عادة ما يفرح المسلمون بدخول غير المسلمين إلى الدين الإسلامى، ولكنهم أيضاً اعتادوا أن يكيلوا الاتهامات لمن يغير ديانته للمسيحية أو غيرها، ويذكرونه بآيات العذاب فى الدنيا والآخرة، وقد يدعو بعضهم لقتله بدعوى تطبيق ما يسمى بحد الردة، وهو ماحدث عندما نشر خبر تغيير الصحفى المصرى مجدى علام المقيم بإيطاليا لديانته، وتعميده على يد بابا الفاتيكان مع آخرين. المثير فى هذا الخبر ليس تحول علام عن الإسلام، ولكن فيما صرح به حول ثورية الكنيسة الكاثوليكية تحت قيادة البابا الجديد الذى يكن له كثير من المسلمين كراهية بسبب تصريحاته السابقة. خطورة تصريح علام تكمن فى أنه قد يُفهم منه السعى لبدء صراع مفتوح قد يسميه البعض حرباً صليبية جديدة، فى ظل استمرار أزمة الرسوم والجدل المثار حول حدود حرية الرأى والتعبير. ومما لاشك فيه أن بلادنا تشهد مناخاً معادياً للحريات الدينية يمكن ملاحظته فى مثل هذه الحوادث أو غيرها، بدعوى الاستناد إلى المادة الثانية من الدستور، ولن تكون قضية علام أو حجازى آخر هذه الحوادث، لذا فنحن نحتاج إلى الاتفاق على مبادئ ينبغى أن تكون حاكمة للجميع، بحيث يتم ترسيخ قيمة الحرية الدينية بناء على قاعدة لا إكراه فى الدين، وإعمالا للإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وفى اعتقادى أن هناك دوراً ينبغى أن يقوم به العقلاء المعتدلون من المسلمين والمسيحيين لاستعادة التعايش الجدى بين عنصرى الأمة، بدلاً من تغذية العصبية الدينية التى تهدد دائماً باندلاع فتنة طائفية على أسباب تافهة، مثلما حدث خلال السنوات القليلة الماضية. فى اعتقادى أن هناك ضرورة للبدء فى حملة تقودها المنظمات المدنية الأهلية بهدف إعلاء قيم الحريات العامة فى بلادنا مع اقتراب إلغاء العمل بقانون الطوارئ، ويجب أن تكون الحريات الدينية فى قلب هذه الحملة حتى لايعود الحديث مجدداً حول تغيير الديانة فى بلادنا ولا تكون حديث الشارع، ساعتها سيكون من حق كل أصحاب الديانات أن يتمتعوا بالحرية الدينية بلاخوف من دعاة العصبية والعصاب الدينى. مثل هذه الحملة لن تبدأ طالما استمرأت النخبة الأوضاع الحالية التى يستفيد منها فقط مدعو التدين والساعون لخلط الدين بالدولة، إننا بحاجة ماسة للمصارحة مع النفس بأنه لايمكن الاستمرار تحت مظلة الدولة الدينية التى يروج لها أعداء الحرية والتقدم.