رغم قلة أعدادها واتساع مجالها، وثراء معارفها، لا تجد دور النشر العلمية فى مصر الإقبال المتوقع، اليوم السابع التقى مسئولى دور النشر العلمية المشاركين فى معرض الكتاب الذين تحدثوا عن مشاكلهم وحال الكتب العلمية فى مصر. يقول هانى عبد الله، مدير مبيعات دار العلوم للنشر والتوزيع، "الإقبال على الكتاب الأكاديمى ضعيف جدا، وتقتصر مبيعاتنا على الجهات الدراسية والجامعات والمراكز البحثية والمكتبات التى تحتاج هذه الكتب لعرضها على باحثين أو فى مكتباتها، لكن الطلبة أو الأفراد العاديين ليس لديهم أى ميول لهذه النوعية من الكتب، نظرا لارتفاع سعر الكتاب بسبب حقوق المؤلف الذى يطلب مبلغ كبير، بالإضافة إلى أننا لابد أن نهتم بمظهر الكتاب"، مضيفا أن غياب ثقافة قارئ الكتاب العلمى المتخصص أزمة ليست فى مصر فقط لكن فى العالم العربى أيضا. أوضح عبد الله أن دور النشر العلمية فى مصر تواجه منافسة كبيرة من دور النشر العربية المتخصصة فى نشر الكتب العلمية قائلا "أصبح المؤلفون المصريون أنفسهم يتجهون إلى دور النشر العربية التى تدفع أكثر من الدور المصرية، خاصة فى الأردن، حيث يمنع أى مؤلف من النشر على حسابه، وإنما يجب أن يكون من خلال دار نشر". ومن أمام "دار الفلاح" لاحظنا عدم وجود جماهير، فتوجهنا إلى خالد مرزوق، المسئول عن دار الفلاح، أن غياب السوق الجزائرى هذا العام أثر على مبيعات الكتب العلمية قائلا: "الجزائريون كانوا بيشتروا الكتب المقررة عليهم فى الدراسة، لكن بشكل عام فالكتب العلمية لا تحقق المبيعات التى توازى الأنواع الأخرى من الكتب، فالفرد العادى مش هيدفع 100 أو 150 فى كتاب إلى حد ما المعلومات فيه جادة، فى الوقت الذى لا يتمتع فيه بثقافة قراءة هذه الكتب، حتى الطالب الجامعى فميزانيته منخفضة، أما فكرة كتب تبسيط العلوم مازالت غير موجودة فى مصر بدرجة تحقق الإقبال عليها، على الرغم من أنها اتجاه أساسى فى الكتب العلمية الأجنبية". لم يختلف الحال فى "دار بستان المعرفة"، حيث يؤكد دكتور خالد العشرى، صاحب الدار، قائلا "الدولة أصلا اتجاهها مش علمى، وبالتالى معظم القراء ليس لديهم هذا الاتجاه، حتى طلاب الثانوى أو الجامعة لا يهتمون بقراءة الكتب العلمية المتخصصة ويعتبرونها "تقيلة"، وبسبب عدم وجود الإقبال يجد الناشر نفسه أمام موقف مجبر عليه، وهو نشر عدد قليل من النسخ يصل إلى 500 نسخة فقط، خوفا من عدم البيع وهو ما يضاعف سعر الكتاب. وأضاف العشرى "الطلبة خارج مصر يكون 20 % منهم فى أقسام أدبية والعلمى 80%، وهو عكس الوضع فى مصر، ويجب علينا أن نهتم بتنشئة جمهور علمى مثل هذا العالم المتقدم"، واصفا العاملين فى تبسيط العلوم بغير المتخصصين وهو ما يتسبب فى ضعف إنتاجهم قائلا: "أى حد يجمع أى كلمتين يقول أنا عملت كتاب عن الطاقة وتلاقى فيه معلومات مغلوطة وهذا طبعا يسىء لسمعة الدار". من ناحيته يقول مينا إدوارد – دار الأنجلو المصرية – "إحنا تخصصنا أكتر على الكتب الأكاديمية اللى بتتعرض علينا، رغم قلتها وأغلبها بيكون فى تربية الحيوان والزراعة، لكن هذا لا يخفى أننا بنطبع الكتب اللى عليها إقبال، إحنا بردو مش عايزين نخسر". وبنوع من التفاؤل تحدث أحمد فؤاد، مسئول التسويق بدار الكتب العلمية، قائلا "أنا بعتمد على الثقة فى أسماء الكاتب، والجمهور يأتى إلى الدار لشراء كتب بالاسم، وأحاول الحافظ على هذه العلاقة بينى وبين المؤلفين أو اقرائى الذين يتسمون بالتخصص، فهم باحثون ودكاتره وطلبة الدراسات العليا"، ولم يخف أحمد وجود مشكلة تواجه دور النشر العلمية قائلا: "أنا أطبع إعداد قليلة حتى لا أتعرض إلى بيع الكتب بعد ذلك بالكيلو". يعتمد أحمد فى الدار على الكتب المترجمة بشكل كبير وهو ما برره قائلا "الإنترنت دلوقتى سهل المعلومة، وفى ناس بتجيلى مجمعة معلومات من عليه ودمجاهم، وتقول إنها عملت كتاب، عشان كده أنا بدقق أوى فى اللى بيتعرض عليا والأحسن هو اللى بنشره، عشان القارئ يرجعلى تانى".