الداخلية: السجن والغرامة والترحيل ل25 مخالفًا نقلوا 103 أشخاص ليس لديهم تصريح بالحج    ميلوني تترك القرار بشأن رئاسة المفوضية الأوروبية مفتوحا    لامين يامال يصنع وكارفاخال يسجل هدف إسبانيا الثالث أمام كرواتيا    عاجل.. حجاج بيت الله يبدأون التوجه إلى مزدلفة بعد أداء الركن الأعظم    توقيع الكشف الطبى على 821 حالة خلال القافلة الطبية بإدفو في أسوان    85 ساحة لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك بمراكز الشباب والأندية ب كفر الشيخ    «من كل فجٍّ عميق».. السعودية تكشف عدد الحجاج هذا العام    إيرادات فيلم اللعب مع العيال في 3 أيام عرض    تحذير مهم من «الإفتاء» بشأن تلويث البدن والثياب والممتلكات بدماء الأضاحي    بعثة المجموعة الإنمائية «SADC» تطلع على التجربة المصرية في التعليم الرقمي    مساجد الإسكندرية انتهت استعداداتها لاداء صلاة عيد الأضحى    الهلال الأحمر الفلسطيني: الاستهدافات الإسرائيلية للمنشآت والمرافق تستهدف إبادة مقومات الحياة في غزة    عودة البريق لألبومات الصيف بموسم غنائى ساخن    ما أسباب تثبيت الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة؟.. خبير اقتصادي يجيب    لكل مشتاق لزيارة بيت الله الحرام.. شاهد| دعاء مؤثر لأزهري من جبل عرفات    د. أيمن أبو عمر: يوم عرفة فرصة للطاعة والتوبة    أسقف جنوب سيناء ووفد كتدرائية السمائيين يهنئون المحافظ بعيد الأضحى    قبل احتفالات عيد الأضحى.. احذر من عقوبات التنمر والتحرش والتعدي على الغير    بعد تريند «تتحبي».. تامر حسين يكشف تفاصيل تعاونه مع عمرو دياب للأغنية 69    محمد رمضان يشوق محبيه بطرح «مفيش كده» خلال ساعات | صور    عيد ميلاد صلاح.. عودة أوروبية وحلم إفريقي في عامه الجديد    وزير سعودي خلال زيارته للفلسطينيين في مكة: لا مكان لمن يقتات على الفتن في هذه البلاد المباركة    "الخضيري" يوضح وقت مغيب الشمس يوم عرفة والقمر ليلة مزدلفة    هل يجوز للحاج أن يغادر المزدلفة بعد منتصف الليل؟.. الإفتاء تُجيب    حزب المؤتمر يهنئ الرئيس السيسى والشعب المصرى بعيد الأضحى    «الغذاء والدواء السعودية»: شرب الماء بانتظام وحمل المظلة يقي الحاج الإجهاد الحراري    إحالة مديري وحدتي الرعاية الأساسية بالميدان والريسة ب العريش للتحقيق بسبب الغياب    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحذر الحجاج من الوقوف في منطقة تقع على حدود جبل عرفات في السعودية ويشير إلى أنها "يفسد الحج".    محمد شريف يعلن تفاصيل فشل انتقاله ل الزمالك    خطبة وقفة عرفات الكبرى: الشيخ ماهر المعيقلي يخاطب أكثر من مليوني حاج    كم تكبدت الولايات المتحدة جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟    ميسي يتصدر قائمة الأرجنتين النهائية لبطولة كوبا أمريكا 2024    أردوغان: النصر سيكون للشعب الفلسطيني رغم همجية إسرائيل ومؤيديها    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    وزير الصحة السعودى: انخفاض حالات الإجهاد الحرارى بين الحجاج    الدفاع المدنى الفلسطينى: قطاع غزة يشهد إبادة جماعية وقتلا متعمدا للأطفال والنساء    عروض الأضحى 2024.. «يوم عاصم جدا» يعود من جديد على مسرح السلام    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري يوم السبت 15 يونيو 2024    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الترجمة التخصصية باللغة اليابانية بآداب القاهرة    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في بورسعيد    بقرار من المحافظ.. دخول ذوي الهمم شواطئ الإسكندرية بالمجان خلال العيد (صور)    خلال جولة مفاجئة.. محافظ المنوفية يوجه «منافذ الزراعة» بتتخفيض أسعار اللحوم (صور)    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    عن عمر يناهز 26 عاما.. ناد إنجليزي يعلن وفاة حارس مرماه    أخبار الأهلي : هل فشلت صفقة تعاقد الأهلي مع زين الدين بلعيد؟ ..كواليس جديدة تعرف عليها    طريقة عمل الجلاش باللحمة المفرومة، أكلة سريعة التحضير    تدعم إسرائيل والمثلية الجنسية.. تفاصيل حفل بلونديش بعد المطالبة بإلغائه    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 يونيو 2024    ميناء شرق بورسعيد يستقبل سفنينة تعمل بالوقود الأخضر    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    بقايا الجيل الذهبي تدافع عن هيبة تشيلي في كوبا أمريكا    وفد "العمل" يشارك في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي بجنيف    مصادر أمنية إسرائيلية: إنهاء عملية رفح خلال أسبوعين.. والاحتفاظ بمحور فيلادلفيا    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة المياه تدخل موسوعة "جينيس" بأربعة أرقام قياسية (فيديو)    يسع نصف مليون مصلٍ.. مسجد نمرة يكتسى باللون الأبيض فى المشهد الأعظم يوم عرفة    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    دي لا فوينتي: الأمر يبدو أن من لا يفوز فهو فاشل.. وهذا هدفنا في يورو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسرار الحرام.. مذكرات زكريا عزمى.. سر ال47 يوما الغامضة التى اختفى فيها رئيس ديوان الرئاسة الأسبق داخل مكتب مبارك.. حلقات ترصد معارك غير مكتوبة لشخصيات شاركت فى تعقيد مصير البلاد

مذكرات الكبار.. بعضها طل برأسه ثم اختفى، وبعضها تلاشت أوراقه بعيدا عن الأنظار تحت وطأة الخوف من نتائج صراع الأسرار داخل أروقة السلطة..
