سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خالد صلاح يكتب: كيف نفهم طريقة الرئيس فى إدارة ملف التحديات الاقتصادية؟..إحنا فى حرب.. اوعوا تنسوا.. الرئيس السيسى ليس من النوع الذى ترهبه تلك العينة من المصطلحات السياسية المحفوظة
◄◄القرارات لديه لا تقاس بمعايير السياسيين الذين يفضلون مصالحهم الانتخابية على مصلحة البلد المفردات اللغوية والسياسية للرئيس عبدالفتاح السيسى تختلف عن مفردات كل الرؤساء الذين عرفتهم أنت أو ستعرفهم لاحقا فى حياتك، مفردات الرجل لا تنتمى لعالم الحسابات والتوازنات للرؤساء ذوى الطموحات السياسية، لكنها مفردات قاطعة من وحى ضمير جندى لا يؤمن بالحلول الوسط ولا يهرب من ميدان التحدى حتى إن كان الثمن حياته شخصيا. الرئيس السيسى لم يتأثر بأى من كلمات رؤساء التحرير الحذرة حين ضجت قاعة لقائنا معه بمصطلحات كلاسيكية، اعتدنا عليها واعتادت علينا من ميراث الماضى، كان رؤساء التحرير يعلقون على قرارات رفع الدعم عن الطاقة بمصطلحات من عينة «التوقيت الخطر للقرارات الاقتصادية فى ظل الوضع الأمنى والسياسى الحالى»، أو مصطلحات أشد غلظة مثل تحذير الرئيس من «تراجع شعبية الرئاسة فى الشارع»، أو مصطلحات المهادنة من عينة «وجوب التوازن السياسى قبل الانتخابات البرلمانية» أو «الحذر من التأثيرات على جبهة 30 يونيو فى الطريق لمجلس النواب»، أو مصطلحات الهلع من عينة «الإرهابيون قد يستغلون القرارات الاقتصادية لتأليب الناس على الرئيس»، وكأن الناس كومة من القش تحركها عوامل التعرية بالصدفة، وليسوا ضمائر حرة تتحرك من أجل بلادها، وتفهم طبيعة التحديات التى تواجهها مصر. الرئيس السيسى ليس من النوع الذى ترهبه تلك العينة من المصطلحات السياسية المحفوظة، الهلعة منها أو الحذرة أو المهادنة، فالرجل كرر علينا مرارا أنه ليس مرشحا رئاسيا تنتظر منه الوعود، لكنه جندى فى حالة استدعاء تنتظر منه مصر العمل بجدية، ومواجهة التحديات ببسالة، الرئيس السيسى أعاد علينا هذا المنطق عدة مرات خلال اللقاء مع رؤساء التحرير، وأصر على أن هذا النوع من المصطلحات التى نستخدمها نحن فى فضاءات الصحافة والسياسة ربما لا يتناسب مع طبيعة التحدى الأكبر الذى تواجهه بلادنا اقتصاديا، كان الرئيس حاسما حين قال «ما الأعز علينا والأغلى هنا، هل أنظر إلى شعبية تتآكل كما يزعم البعض، أم إلى قرارات قاسية وحتمية وواجبة من أجل إنقاذ بلادنا من الديون واستعادة مصر كدولة قانون حرة وغير خاضعة لقهر الديون الداخلية أو الخارجية، أيهما أولى هنا، أن أبادر إلى قرارات كانت تسبب خوفا لكل الحكومات السابقة رغم حتميتها، أم أنظر إلى نفسى، أنا أراهن على الضمير الوطنى لهذا الشعب وإدراكه بأنه لا يصح أبدا أن نترك لأولادنا أكثر من 3 تريليونات جنيه بعد سنوات قليلة». منطق الرئيس هنا واضح ولا يحتمل اللبس، فالقرارات لديه لا تقاس بمعايير السياسيين الذين يفضلون مصالحهم الانتخابية على مصلحة البلد، ولا يعنيهم ترحيل المشاكل إلى أجيال أخرى فى المستقبل، منطق الرئيس السيسى فى صناعة