«حماة الوطن» يدعو أبناء مصر بالخارج للمشاركة في انتخابات الشيوخ 2025    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    الفوضى تحت عباءة غزة .. الجماعة الإ رهابية لا تتورع عن توظيف دماء الفلسطينيين لتحقيق مشروعها السياسي الخاص    غرفة عمليات شركة مياه الشرب بالدقهلية تتابع شكاوي المواطنين | صور    الحكومة توافق اليوم على 9 قرارات    مدبولي: مصر تدعم مختلف المبادرات الدولية الهادفة للوصول إلى تسوية سلمية للقضية الفلسطينية    لأول مرة.. تصدير أول شحنة تقاوي بطاطس «ميني تيوبر» إلى أوزبكستان (تفاصيل)    محافظ المنوفية يلتقى وفد معهد بحوث البترول    تعزيز التعاون المشترك بين مصر وباكستان في المجالات العسكرية والأمنية    وزير الخارجية السوري يصل اليوم إلى موسكو    ترامب يكشف رؤية ميلانيا لحرب غزة.. ويؤكد: الأحمق فقط ينكر جوع أطفال القطاع    ترامب: لا تمديد للموعد النهائي للتعريفات الجمركية المقرر في الأول من أغسطس    الصين وروسيا تجريان مناورات بحرية مشتركة بالقرب من اليابان الشهر المقبل    إعلام لبناني: الجيش الإسرائيلي يستهدف بالمدفعية أطراف بلدة "عيترون" جنوبي لبنان    المصري البورسعيدي يضغط على جاد بعواد    ريبيرو يطلب تقريرًا عن مودرن سبورت لتجهيز خطة بداية الدوري    «زيزو الأغلى وعبدالقادر سيكون الأقوى».. جمال عبدالحميد يثير الجدل بتعليق مفاجئ    المقاولون العرب يعلن ضم إسلام جابر    الممنتخب المصري للمصارعة يحصد 6 ميداليات في دورة الألعاب المدرسية بالجزائر    ضبط عامل لقيامه بأفعال خادشة للحياء لجارته في البساتين    نهاية مأساوية بنيل شبرا الخيمة.. غرق شاب لعدم إجادته السباحة    أزهر كفر الشيخ: تيسير إجراءات الطلاب الراغبين فى استخراج بيان درجات الثانوية    تأجيل محاكمة «داعشي» بتنظيم ولاية سيناء لسماع مرافعة النيابة لجلسة 20 سبتمبر    لقاصدي شواطئ الإسكندرية.. مواعيد انطلاق القطارات من محطة بنها إلى «عروس المتوسط» خلال الصيف    إعادة فتاة متغيبة لأسرتها بمنطقة الشرابية    الخميس.. جنازة لطفي لبيب بكنيسة مار مرقس كليوباترا في مصر الجديدة    100 عام من التحولات الاجتماعية.. أبطال «شارع 19» يكشفون تفاصيل العرض (صور)    تتويجًا لمسيرتهم الممتدة.. «حقوق الإنسان» يهنيء الأعضاء الفائزين بجائزة الدولة التقديرية    طرح فيلم "ريستارت" لتامر حسني على المنصات الإلكترونية    منها الحمل والعقرب.. 5 أبراج تتسم بقوتها العقلية    اصطفاف شاحنات المساعدات المصرية استعدادا للعبور إلى غزة عبر كرم أبو سالم    روسيا تلغى تحذير تسونامى فى كامتشاتكا بعد الزلزال العنيف    ب «70 عيادة رقمية ذكية».. وزير الصحة يتابع تنفيذ مشروع إنشاء شبكة رعاية صحية في الإسكندرية (صور)    بعد عامين.. عودة ترافورد إلى مانشستر سيتي مجددا    تكنولوجيا المعلومات ينظم معسكرا صيفيا لتزويد الطلاب بمهارات سوق العمل    مي طاهر تتحدى الإعاقة واليُتم وتتفوق في الثانوية العامة.. ومحافظ الفيوم يكرمها    وظائف خالية اليوم.. فرص عمل ب 300 دينارًا بالأردن    7 مؤتمرات انتخابية حاشدة لدعم مرشحي مستقبل وطن بالشرقية    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    مصير رمضان صبحى بقضية التحريض على انتحال الصفة والتزوير بعد تسديد الكفالة    الهلال الأحمر المصري يرسل قوافل "زاد العزة" محمّلة بالخبز الطازج إلى غزة    ما حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه.. وهل يصح ذلك بعد