دعا الأثرى يسرى طه، الباحث فى مجال المتاحف وحفظ وصيانة التراث الثقافى، إلى ضرورة إنشاء متحف ل"الصورة" فى مصر للحفاظ على ما تبقى لدى مصر من تراث فوتوغرافى وبصرى، وكذلك متحف للسينما ليكون جزءا من المتحف القومى للحضارة المصرية، باعتبار السينما جزءا أصيلا من الحضارة المصرية من خلال تخصيص قاعات لتحكى تاريخ السينما المصرية منذ بدايتها بقدوم الأخوين لوميير وتقديمهم أول عرض سينمائى فى مصر فى مقهى زوانى بمدينة الإسكندرية فى يناير 1896م، ومن ثم لابد من اتباع المنهج العلمى، ووضع استراتيجيات للحفاظ على التراث الثقافى، وتكاتف المؤسسات الحكومية لاستعادة ما تمت سرقته خلال السنوات المنصرمة، وإن لم نفعل ذلك فإن عملية النهب المنظم ستتواصل حتى آخر تحفة مصرية فى أصغر متحف ومؤسسه، وكذلك إنقاذ التراث المصرى من خلال مشروعات تثقفية وإنتاجية وربطهم بالموقع أو المتحف حتى يكونوا خط الدفاع الأول له. وقال "يسرى"، إنه لم يتعرض تراث حضارى فى طول العالم وعرضه لسرقة منظمة وممنهجة ومقصودة كما تعرض التراث المصرى على وجه الخصوص والتراث العربى بشكل عام، حيث طالت عملية السرقة هذه كل شىء تقريباً، مروراً بسرقة الآثار، وانتهاءً بسرقة المخطوطات والتراث الفوتوغرافى والبصرى. وأوضح "يسرى"، أن من يقم بزيارة أى متحف كبير فى أى عاصمة غربية بخلاف بعض المتاحف العربية فسيرى بأم عينه كيف نجحوا فى تفريغ أرضنا من إرثها الحضارى إلا ما عجزوا عن نقله مثل الأهرامات وأبو الهول. وأضاف "يسرى"، قائلاً، أنتج مصورو القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين طائفة من أبرز ما أنتج من الصور وأبقاها وأكثرها دقة وصقلا على الإطلاق، ومع بداية القرن العشرين أصبحت مصر، ومنطقة الشرق الأدنى عامة مقصد، وغاية ومركز جذب أعداد وفيرة من المصورين الرواد؛ ووثقت أعمالهم تلك الموضوعات الحية، كالآثار وأعمال الحفائر والعمارة المحلية والمناظر الطبيعية؛ وكذلك الحياة الاجتماعية والأنشطة اليومية لسكان المنطقة الأصليين. وتابع "يسرى"، أنه خلال السنوات العشرين الماضية أخذ بعض المهتمين بالتراث الفوتوغرافى والبصرى وغيرهم من عشاق التصوير الفوتوغرافى بشكل فردى جمع الصور والنيجاتيف الفوتوغرافى الذى تم تصويره فى مصر منذ عام 1850 حيث كانت بداية التصوير الفوتوغرافى فى العالم منذ أن جاء المخترع كوداك لزيارة مصر، وجمعوا الكثير من ملايين الصور الفوتوغرافية والنيجاتيف الزجاجية لأن الأفلام القديمة كانت عبارة عن الواح زجاجية من ما صوره الأجانب بجنسيات مختلفة الذين حضروا إلى مصر بعيون ثقافية مختلفة فى أنحاء البلاد جنوباً وشمالاً ، على غرار ما قام به نابليون بعمل كتاب وصف مصر من خلال جمعه لصور الرحالة المستشرقين. لكن الوضع هنا يختلف، فالكثير من تراثنا الفوتوغرافى والبصرى قد رحل عن أرض الوطن فى صورة روبابيكيا حيث تربح من هذه الثروة الثقافية من يعرف قيمتها، كل ذلك فى ظل غياب مؤسسات الدولة المسئولة عن حماية التراث الثقافى المصرى، غياب الإدارة المنهجية لمؤسساته، وقصور التوثيق