التصعيد الجديد من جانب تركيا يهدد الأوضاع فى كردستان، وهو الإقليم العراقى الوحيد الذى ينعم بالاستقرار فى البلاد والمستفيد من غزو القوات الأمريكية للبلاد. وقد صرح السيد مسعود برزانى، رئيس حكومة كردستان الإقليمية، بأنه شعر بالأسف لفشل حكومة بغداد فى التصدى للغارات التركية على أرض العراق. وشعرت الولاياتالمتحدة بحرج شديد تجاه حلفائها الأكراد العراقيين، حيث إنهم التجمع الوحيد فى العراق الذى منح تأييده الكامل للغزو الأمريكى، والمعروف أن السلطات العسكرية الأمريكية تقدم للقوات التركية معلومات استخباراتية عن مواقع المقاتلين من أكراد تركيا. وكان رئيس الوزراء التركى طيب أردوجان قد اتصل بالرئيس الأمريكى جورج بوش لإبلاغه مسبقاً بتحرك قواته إلى إقليم كردستان. وتقول صحيفة الإندبندنت إن كلاً من الحكومتين الأمريكية والعراقية كانت حريصة على التقليل من حجم العملية التركية، والتى وصفها الجنرال الأمريكى جريجورى سميث بأنها عملية خاطفة ذات أهداف محددة، كما زعم هوشيار زيبارى، وزير الخارجية العراقى، بأن عدد القوات التركية التى دخلت العراق لم يتجاوز بضع مئات. واستطردت الصحيفة تقول: إنه على الرغم من ذلك، فإن تركيا نجحت، منذ قيامها بعمليات محددة داخل إقليم كردستان فى العام الماضى، فى فرض أمر واقع على الأرض يعطيها حق التدخل العسكرى فى الإقليم متى شاءت، وقد بات لدى قادة الأكراد العراقيين قناعة بأن الهدف غير المعلن للهجوم التركى هو تقويض الإقليم الكردى الذى يتمتع بالحكم الذاتى، ذلك أن أنقرة تعتبر أن هذا الوضع شبه المستقل للأكراد والإقليم وسيطرتهم على مدينة كركوك الزاخرة بثروات البترول يعد نموذجاً خطيراً قد يحذو حذوه أكراد تركيا. وكان الجيش التركى قد شن فى حقبة التسعينيات عدة عمليات هجومية على أكراد العراق بموافقة غير معلنة من جانب صدام حسين، إلا أن الهجوم الأخير هو الأكبر من نوعه منذ الغزو الأمريكى للعراق فى عام 2003. والسبب الآخر لهذه العملية، فضلاً عن ملاحقة مقاتلى حزب العمال الكردستانى المتحصنين بالجبال، يتعلق بالسياسة الداخلية لتركيا. فحزب العمال الكردستانى أعلن منذ 1948 النضال المسلح باسم الأقلية الكردية فى شرق تركيا، حتى تم القبض على زعيمه عبد الله أوجلان وقدم للمحاكمة فى عام 1999، ليفقد حزب العمال شعبيته بين أكراد تركيا منذ ذلك الحين. إلا أن ميليشيات الحزب صعدت هجماتها فى العام الماضى وقتلت أربعين من الجنود الأتراك. هذا وقد اتخذ الجيش التركى من هذه الميليشيات ذريعة لتعزيز نفوذه السياسى المتهاوى، كما تخشى حكومة أردوجان الإسلامية من التفاف أصحاب النزعات السوفيتية حولها وتقييد حركتها إذا ما فشلت، مثلما يحدث حتى الآن من تقويض أسس حزب العمل الكردى.