التكفين؟.. الإفتاء تجيب    خسارة شباب الطائرة أمام بورتريكو في تحديد مراكز بطولة العالم    215 مدرسة بالفيوم تستعد لاستقبال انتخابات مجلس الشيوخ 2025    معلومات الوزراء: مصر في المركز 44 عالميًا والثالث عربيا بمؤشر حقوق الطفل    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    حميد أحداد ينتقل إلى الدوري الهندي    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 30 يوليو 2025    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يعلم الرئيس مبارك أنهم يمنعون سيارات الإسعاف من نقل المرضى بحجة تأمين زيارته؟
نشر في اليوم السابع يوم 31 - 12 - 2009

كلما تكلم أحدهم عن حالة الشلل المرورى التى تصيب البلد بسبب موكب الرئيس، كنت أطوى صفحة هذا الكلام وأتوقف عن الخوض فيه باعتباره من المعلوم بالضرورة، وباعتبار أن قصصا كثيرة مثل الطلبة الذين تأخروا عن الامتحان، أو السيدات الحوامل اللاتى يلدن فى الإشارات، جعلت من أمر موكب الرئيس والمشاكل التى يسببها من مسلمات الحياة المصرية، بسبب هذا كنت أعتبر أن أى حديث عن مواكب الرئيس التى تخنق البلد، وزيارته التى تغلق المحافظات فى وجه أهلها لا فائدة منه، طالما أن رجال السيد الرئيس قرروا أن يعزلوه عن الناس، أو حتى لا أظلمهم قرروا أو يوفروا له الحماية الأمنية القصوى بغض النظر عن معاناة الشعب.
ولا أعرف إن كان الرئيس مبارك الذى شاهدناه مهتما بالطالبة آلاء يعلم أن عشرات الطلاب يتأخرون عن امتحاناتهم بسبب مواكبه، و بما يحدث فى المحافظات التى يقرر زيارتها أم لا، فالأمن فى الأقاليم يسعى لتأكيد حرفيته وجودة عمله فى تأمين الزيارة الرئاسية بفرض المزيد من القيود على حركة الناس وحياتهم، قد تصل لحد فرض حظر شفهى للتجول، وينفذون كل ذلك بعقول يغلب عليها صدأ الروتين والخوف دون مراعاة لمصالح الناس وحياتهم.
بالأمس فقط شعرت بتلك المعاناة.. دعونى أخبركم بأننى الآن أحمل شحنة غضب وحيرة تجاه زيارات الرئيس مبارك وطريقة تأمينه خاصة تلك الزيارات التى يتوجه فيها سيادته إلى المحافظات.
فى مساء السبت تعرض عمى لحادث سير بشع على طريق مدينة بورسعيد، وهذا أمر حدوثه أصبح طبيعيا فى دولة لا يعيش لها نظام مرورى، ولا يمكن التنبؤ بعيوب طرقها، أو الهبوطات الأرضية التى تملأ شوارعها، أو تعديلات حواريها، أعرف تماما أن ماحدث لعمى قضاء وقدر نحمد الله عليه، وندعوه أن يمر الرجل صاحب الأطفال الخمسة من أزمته الصحية على خير، ولكن حتى هنا لابد أن يتوقف كلام العطف والشفقة، لأن ماحدث ينتمى إلى أشد مناطق الخطورة.
جزء كبير من سبب الحادث يعود إلى غياب الإنارة عن الطريق، وعدم وجود إرشادات كافية تخبر الرجل باحتمال الاصطدام مع كتل حجرية زرعها المرور كيفما اتفق.. أما الجانب الأخطر فتبدأ تفاصيله بعد الحادث.. منذ اللحظة التى اكتشف فيها المرافقون لعمى أنه لايوجد مستشفى مجهز لاستقبال رجل يعانى من اشتباه فى وجود انفجار بالعينين وكسور فى الجمجمة وكثير من التمزق فى أجزاء الوجه المختلفة، ومرورا بعدم وجود وحدة أشعة مجهزة سوى خارج مستشفيات الحكومة، وانتهاء بثلاثة أطباء ظلت الممرضة التى أشفقت على حالة الرجل «تشحتهم» من أرجاء المستشفى الأميرى ببورسعيد، وأخذوا الرجل ودخلوا غرفة العمليات ليبقوا معه لمدة ثلاث ساعات دون أن يفعلوا شيئا سوى خياطة بعض الجروح على طريقة خياطة أشولة الأرز، ثم التحجج بأنهم ليسوا خبراء فى ذلك الأمر، ثم الإفتاء بأن حالة عينيه المزرية يمكنها أن تتحمل لمدة 15 يوما.