نقول عنها أسرار لأنها أسيرة صدور أصحابها، ونمنحها لقب الحرام لأنهم سرقوا بإخفائها حق الناس فى المعرفة، وحق الوطن فى الاكتشاف، ونعرف أنها كتبت بخطوط كثيرين بداية من زكريا عزمى وسوزان مبارك وجمال عبدالعزيز إلى عمر سليمان وسامى عنان وأحمد شفيق والبابا شنودة وكمال الشاذلى وياسر على، واختلفت حول نفس القصص والأشخاص ونقلت جميعها روايات مختلفة لنفس الوقائع ولكن جمعها دوما عامل مشترك واحد.. لم تصل جميعها إلى المطبعة.!!
والطريق إلى المطبعة بالنسبة لمذكرات تحمل هذه الأسماء ليس صعبا، أغلبهم حصل على عروض بنشر مذكراته أو تسجيله تلفزيونيا ولكن ذلك لم يحدث بفعل فاعل، فاعل مجهول ومتنوع.. موت يخطف صاحب المذكرات قبل إتمامها، حسابات سياسية تدفعه للترقيع والتمييع فى حكاياته حتى يكتشف أنها أصبحت قصة ماسخة فيقرر أن يحتجب بها عن الناس، أو تحذيرات أهل يعلمون أن لصاحب المذكرات قصصا لأشخاص أصحاب نفوذ سيموت هو ويترك لهم معاركها، أو تعليمات وأوامر من أجهزة تستخدم دوما شعار الحفظ على الأمن العام من شوشرة النميمة السياسية التى قد تتضمنها أى من مذكرات هؤلاء.
فى مصر تعودنا على أن صدور كبار أهل السلطة عبارة عن قبور تدخلها الأسرار لتموت وتختفى مع احتمالية أن تخرج بعض تفاصيلها وأشلائها عن طريق «النبش» بشائعة هنا أو نصف معلومة هناك أو ورقة كتبها المسؤول الكبير تمهيدا لإصدار كتاب للذكريات الضائعة، ووقوع فعل «النبش» هنا أمر استثنائى جدا ربما لأن أهل السلطة فى مصر لا يتحدثون سوى بتصاريح مسبقة، وربما لأن أغلبهم يحفظ عن ظهر قلب تاريخ بلكونات لندن، وحكايات الانتقام السياسى.
لا شىء يزرع القلق فى نفوس المسؤولين المصريين الكبار، سواء السابق منهم أو الحالى، أكثر من فكرة وجود واحد من بينهم يسجل يومياته أو يستعد لتدوين مذكراته بعد التقاعد، فى بلد لا يعرف معنى حرية تداول المعلومات، ويفرض أطواقا من الحظر حول أى تفاصيل حتى ولو كانت خاصة بصناعة «اليويو» فى مصر، وتعتبر تصريحات المسؤولين الكبار ومتوسطى القيمة والوزراء بمثابة أسرار حربية لا يجوز نشرها أو التعامل معها إلا بعد «فلترة» تصبح أى دردشة أو تصريحات أو تدوينات غير مراقبة رسميا خطرا أشد من خطر الحروب على الأمن الخاص بالسلطة ورجالها.
الإعلان عن تسجيل وتدوين مذكرات أى صاحب سلطة فى مصر يزرع القلق فقط ويدفع كل صاحب يد طويلة أو نفوذ محترم لأن يضغط على كاتب المذكرات مستفسرا عن طبيعة المكتوب، وعن نوعية ما تم تدوينه، ويبدأ كل صاحب «بطحة» فساد على رأسه فى طرح سؤال واحد لا يخرج عن الصياغة الآتية: (هو اسمى موجود فى الورق ده؟!)، هذا ما يفعله الإعلان عن كتابة مذكرات سياسية جديدة، أما وجود احتمالية ظهور أو وجود مذكرات أو أوراق تحمل تسجيلات يومية لمسؤول راحل كان صاحب قوة ونفوذ فى يوم ما فتلك هى القاتلة، لأن تلك الحالة تعنى أن السادة المسؤولين الذين كانوا شركاء للمسؤول صاحب المذكرات المحتملة لن يجدوا أحدا ليسألوه عن مضمون ما كتب، أو يطلبوا منه حذف سطور معينة، أو يضغطوا عليه لحرق ما كتب وتحويله لرماد.. ولهذا تنحرف دوما الأوراق عن مسارها ولا تعرف طريقها إلى المطبعة إما خوفا أو تحت تهديد أو بسبب الجهل الذى يمنع كثيرين فى مصر من إدراك الحقيقة القائلة بأن ما فى جعبة كل مسؤول من معلومات ليس ميراثا عائليا يخصه ويخص أهله، بقدر ما هو جزء من ممتلكات هذه الدولة لها حق الاحتفاظ به والاطلاع عليه ومنح الناس فرصة إعادة قراءة الواقع والتاريخ من خلالها.