القرار يعتبر أن مواجهة التحديات بجدية وبصراحة هو أول طريق إصلاح مسار مصر اقتصاديا وسياسيا، فالرجل لا يهمه إن كانت مؤسسة الرئاسة نفسها فى موضع «لوم تعسفى» من نخب اعتادت على التوازن، أو أن تكون مؤسسة الرئاسة فى موضع «ترصد واصطياد» من خصوم فى الداخل والخارج يترقبون الفرص للانقضاض على مصر وتعجيزها ماليا بالديون المتراكمة، كل ما يعنى الرئيس هو اتخاذ القرار الصائب، فى مواجهة التحديات ذات الأولوية الأولى، ومن هنا فإن قناعة الرئيس مطلقة بأهمية القرارات الاقتصادية الأخيرة، ورهانه بلا حدود على أن المصريين يفهمون طبيعة التحدى، ويعرفون أن الثمن الذى قد ندفعه الآن ماليا سيحمى بلادنا من انهيار كامل، انهيار يخطط له أعداء هذا البلد لسنوات طويلة، لتعجيز مصر ماليا، وتركيعها بالديون الهائلة حين تصبح لقمة سائغة تخضع لكل من يدفع ثمن الطعام لسكانها، لا قدر الله. كرر الرئيس معنى واضحا على أسماعنا جميعا «إحنا فى حرب، اوعوا تنسوا»، أعادها على طريقته فى التأكيد اللغوى والعاطفى لمخاطبة الضمائر والقلوب، «إحنا فى حرب، اوعوا تنسوا»، ثم شرح لنا كثيرا طبيعة الخطر الذى كانت تمثله داعش فى العراق، وكيف حذر هو شخصيا من أن هذا الخطر سيمتد من سوريا إلى العراق ثم إلى دول أخرى مجاورة، ثم تأمل معنا المشهد السورى والمشهد العراقى، ومشاهد أخرى من بلدان عربية تعرضت لضربات قصمت ظهرها وكسرت شوكتها وقسمت شعوبها وأرضها، بمخطط تعجيزى شامل، لينبهنا مرة أخرى لطبيعة التحدى الذى تواجهه مصر بأن تبقى تحت رحمة الديون طوال الحياة، فلا يقوم لشعبها قائمة، ولا يكون لوجودها ومشاركتها أثر، هذا ما يريده الأعداء حتما. فهل يكون الحل فى الاستجابة لهذا المخطط وإخضاع مصر لمزيد من الديون، أم أن تكون إرادتنا حرة بين أيدينا فننتفض ضد منطق الاستدانة وضد العجز فى الموازنة ونواجه مشاكلنا بصراحة وجدية، وليس بمهادنة وميوعة تضاعف من خسارتنا للبلد، وتضعف من اقتصادنا الوطنى أكثر وأكثر، هل نصطف على قلب رجل واحد لنحمى بلادنا بأيدينا ومن أموالنا من الانحدار نحو الهاوية، أم نتساهل ونتردد فى المواجهة لأصل الداء ونكون عونا لأعدائنا على تركيع مصر إلى الأبد؟. هكذا فهمت من كلمات الرئيس، وهكذا أدركت معنى قراراته التى لا تميل حسب الهوى، أو ترتعش بمصطلحات السياسة، أو ترتجف خوفا من التوازنات الحذرة أو التحذيرات المرعوبة، فالرئيس يؤمن على نحو مبهر أن الشعب هو عصاه السحرية، وأن الشعب يدرك طبيعة التحدى وعلى استعداد للمواجهة فى هذه الحرب لحماية مصر من الركوع، الرئيس يؤمن بأن الشعب، كل الشعب يدرك ذلك، لكن يبقى هؤلاء الذين قد يصنعون صخبا أحيانا، إما عن عدم دراية بطبيعة التحدى، أو التواطؤ على مصر فى السر أو فى العلن. هكذا تكلم الرئيس أمس.. وهكذا فهمت أنا من حوار الرئيس.. وبعد اللقاء خرجت بدعاء واحد.. اللهم لا تذل هذه الأمة بدين أبدا، ولا تخضعها لعوز أهلها، وأعنا على أن نحمى بلادنا بأيدينا وبأموالنا وبأرواحنا، ولا تكتب علينا الركوع إلا لوجهك الكريم وعظيم سلطانك. آمين.