبد الوهاب وعندما أحرز أبو تريكة هدفه وعانقت الكرة الشباك بكى بحرارة وقبل شارة الحداد فى يده ولسان حاله يقول "لن ننساك يا عبد الوهاب". * "تعاطفاً مع غزة" تضع أبو تريكة ملكاً متوجاً على عرش العروبة.. فى يوم الأحد 27 يناير 2008 خلال مباراة المنتخب المصرى ونظيره السودانى، التى انتهت بفوز المنتخب المصرى 3/صفر، كشف محمد أبو تريكة عن الشعار المكتوب على ملابسه تحت قميص اللعب عد تسجيله الهدف الثانى والذى تألف من عبارة "تعاطفاً مع غزة" وذلك فى الجولة الثانية من مباريات المجموعة الثالثة فى الدور الأول لبطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم 2008. وأشهر الحكم البنينى كوفى كودجا الذى أدار اللقاء البطاقة الصفراء فى وجه اللاعب بعد هذا التصرف. وذكر الكاف أنه حذر اللاعب لأن ذلك ضد قواعد ولوائح الفيفا.. وكان اللاعب معرضا بالإيقاف من قبل الكاف بسبب لوائح الاتحاد الدولى لكرة القدم (فيفا) والتى تدين استغلال مباريات الكرة فى أغراض أو أهداف سياسية أو عنصرية. ولم يتخذ الكاف أى عقوبات ضد اللاعب بعد مجموعة من الرسائل الإلكترونية التى وصلت إلى الكاف من قبل الصحفيين ووسائل الإعلام المتابعة للبطولة والتى تعلن تعاطفها مع اللاعب.. وصار القديس ملكا متوجا على عرش العروبة بعد تعاطفه مع القضية الفلسطينة وارتدى قميصه أطفال فلسطين تعبيراً عن حبهم للخلوق تريكة الذى واجه موقفاً صعباً فى سبيل تأييد قضيتهم فى وجه العدوان الغاشم. * إغماءة أبو تريكة فى مباراة الإسماعيلى.. لم يتحمل أبو تريكة أن يشاهد الأهلى يتجرع مرارة الهزيمة من الإسماعيلى بثلاثة أهداف فى المباراة التى أٌقيمت بينهم على استاد القاهرة فى السابع من يناير 2007 وسقط مغشياً عليه إثر كرة مشتركة وهلع طبيب الأحمر لإنقاذه والدموع تسابقه خوفاً على أمير القلوب الذى فقد الوعى للحظات وعندما استفاق أصر على العودة للملعب الأمر الذى رفضه الطبيب والجهاز الفنى والجماهير حرصاً على سلامة الفتى الموهوب الذى جلس على دكة البدلاء يبكى هزيمة الأهلى فى مشهد أُثار شجن كل المتابعين. *الخروج من كأس العالم للأندية والهتاف الجماهيرى.. هزيمتان أمام باتشوكا المكسيكى وأديلايد يونايتد الأسترالى تلقاهما الأهلى فى مشاركته فى كأس العالم للأندية باليابان 2008 كانت كفيلة بفشل الأحمر فى تحقيق مركز متقدم فى البطولة العالمية الأمر الذى جعل الساحر يأسف على تقصيره وزملاؤه فى حق جماهير الأهلى التى احتشدت بالمئات فى مطار القاهرة لمساندة الفريق والهتاف للاعبين وعلى رأسهم بالطبع محمد أبو تريكة الذى يتمالك نفسه وبكى بحرقة امتناناً لوفاء جمهور الأهلى. *شهيد بورسعيد يفارق الحياة بين يدى أبو تريكة سيتوقف تاريخ أبو تريكة طويلا عند الأول من فبراير 2012 حينما شاهد أمير القلوب وفاة 72 مشجعاً أهلاوياً أمام عينه فى استاد النادى المصرى البورسعيدى على خلفية أحداث الشغب، تعتبر هذه المرحلة هى الأقسى فى حياة تريكة لاسيما بعد أن فارق أحد المشجعين الحياة بين