فى تلك الحلقات محاولات للنبش فى مذكرات أعلن أصحابها عن الشروع فى كتابتها، ثم اختفوا هم أو اختفت مذكراتهم تحت وطأة عوامل كثيرة مجهولة مما ذكرناها سالفا، نحن لا ندون أسرارا باسم أحد، ولا نكتب يوميا أحد.. نحن فقط نبعثها من جديد، ننفخ فى الرماد المدفون أسفله تلك الأسرار حتى تتكشف لنا طبيعة مؤامرات السياسة وصراع السلطة خلال السنوات الماضية الأخطر فى عمر مصر.
لكل من ضيوف هذه الحلقات أسرار غير معلنة، ولكل منهم قضايا شائكة تحتاج إلى رد، ولكل منهم سيرة معارك غير مكتوبة قررنا فى هذه الحلقات أن ننشرها عليكم حتى لا تضيع الحقيقة أبداً..
بداية رقمية..
31 مارس 2011
صدر قرار رسمى بعزل زكريا عزمى من منصبه كرئيس ديوان رئيس الجمهورية، ليكتشف الناس مع القرار أن مخزن أسرار مبارك ورجل القصر القوى ظل بمفرده داخل مكتب الرئيس المخلوع لمدة 47 يوما بالتمام والكمال.. ترى ماذا فعل وعلى أى معلومات حصل، وأى وثائق فرم أو حرق أو طمس؟
21 أكتوبر 2012
أعلن كبير موظفى الرئاسة لقطاع الشؤون الإدارية أن زكريا عزمى ومساعديه قاموا بفرم عدد من المستندات والوثائق الخاصة بمبارك وبأعمال الديوان وبمراسلات فترة الثورة وتهريب البعض الآخر خارج القصر خلال فترة ال47 يوما التى قضاها داخل القصر بشكل غامض.. عقب رحيل مبارك؟
منتصف فبراير 2012
نشرت الصحف معلومات تؤكد أن زكريا عزمى بدأ فى كتابة مذكراته عن فترة عمله مع مبارك فى محاولة لإثبات أن بعض من الأمور التى يريد الناس محاسبته عليها كانت مجرد أوامر رئاسية يقوم تنفيذها، ولكن نفس المعلومات أكدت أنه تلقى تحذيرات أسرية من الإعلان عن نشر المذكرات فى هذا التوقيت.
أيام زكريا عزمى الغامضة داخل القصر الرئاسى بدون سوزان ومبارك وجمال
ومن هنا يبدأ السؤال.. هل استخدم زكريا عزمى أيا من هذه الوثائق الخاصة بالفترة الصعبة فى تاريخ نظام مبارك داخل مذكراته التى بدأ فى كتابتها داخل السجن؟ هل استجاب عزمى لتحذيرات زوجته بتأجيل مشروع نشر المذكرات خوفا من الانتقام، أم جاءت البراءة والخروج من السجن دافعا على تجويد نص مذكراته وتأجيلا لها لتهدئة الأجواء مع سلطة جديدة لا تبحث عن النبش فى أزمات وأسرار الماضى؟.. أى من هذه الأسباب وقف حائلا ضد وصول مذكرات زكريا عزمى أخطر رجال مبارك إلى المطبعة؟
لنبدأ القصة من بداية النهاية..
انقلب المكان رأسا على عقب، امتلأ بالضجيج وصراخ الهتافات ومشاورات اللحظات الصعبة ونقاشات الهزيمة، ثم فجأة أصبح القصر خاويا، رحل الرئيس وزوجته ومعهما الأبناء والأحفاد..
أحرق بيان التنحى القصر بأكمله، لكن أحدا لم يظن أن الأفعى بقيت فى العش ولم ترحل..
كان على أحدهم أن يتوقف لحظة ويسأل: كيف تبقى الأفعى بعد أن رحل صاحبها؟! ولماذا تصمم على البقاء رغم أجواء حريق الثورة الساخنة؟.. ولكن أحدا من أهل الثورة أو القانون أو الدولة لم يفعل..
