سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الكابتن غزالى: لولا السويس لتحول نصر أكتوبر إلى نكسة جديدة..أحد أبطال المقاومة الشعبية: حاربنا العدو بالأشعار والأغانى الحماسية.. وأغنية أنا صاحى وفى إيديا سلاحى ملأت شوارع السويس
محمد أحمد غزالى أو الكابتن «غزالى»، أحد أبطال المقاومة الشعبية بالسويس ومؤسس فرقة أولاد الأرض، التى كانت تشدو على السمسية بأغانى الصمود، لمواجهة العدو الصهيونى، أثناء حرب 1973.. كانت كلمات أولاد الأرض «أنا صاحى يا مصر أنا صاحى أنا صاحى وفى إيديا سلاحى»، بمثابة شرارة المقاومة التى انطلقت من شوارع السويس، لتطوف بعد ذلك مع الكابتن غزالى ورفاقه شوارع مدن القنال، وتتناقلها كتائب الفدائيين، على الجبهة أثناء محاولة إسرائيل، اختراق واحتلال مدينة السويس آنذاك، ولولا صمود أبنائها وتقديمها العشرات من الفدائيين والشهداء لسقطت السويس، وتحول نصر السادس من أكتوبر إلى نكسة. غزالى الذى يبلغ من العمر 85 عاما، مازالت ذاكرته تحتفظ بالعديد من تفاصيل، عن الرابع والعشرين من أكتوبر ليس باعتباره من شهود العيان على هذا اليوم، ولكن أيضا كواحد، من الذين شاركوا فى صناعته، ولكن قبل أن تصل السويس لهذا اليوم، سبقها العديد من السنوات اكتشف فيها السوايسة، أن الفن أهم أسلحة المقاومة، خاصة عقب نكسة 67. قال غزالى، لابد أن نعرف بأنه لم يتم كتابة بطولات هذا الشعب الصامد الذى واجه النكسة، بكل صمود وكبرياء حتى يعبر هذه المحنة. السويس مدينة مصرية للنخاع، ويعيش بها كل الأطياف من جميع قرى ونجوع مصر، وأعتقد أن هذه التركيبة وموقفها التاريخى على مر العصور منحت المحافظة ميزة التحدى. وعن التهجير عقب النكسة قال الكابتن غزالى إنه كان ضرورى، واضطرت الحكومة فى ذلك الوقت إلى فعله فى ظل العدوان الصارخ والوحشى من القوات الإسرائيلية، التى وصلت للحدود ووجهت ضرباتها للبيوت والأهالى.. وتابع: أتذكر أننى كنت أتجول فى شوارع المدينة عقب النكسة مباشرة، ووجدت لافتة على أحد محلات الحلاقة مدون عليها يوم 6 يونيو افتتاح الفرع الثانى فى تل أبيب، وهو ما جعل النكسة قاسية بشكل كبير على شعب السويس العنيد. ومن هذه النقطة تحديدا كما قال غزالى، تولدت فكرة المقاومة، فالنكسة كانت كفيلة أن تنهى أمما غير مصر، لكن شباب السويس، كان يريد الخروج من المحنة، لذلك اعتمد على روح المغامرة، فكان يذهب إلى سيناء عن طريق الفلايك أو السباحة، ويقومون بإسعاف ومساعدة المجندين فى الجبهة. وأضاف بطل المقاومة الشعبية: بدأنا نلتفت إلى أهمية، اللعب على العامل النفسى فى ذلك الوقت، فالجنود الإسرائيليون على بعد خطوات وقريبون جدا منا، فكنا نذهب ونقوم بالتصفيق والحركة على الحدود حتى يشعر العدو أن هناك أعدادا كبيرة على الحدود، وفى ذلك الوقت توافد على السويس المئات من قرى مصر، وكان دورنا كيف نستطيع أن لا نجعل هؤلاء القادمين لا يشعرون بالملل، فكرنا أنا وزملائى فى إنشاء فرقة، وأطلقنا عليها «بطنية ميرى»، وتم تغيير اسمها بعد ذلك إلى أولاد الأرض، لرفع الروح المعنوية للجنود، وبدأنا نستلهم الأغانى المحفوظة، ونغير فى كلماتها ونرددها للجنود وحتى تلك اللحظة، لم يكن لدى أى علاقة بالفن والشعر وكنت آنذاك مدربا رياضيا، حيث شاركت ببطولة العالم فى الخمسينيات حتى قمت بتأسيس الفرقة. وكانت أولاد الأرض فى هذه الفترة بمثابة نشرة أخبار، وإذاعة أغانٍ للمجندين ومرثيات للفدائيين كنا نردد: «اتعلمنا منك كيف الموت ينحب.. واتعلمنا منك وقت الشدة نهب.. واتعلمنا ندوس الصعب.. نمد الخطوة ندق الكعب.. واتعودنا شهيدك يبقى عريس.. واتعودنا اليوم الكاكى ونوم يا أغلى مدينة وناس ينباس ترابك ينباس يا سويس»، هذه الأناشيد والأحاديث كانت مهمة جدا للجنود، وحتى كنا نزف بها الشهداء لقبورهم، وكان ذلك له أثر كبير للأبطال الذين كنت أقودهم بالغناء والأشعار، نحن كنا بالفعل جيشا ثانيا للجيش بالجبهة، كنا نحرس المنشآت طول اليوم، نخدم القوات التى فى المقدمة، ونغنى ونرقص ونلعب الكرة، وأقمنا مسرحا وفرقا فنية، وذلك ساهم بشكل كبير جدا فى رفع الروح المعنوية للجنود وكسر حالة الخمول والملل، وكنت واحدا من الناس الذين تنبهت لضرورة هذا الفن كسلاح. وأشار قناوى إلى التدريبات والفرق التى كانوا يحصلون عليها قبل الحرب كانت صعبة وشبه انتحارية، لأنها بمثابة تدريبات بالحركة تمتد على مسافات تقترب من 120 كيلو، مشيرا إلى أن العدو حاول تحويل نصر أكتوبر إلى هزيمة باحتلاله مدينة السويس لكن الفدائيين كان لهم رأى آخر وجعلوا السويس مدينة أشباح لقنت الجيش الإسرائيلى درسًا قاسيًا.