هناك حكمة تقول "معظم الناس يتخيلون أن الإنسان حين يتقدم فى السن يجب أن يتخلى عن أشياء كثيرة.. لكن الحقيقة هى أنه يشيخ لأنه تخلى عن هذه الأشياء"، فلا يعنى تقدمنا فى السن والتقاعد عن العمل، والانتهاء من زواج الأولاد وغيرها من المهام الكبيرة فى حياتنا، أن نقبع فى منازلنا نواجه المرض والوحدة، ونقضى ما بقى من عمرنا فى انتظار أن ينفذ قضاء الله، بل يجب أن نجعل هذه المرحلة بداية لحياة جديدة نستمتع فيها بكل ما حرمتنا منه الظروف وضغوط الحياة، ونحافظ على إيقاع حياتنا النشيط والملىء بالحركة كى لا نقع فريسة للمرض. وأكدت الكثير من الأبحاث والدراسات الطبية، أن العمل بعد التقاعد يحسن صحة الإنسان، الجسدية والنفسية كذلك، حيث يقى العمل من الأمراض المرتبطة بالشيخوخة مثل ضعف الذاكرة، وأمراض القلب والسكتات الدماغية، ومن الجانب النفسى يساعد على استمرار التواصل الاجتماعى، ويحافظ على الإحساس بالأهمية والهوية. ولكن هذا لا ينفى أن العمل بعد سن التقاعد يتطلب مواصفات خاصة، ويفضل أن يكون بعيدًا عن الضغوط والأعباء التى يتحملها الشباب بالكاد، فما هى الوظائف التى يمكن أن تمارسها بعد الستين؟. ما من مكان أفضل من محل للزهور للعمل بعد سن الستين أو السبعين، فإلى جانب فوائد العمل، من المفيد أيضًا أن تتواجد وسط هذا الكم من النباتات بألوانها المريحة للنفس والباعثة على الهدوء، فضلاً عن طبيعة المهنة المليئة بالبهجة والجمال. حتى لو لم يكن لديك من الخبرة ما يكفى، يمكنك الاطلاع على العديد من الكتب والمجلات المتعلقة بهذا الشأن، والاستعانة بالإنترنت من أجل أفضل أشكال الباقات وأحدثها. تصميم الإكسسوارات أيضًا فكرة جيدة لعمل ممتع ومسلى بعد التقاعد، كما يساعد على تعزيز القدرات الإبداعية، ويخلف شعورًا رائعًا بالإنجاز والتميز، ومن الممكن أن يدر دخلاً معقولاً كذلك. وهذه المهنة يمكن للرجال والنساء ممارستها على حدٍ سواء، وتتميز بإمكانية ممارستها من المنزل، وتسويق المنتجات من خلال الإنترنت، مما يجعلها لا تتطلب رأس مال كبير لبدايتها. إذا كنت من محبى القراءة، أو تريد أن تنمى معارفك بعد أن أصبحت أكثر تفرغًا، سيكون من الجميل أن تفتح مكتبة صغيرة تستغل وقتك داخلها فى الاطلاع على الكتب، وفى الوقت نفسه يمكن أن تساعدك فى التعرف على آخرين لديهم اهتمامات مشابهة. وإذا لم تكن تريد أن تنفق الكثير من المال، يمكنك أن تفتتحها بمحتويات مكتبتك المنزلية وتعرض الكتب التى لن تقرأها ثانية للبيع. يمكنك الاستفادة من خبراتك الحياتية أو العملية بعد الستين فى الكتابة عنها، لتفيد آخرين بما اكتسبته من خبرات خلال سنوات عمرك، حتى من تجاربك الفاشلة، ويمكن أن تتخذ الكتابة الحرة مهنة، فتؤلف كتبًا عن تجاربك فى العمل أو تربية الأولاد أو فى الحياة بشكل عام، أو تراسل إحدى المجلات أو الجرائد وتكتب مقالات بالقطعة، أو حتى تنشئ مدونة على الإنترنت تدر لك ربحًا من خلال الإعلانات عليها. العمل كمستشار فى مجال عملك هو أيضًا فكرة جيدة، فهناك الكثير من الناس ممن يقدرون الخبرات ويحاولون الاستفادة منها قدر المستطاع، يمكنك أن تقدم استشارات بمقابل مادى، من خلال التليفون أو الإنترنت، أو تعمل كمستشار لشركة أو شخص واحد، وكن متأكدًا أنه أيًا كان مجال خبرتك ستجد من يهتم بالاستفادة منها. إذا كنت من هواة السفر والتنقل وتتمتع بصحة جيدة أو حتى معقولة، فحان الوقت لتعزيز هذه المزايا واستكشاف العالم من حولك، من خلال عدد من الكتب وخبرتك فى السفر، يمكنك أن تتفرغ بعد الستين للعمل كمرشد سياحى فى بلدك، حيث تساعدك سنوات عمرك على مزج المعلومات التاريخية الجافة بأخرى اجتماعية وشعبية ستمتع مرافقيك بالتأكيد، فضلاً عن أن هذا سيجعلك تتمتع بالحيوية والنشاط طوال الوقت. المتقاعدون من محبى الحيوانات سيكون أمامهم فرصة رائعة للعمل من المنزل فى مجال يحبونه كثيرًا، وهى العمل كجليس للحيوانات الأليفة، فهناك الكثيرون ممن يضطرون إلى السفر فجأة أو التغيب عن المنزل لأيام، ويحتاجون لمن يعتنى بصديقهم الصغير، وفى الوقت نفسه لا يئتمنون أصحاب ملاجئ الحيوانات عليهم، فمن الرائع أن تقوم أنت بهذه المهمة بمقابل مادى أو تطوعًا وتقضى وقتًا ممتعًا مع الحيوانات التى تحبها. من الوظائف الممتعة جدًا أن تعمل ك "فويس أوفر" Voice over" فهى واحدة من المهن التى لا يقف السن عائقًا أمام عملك، بل أحيانًا هو مطلوب جدًا، خاصة فى أفلام الكارتون. والمجال فى هذه المهنة واسع جدًا، بين تسجيل المسارات الصوتية لأشرطة الفيديو التعليمية، إلى إعلانات التليفزيون وأفلام الكارتون وغيرها من المجالات الواسعة جدًا والممتعة. بعد التخلص من واجباتك وأعباءك المادية والضغوط الروتينية يمكنك أن تستعيد مهنة أحلامك القديمة، فهناك الآلاف ممكن تمنوا أن يعملوا فى مجال الفن أو الديكور أو تصميم الأزياء أو أى مجال آخر، ولكن أجبرتهم الظروف على اتخاذ مسار آخر، إما رضوخًا لرغبة الأسرة وإما بسبب المتطلبات والأعباء المادية، لذا دائمًا هناك فرصة لاستعادة حلمك القديم والعمل من أجل تحقيقه، وتذكر دائمًا أنه لا معنى لكلمة "فات الأوان".