لم يسأل أحد ولم يندهش كائن حى من بقاء زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية داخل القصر الرئاسى لمدة 47 يوما تقريبا بعد رحيل مبارك عن القصر وإعلان تنحيه وانتهاء العمر المفترض لنظامه السياسى بفعل ثورة 25 يناير، وبالتبعية لم يسأل أحد نفسه، ولم تسأل الدولة زكريا عزمى نفسه ثلاثة أسئلة:
1 - مالذى يمكن أن يفعله رجل بخبرة ودهاء زكريا عزمى فى أوراق تخص 30 عاما من عمر الدولة المصرية يطلب الشعب مراجعتها من أجل لحظة الحساب؟
2 - كم ورقة، كم مستندا، كم معلومة، نجح زكريا عزمى فى تهريبها خارج القصر خلال 47 يوما؟
3 - هل سيأتى عليه يوم ما ويهدد خصومه بنشر بعض مما حصل عليه فى مذكرات خاصة كما يفعل أهل السياسة والبيزنس فى الغرب؟
يسأل الناس الآن عن سر حالة الهزال والضعف التى تبدو عليها أدلة إدانة مبارك فى قضايا الفساد أو قتل المتظاهرين، كما يسألون أيضا عن خبايا إدارة مبارك لأحداث مظاهرات 25 يناير، وطبيعة الأوامر التى أصدرها مبارك أو المفاوضات التى دارت بينه وبين رجال حكومته وأجهزته السياسية، يطرح الناس دوما هذه الأسئلة ولا تأتيهم إجابة، ولا يتبع أسئلتهم سؤال يقول: وماذا لو كانت كل هذه الإجابات موجودة فى أوراق هربها أو سربها أو فرمها زكريا عزمى فى الفترة من 11 فبراير وحتى يوم 30 مارس 2011 اليوم الرسمى لخروجه من قصر أصبح على يقين أنه قد يلفظه إلى الشارع أو السجن بعد أن لفظ سيده مبارك إلى فيلا شرم الشيخ؟
ألا تجدها منطقية بعض الشىء أن من يخشى العقاب بعد ثورة يعلم تماما أنها قامت ضده كنموذج للفساد، سيجتهد فى محو معالم جرائمه سواء بالفرم أو الإخفاء أو الطمس أو بالاستحواذ على مايساوم به؟ ألا تجدها طبيعية الحدوث خاصة إذا كنا نتكلم عن رجل يشغل منصب رئيس الديوان والمتحكم الأول فى كل شىء داخل القصر بداية من المكالمات الصادرة والواردة، وحتى الأوراق التى تبتلعها ماكينات الفرم؟
فى يوم 31 مارس نشرت الصحف خبرا صغيرا لم يلفت انتباه الناس وسط ضجيج أخبار الميدان والمظاهرات وقفز رجال مبارك من المركب، كان الخبر يقول بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى تولى إدارة شؤون البلاد عقب تخلى حسنى مبارك عن السلطة أصدر سلسلة من القرارات بتعديلات القيادات الصحفية فى المؤسسات القومية، بالإضافة لإقصاء قيادات أخرى وعدد من الموظفين العاملين بمؤسسة الرئاسة، على رأسهم الدكتور زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية بقصر عابدين، وسعيد زادة كبير الياوران، ومحمد ملوخية ومصطفى العطار، الخبر بمفرده لا يقول شيئا، ولكن مع حسبة بسيطة تكشف أن زكريا عزمى- كما قلنا- مكث فى القصر الرئاسى بعد رحيل مبارك منذ 11 فبراير بعد ليلة التنحى وحتى 30 مارس 2011.. ترى هل جلس يستدعى ذكريات الماضى الجميل أم كان يتحرك لإنقاذ المستقبل القريب بإخفاء مستندات أو فرمها؟!
بعد هذا التاريخ بأيام انتشرت فى الأجواء تسريبات أكدها تصريح اللواء شفيق البنا الرئيس الأسبق لقطاع الشؤون الفنية والإدارية فى رئاسة الجمهورية بأن زكريا عزمى خلال فترة وجوده الغامضة داخل قصر الرئاسة بعد رحيل مبارك قام بفرم جميع المستندات والشرائط فى الفترة التى أعقبت خلع مبارك حتى تم القبض عليه، وأن أجهزة الأمن تحركت للسيطرة على الأمر بعد أن وصلتها أنباء عن قيام رئيس ديوان القصر الرئاسى السابق بالتخلص من آلاف الوثائق الخاصة بحكم مبارك وتحديدا بتلك الفترة السابقة لثورة 25 يناير والأيام التى شهدت قرارات وأوراقا خاصة بالتعامل مع المتظاهرين وموقعة الجمل.
حجم المعلومات أو الوثائق التى خسرتها مصر أو النيابة بسبب الوجود الغامض لزكريا عزمى داخل القصر لا يحتاج إلى دراسة أو شواهد لتأكيد مدى أهميته، الكل يعلم أن زكريا عزمى على مدى 22 عاما كان رجل القصر القوى الذى لا تمر الأوراق أو الزيارات أو المحادثات إلا بإذنه وتحت إشرافه وكان الرجل يعمل من خلال مكتبين الأكبر فى قصر عابدين، والآخر فى قصر العروبة، ويتبع رئيس ديوان رئيس الجمهورية قطاعات الأمن والخدمات والإطفاء والمراسم، ويحتفظ مكتب ديوان رئيس الجمهورية بأصول لقرارات الرئيس المخلوع مبارك المعلنة والسرية، إضافة إلى المذكرات التى كان يتلقاها من جميع مؤسسات الدولة، وكذلك من الدول الأجنبية.
