تلقى الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية ورئيس المجلس القومى للأجور مطالبات عديدة بسرعة وضع الحد الأدنى للأجور، قبل تحديد موعد الاجتماع السنوى للمجلس، فى الوقت الذى تسود فيه حالة من الترقب نتيجة عدم تحديد أجندة اجتماع المجلس حتى الآن، حسب مصدر مسئول، وما إذا كان موضوع الحد الأدنى ضمن المناقشات أم لا. وأكد المصدر أنه حتى الآن لم يتم تحديد موعد انعقاد الاجتماع السنوى، ولا أجندته، إلا أنه من المعتقد أن يكون الاجتماع خلال شهر فبراير المقبل، متوقعا أن يتجاهل المجلس مناقشة الحد الأدنى للأجور فى ظل الأزمة الاقتصادية. ويعد تحديد العلاوة الدورية للقطاع الخاص هو القرار الرئيسى الذى يخرج عن اجتماع المجلس فى مثل هذا الموعد كل عام، وحددها القانون بحد أدنى 7%. من جانبه يقول عبد الرحمن خير عضو مجلس الشورى وعضو مجلس الأجور، إن واقع الأجور فى مصر يعانى من اختلالات حقيقية، مؤكدا أنه قد أرسل خطابات إلى رئيس المجلس الأعلى للأجور وإلى صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى يطالبه برعاية الدعوة إلى حوار حقيقى بين كل الأطراف من أجل حد أدنى عادل يحقق الأمان الاجتماعى للعمال. وأضاف خير أن عدم تحديد حد أدنى للأجور يتناسب مع الأسعار حتى الآن يهدد علاقات العمل ويجعل عمال مصر فريسة فى قبضة أصحاب الأعمال، لافتا إلى أن منظمة العمل الدولية طالبت فى إحدى تقاريرها بضرورة تحديد الحد الأدنى للأجور فى مصر باعتباره السبيل لإحداث توازن فى علاقات العمل ومواجهة الفساد. واقترح خير ألا يقل الحد الأدنى للعامل المبتدئ عن 800 او 900 جنيه، متسائلا: "كيف يعقل أن يكون الحد الأدنى للأجور فى مصر 425 دولارا سنوياً فى مقابل 1675دولارا فى المغرب و1775 دولارا فى تونس وفقا لبيانات حديثة صادرة عن البنك الدولى"، مضيفا أنه فى مقابل انخفاض الحد الأدنى للأجور فى مصر تزيد ساعات العمل التى تتراوح بين 54 و58 ساعة أسبوعياً. وانتقد عضو مجلس الشورى الفجوة الموجودة بين الأجور والأسعار من جهة وبين الحد الأدنى والأقصى للأجور، فلا يوجد أى تناسب لدينا بين الأجور والارتفاع الجنونى للأسعار كل يوم معتبرًا الحد الأدنى الذى اقترحه المجلس من قبل 250 جنيه شهريا لا يفى بالاحتياجات الأساسية للعمال، وقال إن المجلس القومى للأجور غير قادر على التعامل مع أزمة التفاوت فى الأجور بسبب أن القانون نص فقط على أن المجلس من شأنه أن يحدد الحد الأدنى للأجر ولكن لم يضيع وقتًا زمنيا يتغير فيه هذا الحد بشكل دورى وفقًا للمتغيرات والظروف الاقتصادية وكذلك ظروف الأسعار. وحذر خير من أن بقاء الوضع على ما هو عليه سيتسبب فى مزيد من الإضرابات والاحتجاجات العمالية، منتقدا مبررات الحكومة بعدم تحديد الحد الأدنى للأجور، ومنها أن انخفاض أجور العمال المصريين راجعه لانخفاض إنتاجية العامل المصرى، وكذلك صعوبة تدبير الموارد لزيادة الأجور، موضحا أن هذه الحجج مردود عليها وعندما تريد الحكومة توفير عائد لشىء معين فهى تنجح فى ذلك، فعلى سبيل المثال فإن إعادة تسعير الغاز المصدر إلى إسرائيل ليصبح بالسعر العالمى، بدلا من سعره الحالى، الذى يساوى خُمس السعر العالمى، سيوفر أكثر من 10 مليارات جنيه قادرة وحدها على رفع الأجور، وكذلك بيع الغازوالكهرباء لشركات الأسمنت بالسعر العالمى سيوفر 10 مليارات أخرى. وقال الخبير الاقتصادى رشاد عبده أستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة القاهرة أن واقع الأجور فى مصر يعانى فعلا من اختلالات حقيقية والحكومة نفسها تعترف بذلك، فيبقى أن نسعى لتقديم الحلول كإعادة هيكلة الأجور وتحديد حد أدنى حقيقى للأسرة، مؤكدا أن الحد الأدنى للأجور يجب ألا يقل عن 900 جنيه فى الشهر، و ليس من المقبول أن يقوم صاحب العمل بتحديد حد أدنى يتماشى مع أهوائه دون وجود رقيب وضوابط موحدة لذلك. وأضاف عبده أنه إذا نجح المجلس فى تحديد حد أدنى للأجور فى 2010 سيحقق إنجازا تاريخيا ويكون ذلك خطوة لإنعاش الاقتصاد المصرى حيث ستتوفر السيولة للمواطنين للنزول إلى الأسواق وشراء ما يحتاجونه، الأمر الذى يترتب عليه حالة حراك حقيقى فى السوق، ولكنه أبدى تخوفه من هجمة رجال الأعمال فى عرقلة تحديد حد أدنى عادل للأجور فى مصر. وأكد عبده أن تحديد حد أدنى للأجور مطلبا ملحا خاصة مع وجود الأزمة المالية العالمية، لافتا إلى أن تجاهل المطالبة برفع الحد الأدنى للأجور لعقود طويلة والاكتفاء بالمطالبة بالأجور المتغيرة والبدلات جعل فجوة الأجر تتسع بشكل رهيب، وتم الاكتفاء فقط بالمسكنات من حوافز وعلاوات اجتماعية قليلة دون التوصل لحل جذرى لهذه المشكلة الكبيرة، وسيصبح من الصعب الوصول لحد أدنى حقيقى مكافئ للحد الأدنى الذى كان معمولا به حتى السبعينيات.