"كان الحزن على أسمهان ومازال كبيرا، إذ ليس فى كل يوم ترحل أميرة كهذه"، هكذا يصف المؤرخ الفنى الدكتور نبيل حنفى فى كتابه "الغناء المصرى- أصوات وقضايا" الصادر عن "دار الهلال"، اليوم الذى شيعت فيه جنازة الفنانة "أسمهان" بعد موتها غرقا فى مثل هذا اليوم "14 يوليو 1944"، ويحكى فى كتابه قصة موتها كاملة. كانت "أسمهان" تصور فيلمها الثانى والأخير "غرام وانتقام"، وقبل انتهاء التصوير حصلت على إجازة من إدارة استديو مصر، لقضاء إجازة فى رأس البر، وفى الثامنة والنصف من صباح الجمعة "مثل هذا اليوم 14 يوليو"، استقلت سيارتها "طراز الكود" من أمام فيلتها بشارع الهرم، وبرفقتها صديقتها وسكرتيرتها "مارى قلادة"، وكان يقود السيارة فضل محمد نصير، السائق فى "الاستديو". قبل الساعة الحادية عشر بدقائق، وعند قرية "سرنفاش" التابعة لمركز "طلخا"، اصطدمت السيارة بحفرة كبيرة نتجت عن أعمال حفر تمت بعرض الطريق، وذلك لإمرار ماسورة تحمل الماء من ترعة الساحل إلى أرض أحد كبار الوزراء المطلة على الطريق، وكان الاصطدام من القوة بدرجة أطاحت بالسيارة إلى أعماق الترعة، وبينما تمكن السائق "فضل" من القفز من باب السيارة الأمامى وقبل أن تهوى إلى الماء، لقيت "أسمهان" و"مارى قلادة" مصرعهما غرقا فى الجزء الخلفى من السيارة، لفشلهما فى فتح أبواب السيارة المغلقة عليهما. كانت التحقيقات الأولية وردود الفعل تتوالى، بينما يستحث الموسيقار "مدحت عاصم" بالعمل مع العمال طوال الليل لحفر قبر "أسمهان" فى قطعة أرض بمدافن الإمام الشافعى، اشتراها شقيقها الفنان "فريد الأطرش" بعد وفاتها مباشرة، وفى الحادية عشرة من صباح السبت "15 يوليو 1944" توقف المرور تماما بوسط القاهرة، عندما تحرك موكب الجنازة الشعبية بآلاف المشيعين، يتقدمهم شقيقها فريد والموسيقار محمد عبد الوهاب. انطلقت الشائعات تحمل البعض مسئولية وفاة "أسمهان"، وكان أطرفها شائعة بأن "أم كلثوم" هى التى حرضت السائق على هذا الفعل حتى لا تزاحمها فنيا، وبالطبع لم يكن هذا الكلام صحيحا من بعيد أو قريب، وظل الأمر لغزا، حيث حصل السائق على حكم بالسجن شهرين لمسئوليته عن الحادث لأنه كان يسير بالسيارة مسرعا، وتوفى حاملا سره معه. وفى كتابه "أسمهان لعبة الحب والمخابرات" الصادر عن سلسلة "كتاب اليوم"، يشير مؤلفه "سعيد أبو العينين" إلى أن أصابع الاتهام فى تدبير مصرع أسمهان تشير إلى أجهزة المخابرات التى لعبت معها ولحسابها، ثم انقلبت عليها ولعبت ضدها، وهى أجهزة مخابرات بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وينقل "أبو العينين" عن "عزيز المصرى باشا فى كتابه "أبو الثائرين" الذى صاغه محمد عبد الحميد، أن المخابرات الإنجليزية هى التى قتلتها، ثم أطلقت شائعة أن "أم كلثوم" هى التى دبرت الحادث للتغطية، وعملت على ترويج الشائعة وانتشارها.