رئيس الديوان يكتب لقتل الوقت داخل السجن.. وزوجته تحذر وتعلن الخوف من ردود الفعل
إذن.. لا جدال على أن زكريا عزمى يملك ثورة معلوماتية، أخفاها عن جهات التحقيق أو غفلت عنها جهات التحقيق متعمدة، واستخدمها للتهديد مغلفا تهديده بالعنوان الشهير «زكريا عزمى يستعد لكتابة مذكراته»، وهو بالفعل ما حدث فى منتصف فبراير 2012 خلال فترة وجوده فى السجن، حينما تسربت معلومات تقول بأن عزمى بدأ فى كتابة مذكراته عن فترة وجوده فى القصر الرئاسى كنوع من القضاء على الوقت داخل الزنزانة، وأرفقت بهذه المعلومة تفصيلة صغيرة تقول بأن زكريا عزمى يفعل ذلك خوفا من مصيره، وتأكيدا على أن كثيرا مما يطلب الناس محاسبته عليه أوامر فعلها بتوجيه من مبارك شخصيا، وقالت المصادر وقتها إن زوجة عزمى وشقيقه نصحاه بأن يتراجع عن هذا الأمر لأن فكرة المذكرات والنبش فى الأسرار قد تدفع شخصيات فى الدولة للانتقام منه.
ما يملكه زكريا عزمى أخطر رجال مبارك على الإطلاق ليست أسرارا خاصة أو معلومات شخصية، بل هى تفاصيل ووثائق تخص مصر، وربما يسهم ظهورها فى حسم الكثير من الملفات القضائية العالقة بخصوص محاكمات مبارك ورموز نظامه، وبالتالى فإن التنقيب عنها بين تصريحاته أو إعادة نبش القبر الذى يختزن فيه زكريا عزمى يومياته داخل القصر ليست مجرد عمل صحفى يسعى خلف عناوين ساخنة بقدر ما هو محاولة للإشارة إلى مذكرات هؤلاء القوم وتلك الشخصيات التى تنتمى إلى فئة زكريا عزمى إن لم تكن تهم السلطات الحاكمة، أو إن شئنا الدقة تتعامل معها السلطات الحاكمة وفق تصورات وحسابات خاصة، فإنها تشكل حقا من حقوق المعرفة للمواطن المصرى، خاصة إذا كنا نتكلم عن رجل مثل زكريا عزمى تقول التركيبة الخاصة بالقصر الجمهورى ومساعدى الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك إنه الأقوى والأخطر على الإطلاق.
انظر إلى هذه التركيبة الإدارية وستتعرف أكثر وأكثر على طبيعة وأهمية ما يمكن أن تقوله مذكرات أو أسرار زكريا عزمى، مبارك كان مهتما بشكل وتكوين الموجودين حوله، وجاءت اختياراته فى الأغلب عسكرية وقائمة على المعرفة السابقة، ولذلك تجد الأسماء محصورة فى اللواء أبوالوفا رشوان، سكرتير الرئيس الذى خرج مؤخرا إلى المعاش بناء على وشاية أو مؤامرة قادها زكريا عزمى وتابعه جمال عبدالعزيز للخلاص من آخر الرجال المقربين للرئيس، وهى الخطة التى بدأت بالإطاحة بأسماء أخرى كثيرة مثل شفيق البنا، وطلعت الطوبجى، وهى الأسماء التى خرجت من القصر الرئاسى بشكل مفاجئ، وبدون إبداء مبررات مقنعة ومنطقية مثلما حدث مع مصطفى الفقى وأسامة الباز، هذه الأسماء وغيرها ممن بقوا حتى آخر نفس أو رحلوا فى ظروف غامضة قبل ذلك كانوا يدورون فى فلك الرئيس وفق هيكل إدارى تم تعديله وتنظيمه مرتين منذ تولى الرئيس مبارك الحكم، الأولى كانت فى عام 1983 بعد أن أصدر الرئيس القرار رقم 259 بتشكيل رئاسة الجمهورية، والقرار 260 لسنة 1983 بتحديد اختصاصات أمين عام رئاسة الجمهورية، والثانية عام 1989 حينما أصدر القرار 73 المكون من 5 مواد نظمت العمل فى رئاسة الجمهورية، وهذا الهيكل الرئاسى ينقسم إلى ثلاثة تشكيلات، التشكيل الأول هو ديوان رئيس الجمهورية ومقره قصر عابدين ويرأسه الدكتور زكريا عزمى، ويتكون من 18 قطاعًا وإدارة، أما التشكيل الثانى من الهيكل الرئاسى فهو مكتب رئيس الجمهورية ومقره مصر الجديدة فى مواجهة إدارة الشرطة العسكرية، وهذه الإدارة كانت تتولى تأمين وتشفير كل اتصالات الرئيس السابق وكبار الشخصيات المهمة فى الدولة، كما تتولى قسم الصحافة الذى يلخص كل الأخبار والتقارير الصحفية ويضعها فى شكل كروت تضم عنوان الخبر واسم الجريدة واسم الصحفى، لتكون جاهزة فى تمام السادسة صباحا أمام الرئيس ليقرأها ويطلب تفاصيل ما يلفت انتباهه منها، أما التشكيل الثالث فهو سكرتارية رئيس الجمهورية ومقره داخل قيادة الحرس الجمهورى بشارع منشية الطيران بروكسى، ويرأسها اللواء جمال عبدالعزيز.
ومن وحى التشكيل السابق تفهم أن كل ما يرد لمبارك من معلومات، وكل ما يخرج عن مبارك من معلومات أو قرارات لها ممران يتحكم فيهما زكريا عزمى، وجمال عبدالعزيز الذى كان رجلا مخلصا لزكريا عزمى، وحينما تضيف إلى ما سبق علاقة زكريا عزمى بسوزان مبارك تدرك تماما أن زكريا عزمى لم يكن مجرد رئيس لديوان رئيس الجمهورية بل كان نظارته التى يرى بها شؤون الحكم، وأذنيه التى تنتقى ما يسمعه، وهنا تحديدا تكمن الخطورة.. خطورة ما يملكه زكريا عزمى من معلومات.