يدى اللاعب الذى خرج فى مظاهرة أمام بوابات القلعة الحمراء مطالباً بالقصاص من مرتكبى المجزرة حرص تريكة بعد الحادثة على زيارة أهالى شهداء المذبحة ومساعدتهم معنوياً ومالياً. وأخذ اللاعب على نفسه وعداً بعدم اللعب فى أى بطولة مصرية محلية لحين استكمال محاكمة جناة حادثة بورسعيد والقصاص الكامل منهم. *كأس السوبر أمام إنبى.. فى سبتمبر 2012 رفض تريكة المشاركة فى مباراة كأس السوبر المصرى أمام انبى مساندة لأولتراس أهلاوى فى موقفه الرافض باستئناف النشاط المحلى قبل القصاص من مرتكبى مجزرة بورسعيد. ولاقى قرار تريكة ردود فعل كثيرة بعضها كان مهاجماً للساحر والبعض الآخر اتخذ منحنى التأييد وإن كان الموقف الأصعب على أمير القلوب كان استياء زملائه من موقفه لاسيما أنه وضعهم فى موقف صعب أمام جماهيرهم التى اتهمتهم بخيانة دم الشهداء. وقررت إدارة الأهلى توقيع عقوبة مالية على اللاعب وحرمانه من ارتداء شارة القائد وحرص تريكة على الاتصال بزملائه وأعضاء الفريق لتقديم الاعتذار الرسمى لهم عما قد سببه لهم من ضغوط بسبب هذا القرار. وقد صرح تريكة بعدم شعوره بالندم عن اتخاذ هذا القرار وأنه لو عاد الزمن به مرة أخرى لاتخذ نفس القرار وصار مثالا للوفاء والاحترام لدى جماهير الأهلى. *أبو تريكة ومأساة وفاة 25 ألف شخص من الجوع.. اُختير أبو تريكة سفيرا لبرنامج الأغذية العالمى للأمم المتحدة لمحاربة الفقر، ووصف أبو تريكة عمله ذلك قائلاً "الإسلام يعالج الفقر من خلال الزكاة لأن الغنى يشعر بمحنة الفقراء. ويجب علينا أن نساعد الفقراء بقدر الإمكان حتى لا يشعروا بالغربة فى المجتمع". وقام أبو تريكة بتصوير إعلان إنسانى تليفزيونى مدته ثلاثين ثانية يركز على مأساة وفاة حوالى 25 ألف شخص يوميا من الجوع، منهم 18 ألف طفل. ويعلق أبو تريكة عن هذا الإعلان الإنسانى قائلاً إنه انتابه إحساس أثناء تصوير الإعلان برغبة عارمة لمساعدة هؤلاء المحتاجين بقدر الإمكان، كما أعرب عن استعداده التام لزيارة أى بلد أفريقى ليوجه رسالة إلى باقى نجوم الرياضة عن محنة ومعاناة ملايين الأشخاص من الفقر والجوع. كما حرص أمير القلوب على تصوير إعلان تليفزيونى لصالح مستشفى السرطان 75375 مساندة للأطفال المرضى فى محنتهم. *ضياع حلم التأهل لكأس العالم 2014.. لم يصدق أبو تريكة أن حلمه فى التأهل لكأس العالم 2014 بالبرازيل ضاع بعدما تجرع الفراعنة مراراة الخسارة أمام منتخب غانا بسداسية مقابل هدف، عاش الساحر أياماً حزينة للغاية وتيقن حينها أنه الأوان لمغادرة المستطيل الأخضر لاسيما أن تاريخه الكروى لن يشهد إنجاز قيادة الفراعنة للوصول لكأس العالم بعد غياب دام 24 عاماً فى ظل وصول سن اللاعب للرابعة والثلاثون ليؤكد أن مونديال الأندية بالمغرب مع الأهلى سيكون مشهد الوداع مع الكرة. وودع تريكة جمهور الأهلى فى مصر على طريقته الخاصة فى نهائى دورى أبطال أفريقيا أمام أورلاندو بايرتس الجنوب أفريقى بإحرازه هدف التقدم لفريقه وتقديم التحية لجماهير الأهلى العاشقة.