والتأمين اللازم لمفرداته، والتدهور المادى والفكرى، ونقص الخبرات اللازمة للتتعامل مع التراث، فمصر من أبرز الدول المالكة للتراث الحضارى، وبفضله استطاعت أن تحتل مركزًا مرموقًا بين دول العالم، وشباب مصر قادرٍ على إنقاذ تراثه. وأضاف "يسرى"، أنه مع كل ساعة تمر، يعلن التراث الثقافى وداعه لأرض مصر، عله يجد من يقدره فى متاحف برلين أو لندن، فعشرات السنوات وهو على هذه الحال "تهميش واهمال واتجار غير مشروع"، بين حكومة مغيبة ومسؤولين جهلوا قيمة ما يملكون من تراث وكوادر شبابية، فتركوا المغتصبين يفعلوا ما يشاءون بتراثنا ..فلا نندهش عندما تجد مجموعة من الصور والأفلام النادرة التى توثق وترصد مصر عبر أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين قد عرضت فى متاحف الصورة التى بدأت تنتشر فى العالم وبعض البلاد العربية ، والبقية تأتى. وأوضح "يسرى"، أنه فى الآونة الأخيرة أخذ مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى بالقرية الذكية على عاتقه مهمة تيسير التعامل الآلى "الأوتوماتيكى" مع أرشيفات أكبر عدد ممكن من قدماء المصورين المستشرقين؛ تضم قاعدة بيانات التراث الفوتوغرافى المصرى، تصنيفات من: سلبيات ألواح زجاجية، وصور قديمة مطبوعة على الألبيومين (زلال البيض) ملونة بصبغ السبيدج (السيبيا)، وألواح فضية ملونة بالسيلينيوم؛ قد صمدت لفعل الزمن؛ كما يضم الأرشيف مجموعة لينرت ولاندروك الفريدة من 1200 صورة عالية الجودة - أبيض وأسود؛ مصنفة موضوعياً، بالإضافة لبعض المجموعات الأخرى التى جمعت من المتاحف المحلية والدولية .. وكذلك من المجموعات الشخصية (الخاصة). وتساءل "يسرى"، قائلاً، على من يقع الدور الحقيقى فى حماية التراث الفوتوغرافى والبصرى لمصر فى ظل سرقات خفية تتم للتراث المصرى المادى وغير المادى .. هل على وزارة الآثار أم على وزارة الثقافة متمثلة فى المركز القومى للسينما، أم على التليفزيون المصرى الذى سرقت أصول أفلامه الفوتوغرافية والبصرية، وبيعت لبعض الدول العربية أم على مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى بالقرية الذكية؟. لكن الغريب أن تستهدف الدول العربية بعضها البعض للإستيلاء على تراث الآخرين ، لتسجله باسمها ، ثم تتفاخر به بعد ذلك، رغم أنه يعد تشويها للتاريخ. ودعا "يسرى" أدعو إلى سرعة إنشاء متحف الصورة فى مصر للحفاظ على ما تبقى لدى مصر من تراث فوتوغرافى وكذلك متحف للسينما ليكون جزء من المتحف القومى للحضارة المصرية باعتبار السينما جزءا أصيلا من الحضارة، وألا نعتمد على قوانين اليونسكو بشكل مبالغ فيه لأنها مليئة بالثغرات، وبالتالى فهى لا تملك القوة الإلزامية لإرغام الدول على التقيد بنظمها، بل الأغرب أنها تشجع على التسجيل المشترك للتراث، وهذا ما يدفع دول ليس لها تاريخ وتراث واضح وملموس، أن تسارع للاستيلاء على تراث الغير ، لإرغام الدول الأخرى للتسجيل المشترك. صورة قديمة توثق لأهرامات الجيزة فى القرن العشرين إحدى الصور توثق لمهنة السقا أيام زمان صورة قديمة توثق لمنطقة وسط البلد