عزمى يخوض معركة السيطرة على مبارك بمساعدة سوزان.. والجنزورى وأبوالغيط يشهدان
معلومات زكريا عزمى فى مذكراته ليست مجرد إجابات عما كان يفعله مبارك، بل هى مجرد طرقات على باب الألغاز الأهم، ماذا كان يفعل زكريا عزمى داخل قصر الرئاسة، وهى الأمور التى ربما بسببها لم تعرف المذكرات طريقها للمطبعة بعد، ولذلك دعنا نلق بتلك الأحجار فى مياه مذكرات زكريا عزمى الراكدة.. أول هذه الأحجار يتعلق بالتعاون المخابراتى بين زكريا عزمى وسوزان مبارك، قرينة الرئيس المخلوع فى آخر سنوات حكمه لم تسع إلى شىء بقدر ما سعت إلى تمهيد الطريق نحو توريث نجلها جمال السلطة، ولم تجد حليفا فى تنفيذ ذلك أفضل من الرجل الذى يسيطر على ما يجب أن يعرفه أو لا يعرفه الرئيس، ووصل الأمر إلى زرع أجهزة تنصت لمراقبة مبارك، والتسجيل لكل العاملين داخل القصر، واخترع زكريا عزمى مسارا مختلفا للخطابات الرئاسية منذ اللحظة التى أصبح فيها مشروع التوريث قائما وحقيقة، حيث أصبحت الخطابات تتخذ مسارا يبدأ بالدخول أولا إلى مكتب جمال مبارك ثم إلى مبارك بعد ذلك.
زكريا عزمى قالت الصحف فى نوفمبر 2011 إنه يكتب مذكراته ليبرئ نفسه من بعض قرارات مبارك، بينما مذكرات الآخرين من أهل السياسة تقول بأنه كان يورط مبارك، وزير الخارجية السابق أحمد أبوالغيط فى مذكراته التى صدرت مؤخرا يقول إنه عند توليه الخارجية عام 2004، لم يجد مبارك متقد: «تفاجأت حين ظهر مبارك شخصا مختلفا متقدما فى السن، أخذ حزمه وتركيزه يتناقصان».. ومع تراجع دور مبارك كان دور زكريا عزمى «رئيس الديوان» يتضاعف ويتسع حتى أصبح زكريا عزمى هو مفتاح القصر. الجنزورى هو الآخر فى مذكراته التى صدرت العام الماضى عن دار الشروق يعزز أمر سيطرة زكريا عزمى على مبارك تماما برواية يقول فيها: «فى آخر أغسطس 1999، وكان يوم أربعاء أذكره جيدا، إذ كانت زيارة إيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل، وفى ذات اليوم كانت زيارة السيد سليمان ديميريل رئيس جمهورية تركيا، وكان الرئيس عائدا من الجزائر صباح ذات اليوم، وأخبرنا أنه لم ينم فى الليلة السابقة.. وكان معلوما أن عدم نوم الرئيس مع زحام العمل يثير أعصابه، وهنا وجد الدكتور زكريا الفرصة بضرب العلاقة بينى والرئيس، وبدأ الأمر بأن قال لى: باراك سيصل الساعة كذا وسيادتك ووزراء الدفاع والإعلام والخارجية ستكونون فى استقباله، وعند الوصول لقصر رأس التين سيلتقى الرئيس بالسيد باراك لمدة أربعين دقيقة، ثم تنضم للاجتماع، فما رأيك؟!
قلت: فيما يتعلق بالاجتماع أدخل مباشرة أو بعد أربعين دقيقة أو لا أدخل فهذا حق الرئيس، ولكن أعلق فقط على مرافقة باراك من المطار إلى القصر، هل هذا مطلب الرئيس أم يرجع إلى رأيى، فإذا كان لى رأى فلا أحب هذا ويكفى أحد الوزراء للمرافقة.
هنا قام الدكتور زكريا بما يحب وينتظره دائما، وعند دخول الرئيس إلى القصر، ونحن ما زلنا فى الطريق من المطار، أخبره أن الدكتور كمال رفض، ولم يوضح «رفض إيه» حتى يزيد من غضبه.. وعند الوصول إلى القصر ذهب باراك إلى الحمام، وهنا طلبنى الرئيس، وبمجرد دخولى ثار علىَّ ولم يحدث هذا من قبل طوال ما يزيد على عشرين عاما حتى بكلمة عتاب أو توجيه، وقال: كيف هذا، لقد جاء بيجن رئيس وزراء إسرائيل إلى الإسماعيلية لمقابلة السادات وكنت نائبا للرئيس ولم أحضر الاجتماع.. فقلت: لم أعترض على هذا، ولكنه لم يعطنى فرصة لذكر حقيقة الأمر، وقال بصوت عالٍ: زكريا لا يكذب.. فقلت: وأنا لا أكذب.. اسمعنى يا ريس اسمعنى.. أعطنى فرصة..فقال: لا».
