وأنا أشاهد التلفاز وبالصدفة وقعت عيناى على برنامج إخبارى يستضيف الثلاثة وزراء للرى وهم وزير الرى المصرى والسودانى والإثيوبى ومن حسن حظى أننى شاهدت الدقائق الأخيرة من البرنامج لأنى استشطت غضبًا حينما سمعت رد الوزير الإثيوبى قائلا: "ماضون فى استكمال إنشاء السد" وتأكدت حينها من عناد الجانب الإثيوبى والذى يؤكد لى أن وراءهم لاعبًا دوليًا آخر ويخطط لهم ويدعمهم بكل قوة. والأكثر من ذلك أنه حينما سألته المذيعة حول الدراسات الدولية التى يقوم بها خبراء دوليون لتقييم مدى تأثير السد على دولتى المصب والذى اتفق الأطراف الثلاثة بشأنها، كان رده صريحًا بأنهم لا يمثلون ضررًا لأحد وأن المشروع سيخدم دول المصب ويمثل فائدة كبيرة لهم وكأنه يخاطب أطفال سذج. وعند سؤال المذيعة عن إذا ما كان التقييم الدولى للمشروع بأنه سيضر بدول المصب فماذا ستفعل إثيوبيا حينها وهل ستلتزم بنتائج اللجنة المشكلة باتفاق الدول الثلاثة؟ كان رده صادمًا بأن المشروع الإثيوبى لا يمثل ضررًا على دول المصب وكانت إجابته واضحة ويفهم من سياقها أن المشروع سيستمر بنفس معاييره وبنفس الطريقة التى تم التخطيط بها لإنشاء السد والسؤال الآن إذا كانت الدراسات التى ستتم من قبل شركات دولية وخبراء متخصصين لا قيمة لها عند إثيوبيا فلماذا الجلوس على نفس طاولة المفاوضات والمباحثات؟! ولماذا هذا التعنت من الجانب الإثيوبى فيما يخص أي تعديل أو طرح أي حل للأزمة؟ لقد تناولت هذا الموضوع أكثر من مرة ومنذ عدة سنوات ونوهت عن ضرورة علاج هذا الموضوع قبل أن يصبح السد أمرًا واقعًا لا يمكن تغييره لابد أن يكون الدور المصرى قويًا فيما يخص مشروع سد النهضة والذى يمثل خطرًا كبيرًا على أمننا المائى وعلى سلامة أرضنا بشكل عام فلن يؤثر سد النهضة على حصة مصر المائية فقط بفعل السنوات اللازمة لامتلاء الخزان وغيرها من المشكلات المائية فضلاً عن الضرر الذى سيلحق بالسد العالى وتوليد الكهرباء منه بل وسيعرض الدلتا لخطر الغرق حال انهيار هذا السد أضف إلى ذلك أنه سيجعل مصر عرضة للزلازل. إثيوبيا تكسب أرضًا منذ سنوات واستغلت الظروف التى مرت بها مصر خلال السنوات الماضية فى العمل على سرعة الانتهاء من إنشاء هذا السد فهى تسارع الزمن حتى يكون السد أمرًا واقعًا يصعب علاج مشكلاته ويصعب اتخاذ أي إجراء فعال بشأنه. ما زلت أكرر وأكرر يجب التحرك بشكل موسع وبكل قوة لوقف هذا المشروع بشكله الحالى قبل أن يرى النور ويجب أن تستخدم كل الطرق الفعالة والمؤثرة التى يمكن من خلالها إجبار إثيوبيا على الانصياع للمصالح المشتركة لدول حوض النيل وخصوصًا دولتى المصب "مصر السودان" والعمل على إيجاد صيغة موحدة واتفاق يحفظ حقوق الجميع فى نهر النيل وفى هذا السياق يجب أن نؤكد ضرورة تكاتف كل القوى العربية مع مصر سياسيًا واستراتيجيًا وعلى كل الأصعدة فإن أي ضرر لمصر هو ضرر للأمة العربية جميعها. حمى الله مصر من كل مكروه وسوء.