حتى هنا أيضا والأمر طبيعى، لأن هذا حال مستشفيات الحكومة فى مصر، ونصيب عمى أن الحادث وقع ليلا ولم يستطع نجله الصغير المرافق له سوى أن يتصرف بهذا الشكل، أما الأخطر فيبدأ منذ تلك اللحظة التى توافد فيها بقية الأقارب والأصدقاء، وتفجعهم حالة المصاب ويقرروا على الفور نقله إلى القاهرة حيث أماكن العلاج المضمونة، دعك من أن الشبورة الكثيفة وحالة عمى السيئة أجبرتهم على البقاء لصباح اليوم التالى، وركز جيدا فيما سأقوله.. فى تمام الساعة السابعة أردنا أن نحمل مصابنا ونلحقه بأحد مستشفيات القاهرة حتى لا نفاجأ بطبيب يخبرنا بأننا تأخرنا على المريض، كانت المفاجأة الأولى أن السادة الأطباء فى المستشفى الأميرى لا يحضرون قبل العاشرة، وأن هناك إجراءات لا يمكن تجاوزها خاصة بتقرير طبى ومحضر أمنى، ولم يرق قلب أحدهم أو يفزع لفكرة أن كل دقيقة تأخير قد تعنى عاهة مستديمة لهذا الرجل، ثم حدثت الطامة الكبرى حينما بدأنا نطلب سيارة إسعاف لنقل عمى إلى القاهرة.. وسمعت كلمات وددت بعدها لو لم أكن مصريا، أو أضع حزاما ناسفا حول جسدى لأفجره فى أى شىء قد يغضب هذه الحكومة ويكشف عورتها.
ما سمعته كالأتى: لا توجد سيارات إسعاف حكومية جاهزة للخروج لأن المحافظة كلها فى حالة «ستاند باى» بسبب زيارة الرئيس، لا تتصوروا أن الكلام كان من موظف مخمور، بل أكد عليه موظفو المستشفيات الخاصة التى ذهبنا نستنجد بسيارات إسعافها، ففوجئنا بأن سياراتهم معطلة إجباريا بسبب حادث، ونصحونا بأن نطلب سيارة إسعاف من محافظة دمياط لأنه لا أحد فى بورسعيد سيفرط فى سيارة إسعافه والرئيس قادم، لأن المحافظة كلها تعيش حالة غير طبيعية تحت بند تأمين زيارة السيد الرئيس.
طبعا أنا على ثقة كاملة أن ماحدث هنا لا علاقة له بتعليمات رئاسية ولا حتى أمنية، لأن تأمين زيارة الرئيس لن يتوقف على سيارات إسعاف المستشفيات العامة فلمن يكون الإسعاف الطائر إذن؟! ولكنها الروح الروتينية الجبانة التى تسيطر على موظفينا ومحافظينا فتجعلهم يتصرفون بتلك السذاجة وذلك البله والعته الذى يجعلهم لا يرون سوى المسئولين الكبار، أما غلابة الشعب فليذهبوا للجحيم.
المهم انتظرنا سيارة الإسعاف التى أتت من دمياط، وأكرمنا الله بطريق سالك بلا زحام ووصلنا إلى المستشفى الذى يرقد به عمى المريض الآن بين يدى خالقه، وعدد من الأطباء فى المستشفى الدولى للعيون الذى أتمنى أن يجعل الله فى أيديهم بركة الشفاء، وأن يجعلهم سرا من أسرار عدم حرمان عمى من نور عينيه الذى كاد يفقده بسبب محاولة أبوية لإنقاذ ابنه من قسوة الحادث.. يارب اشفِه، ويارب لا تقدر بوقوع أى حوادث فى أى مكان يزوره الرئيس أو أحد رجاله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.