نساء زكريا عزمى وملف الآداب الذى تم إغلاقه بأوامر عليا للراقصة المغربية
ظهور مذكرات زكريا عزمى لم تعد مجرد مطلب للمعرفة والاطلاع، بل أصبحت ضرورة لزكريا عزمى نفسه لتبرير أو شرح مؤامراته داخل القصر الرئاسى التى شرحها الجنزورى وأبوالغيط وغيرهما فى أكثر من موضع، وتندهش حينما تعرف أن أيا من هؤلاء لم يستدعى للشهادة فى أى تحقيق خاص مع زكريا عزمى بخصوص فساده السياسى أو الإدارى داخل القصر، هى أيضا ضرورة لاستيضاح حالة الهوس النسائى التى أقرتها معلومات خرجت إلى النور فى عام 2011 حينما فجر اللواء طه الإمبابى مدير مباحث الآداب الأسبق، مفاجأة فى غاية الخطورة خلال حواره لبرنامج «محطة مصر» على قناة مودرن وتحدث عن كيفية إجباره على ترك العمل فى مباحث الآداب ثم إحالته للمعاش، لأنه ألقى القبض على سيدة مغربية تدير شبكة دعارة، وفوجئ بها تطلب زكريا عزمى على الموبايل وتطلب منه التدخل، وحينما أرسل مذكرة بالقضية لرؤسائه ضد كبار المسؤولين المتورطين، وتم إخراج المغربية من القضية بغرابة، ثم صدر قرار بإبعادها من البلاد، لكن عزمى أعادها مرة أخرى، وأكد الإمبابى أن هذه الوقائع جاءت فى دعوى قضائية أقامها أمام مجلس الدولة يطالب فيها بعودته للخدمة.
وهو أمر يجعلك تنتظر صفحات فى هذه المذكرات توضح علاقة زكريا عزمى بالمطربة لطيفة التى نقلت لها الصحف تصريحات عقب الثورة تشير إلى أن زكريا عزمى ظلمها ومنع بث أعمالها على شاشة التليفزيون.
ومن فصول خاصة بالرد على اتهامات الهوس الجنسى وقصص تعرضه للضرب من راقصة خلال حفل ساهر فى فندق خمس نجوم وسعيه للانتقام منها بإيقاف مسرحيتها ثم تصالحهما فى حفل عشاء خاص داخل نفس القاعة داخل فندق السلام الذى اشتهر بأنه المكان المخصص لعزمى وشهد كثيرا من لقاءاته وحفلاته، كان معروفا وقتها أن يوم زكريا عزمى ينتهى داخل فندق السلام فى مصر الجديدة مخصصا له للسهر برفقة وجدى كرار وجمال عبدالعزيز، إلى الفصل الخاص بالأسرار و«الرشاوى» الرئاسية، وتلك المعلومات الغامضة التى أوردتها النيابة فى التحقيقات بخصوص إهدار زكريا عزمى لملايين الدولارات من الأموال المخصصة للقصر الرئاسى فى ظروف غامضة ورد زكريا عزمى على ذلك بأنه أنفقها على سبيل الرشوة لبعض الزعماء الأفارقة وفقا لأوامر الرئيس المخلوع.. تفاصيل هذه المعلومات تتضح فى أوراق قضية تعود إلى مارس 2012 داخل أروقة نيابة الأموال العامة، وفى هذه الأوراق التى انفرد بنشرها الزميل محمود سعد الدين على صفحات «اليوم السابع» قال عزمى: «كنت فى مكتبى فى قصر عابدين واتصل بى الرئيس مبارك وأمرنى بأن أرسل مندوبا للدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى، وقالى هيديلك حاجة ابعتها لى، وبالفعل اتصلت بالدكتور فاروق تليفونيا على التليفون الأرضى الخاص بالوزراء BBX علشان أعرف إنه موجود وأبعت له حد يستلم الشنطة، ولما رد عليا الدكتور فاروق العقدة قالى: أنا مستنى المكالمة دى وابعت لى حد بسرعة، فأرسلت مندوبا من الرئاسة لتسلم الشنطة، ووضعت الشنطة فى خزينة حديدية وأبلغت رئيس الجمهورية بأنها معى، والموضوع ده اتكرر 4 مرات، وكلهم كانوا فى شهر نوفمبر 2009 والشنط ما كنتش بتقعد معايا أكثر من 24 ساعة، وباسلمها للرئيس مبارك وهو بيتصرف فيها، والشنط دى كانت تتضمن فلوس وقيمتها 4 ملايين دولار، وكل شنطة كانت تحتوى على مليون دولار».
وتابع: «كلفنى رئيس الجمهورية أن أسلم الشنطة الأولى لأحد المسؤولين الأفارقة فى أحد الأماكن بالقاهرة، وكان معى عندما سلمته الشنطة، أحمد فايز، مدير أمن مقر رئاسة الجمهورية، أما الشنطة الثانية فسلمتها إلى شخصية أفريقية أخرى فى إحدى فيلات شرم الشيخ، أما الشنطة الثالثة فسلمتها إلى شخصية ثالثة فى مهمة خارج مصر، أما الشنطة الرابعة فسلمتها إلى عمر سليمان وهو أنفقها فى عمل يتعلق بالأمن القومى».
أمر مشاركة عزمى فى رشوة مسؤولين لم يتوقف عند ما سرده زكريا عزمى فى أوراق التحقيقات بل ينضم إليه ما نشرته جريدة معاريف الإسرائيلية حينما أشارت إلى معلومات تفيد بأن زكريا عزمى كان وسيطا فى حصول وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق «بنيامين بن أليعازر» على راتب شهرى يقدر ب25 ألف دولار مقابل العامل كمستشار لمبارك، وأكدت الصحيفة فى تقريرها أن عزمى وحده هو من يملك مثل هذه المعلومات، لأن الأموال كانت تخرج من ميزانية مؤسسة الرئاسة.
عزمى رئيس الديوان يكتب عن عزمى الموظف الروتينى المطيع
لن يستخدم زكريا عزمى طريقة أخرى فى سرد أحداث وجوده داخل القصر الرئاسى وعلاقته بمبارك وأسراره، فقط يلجأ إلى هذه الطريقة التى يصور للناس من خلالها أنه كان مجرد موظف إدارى فى مؤسسة من مؤسسات الدولة ينفذ ما يطلبه رئيس هذه المؤسسة، ليسير بروايته هذه فى طريق إعادة تقديم نفسه للناس وكأنه الموظف المثالى الذى ينفذ تعليمات الرؤساء من أجل نهضة البلاد، وأنه إن كان من خطأ أو جريمة فى تصرفاته فهى من مبارك وليست من عزمى.
يتبع زكريا عزمى نفس الأسلوب لأنه سيكون مضطرا أن يخبر الناس عن سر علاقته بنائب القمار ياسر صلاح، وعن حقيقة تدخله فى قضية الفتنة الأشهر الخاصة بوفاء قسطنطين خاصة بعد التصريحات التى نشرتها الصحف وقتها على لسان منير فخرى عبدالنور ويقول فيها بأن زكريا عزمى هو من أمر بتسليم وفاء قسطنطين إلى البابا شنودة.
أمر آخر سيحتاج إلى مجهود مضاعف من زكريا عزمى وهو يتكلم عن خصومه الذين يأتى على رأسهم المشير طنطاوى وزير الدفاع، الذى اشتهر بعلاقته السيئة مع رئيس الديوان بسبب سعى عزمى للسيطرة التامة على مبارك، ويعرف الجميع أن المشير طنطاوى كان الوحيد تقريبا الذى يمر للرئيس من طرق أخرى غير الطرق التى يرسمها عزمى حتى تظل الأمور نصب عينيه لدرجة أن عزمى تحدى المشير وسعى إلى تجميد منصب السكرتير العسكرى لرئيس الجمهورية بعد الطيار الراحل مدحت عرفة، حتى يكون كل مرور للمشير طنطاوى ورسائله للرئيس الأسبق مبارك من خلال عزمى ورجاله داخل القصر، إلا أن المشير كان يصر على الاتصال المباشر مع مبارك بنفسه عن طريق اللواء أبوالوفا رشوان سكرتير مبارك، الذى دبر له زكريا عزمى وأطاح به بمساعدة جمال وسوزان تحت شعار أنه عقبة أمام مخطط التوريث.
أين اختفت الحلقات التى سجلها مبارك عن حياته ولماذا اختلف مع سمير فرج؟!
من أخطر الأمور التى ستحتاج إلى إجابات فى مذكرات زكريا عزمى، اللغز الخاص باختفاء الحلقات التى سجلها حسنى مبارك حينما كان رئيسا، والتى عرفت وقتها بمحاولة تقديم سيرة مبارك بشكل مرئى ثم توقف تصويرها فجأة، بسبب تردد معلومات عن خلافات بين زكريا عزمى وسمير فرج التى بدأت منذ اليوم الأول الذى اصطحب فيه فريق العمل 6 كاميرات، وتم تجيهز مكان التصوير وقام زكريا عزمى بمعاينته وطلب خروج الجميع، وفى تلك المرة عرضوا على مبارك صوره حينما كان صغيرا مع المدرسين، وفى اليوم الثانى للتصوير حضر زكريا عزمى وتعامل مع الجميع بشكل سيئ وكأنه يريد أن ينهى الأمر حتى إنه أمر سمير فرج بالخروج من مكان التصوير، إلا أن مبارك وجده بالخارج وطلب منه الدخول للتصوير، ووقتها فقط تبدلت ملامح زكريا عزمى وبات واضحا للجميع أن هذا الأمر أصبح على المحك أو أن شخصا آخر غير سمير فرج سيحل محله، ولكن أحدا لا يعرف ماذا حدث ولا أين ذهبت الحلقات الثلاث التى صورها مبارك حتى الآن.
سيكتب زكريا عزمى الكثير والكثير من الكلمات عن جولاته وصولاته داخل البرلمان، سيذكر الناس بعبارته الشهيرة «الفساد وصل للركب» وسيعتبرها كما كان يفعل سببا كافيا لكى يراه الناس شريفا ونزيها ومعارضا للفساد، ولكن سيتجاهل الحديث عن عدم زيارته لمبارك فى المستشفى، وعن سبب اتهامه للرئيس المخلوع الذى كان يوما ما يصفه بالحكيم بأنه يهدر أموال البلد على «رشاوى» المسؤولين الأفارقة، وسينكر مثلما أنكر جمال مبارك نفسه وجود مشروع التوريث، ولكنه سيظل حريصا على أن يخبر الناس فى كل صفحة أنه مجرد موظف ينفذ تعليمات الرئيس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.