جذوره تعود لآل البيت.. من هو إبراهيم الدسوقي بعد تعليق الدراسة أسبوعًا بسبب مولده؟    من العدم إلى الخلود.. الداعية مصطفى حسني من جامعة القاهرة: الإنسان يمر ب4 مراحل (تفاصيل)    هبوط عالمي للأونصة.. سعر الذهب اليوم الجمعة 24 أكتوبر 2025 وعيار 21 الآن بالمصنعية    تراجع سعر الفراخ البيضاء الآن.. أسعار الدواجن اليوم الجمعة 24-10-2025 للمستهلك    خام الحديد يهبط تحت ضغوط ضعف الطلب الصينى وتراجع أرباح مصانع الصلب    آخر أسبوع بالتوقيت الصيفي.. موعد تغيير الساعة للتوقيت الشتوي 2025- 2026    وزير التعليم العالي: انضمام مصر إلى "هورايزون أوروبا" يعزز موقعها الدولي في منظومة البحث    هل يتدخل ترامب للإفراج عن مروان البرغوثى؟.. الخارجية الأمريكية تجيب    وزارة الخارجية تحتفل بالذكرى الثمانين لإنشاء الأمم المتحدة    استشهاد 3 فلسطينيين جراء إصابات برصاص الاحتلال بنابلس.. وانفجار مخلفات عسكرية فى غزة    عرض أزياء لنجوم الأهلي قبل معسكر مباراة العودة أمام إيجل نوار .. صور    بعد أزمة صلاح الأخيرة.. تشكيل ليفربول المتوقع أمام برينتفورد في الدوري الإنجليزي    مائل للبرودة وسحب منخفضة على القاهرة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا    ضبط 400 قضية مخدرات و474 قطعة سلاح نارى    إعدام 187 كيلو مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك خلال حملات تموينية في أسوان    الطرف الأكثر حماسًا.. مصطفى غريب يتصدر التريند بسبب رقصة فرح حاتم صلاح (فيديو)    أكبر مجمع أثري في العالم لحضارة واحدة.. 5 ملايين زائر سنويًا متوقع جذبهم للمتحف المصري الكبير    عالم أزهري: أكثر اسمين من أسماء الله الحسنى تكرارًا في القرآن هما الرحمن والرحيم    الوزير: افتتاح مصنع جديد في صناعة الضفائر الكهربائية للمركبات قريبا    أوسكار رويز يطير للإمارات 4 نوفمبر لحضور مباريات السوبر المصرى    3 مصريين يتأهلون إلى نصف نهائى بطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش    لجنة التدريب ب"القومي للمرأة" تنظم تدريبًا متخصصًا حول الشمول المالي والقروض البنكية والاستثمار    مساء اليوم.. حركة «حماس» تسلّم جثتي إسرائيليين    الجيش الروسي يعلن سيطرته على أربع قرى في شرق أوكرانيا    الداخلية تضبط 13 شخصًا لإدارة شركات وهمية لإلحاق العمالة بالخارج ببني سويف    أشعل سيجارة أثناء تفريغ البنزين.. حريق ورشة بالعجوزة يودي بحياة سيدة وابنتها ويصيب الزوج بحروق    مصرع شاب فى تصادم 3 مركبات بمدخل نبروه بالدقهلية    إحباط تهريب هواتف ومستحضرات تجميل بمطار الإسكندرية الدولي    ضبط 10 أشخاص خلال حملة أمنية مكبرة بقنا    قاذفات بي-1 الأمريكية الأسرع من الصوت تحلق قرب ساحل فنزويلا    الجيش الإسرائيلي يوصى المستوى السياسي بعدم عودة السكان الفلسطينيين إلى المنطقة العازلة    المايسترو تامر فيظى يقود الليلة قبل الختامية لمهرجان الموسيقى العربية    بعثات أثرية فرنسية وإيطالية تواصل أعمالها فى مناطق آثار الفيوم    أبراج تشارك حياتها الخاصة مع متابعيها على السوشيال ميديا.. أبرزهم برج الحمل    وزيرة التنمية المحلية: إزالة أدوار مخالفة في حي الزيتون بالقاهرة واتخاذ إجراءات قانونية حازمة تجاه المخالفين    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. وحكم الاستماع إليها من الهاتف    سر ساعة الإجابة يوم الجمعة وفضل الدعاء في هذا الوقت المبارك    «الصحة» تعلن محاور المؤتمر العالمي للسكان والتنمية البشرية "PHDC'25" برعاية السيسي    مجلة فوربس: رئيس الرعاية الصحية ضمن أبرز 10 قادة حكوميين بالشرق الأوسط لعام 2025    سر قرمشة المطاعم في مطبخك| طريقة سهلة عمل الدجاج الكرسبي الذهبي    حملات توعوية لطلاب المدارس في سيناء بمبادرة "مصر خالية من السعار 2030"    القائمة النهائية للمرشحين لانتخابات مجلس النواب 2025 في الإسكندرية    وزير الدفاع ورئيس الأركان يلتقيان رئيس أركان القوات البرية الباكستانية    البابا تواضروس يفتتح المؤتمر العالمي السادس للإيمان والنظام في وادي النطرون    الأزهر يجيب.. ما حكم صلاة المرأة بالبنطلون ؟    "مساجد المنيا" تستعد لصلاة الجمعة اليوم وسط التزام بالإجراءات الدينية والخدمية    «النيابة الإدارية» تشرف على انتخابات «الزهور» بالتصويت الإلكتروني    قبل مواجهة إيجل البوروندي.. توروب يعالج الثغرات الدفاعية للأهلي    تفعيل المبادرة الرئاسية "تمكين" لدعم الطلاب ذوي الإعاقة في الجامعات المصرية    هل تم دعوة محمد سلام لمهرجان الجونة؟.. نجيب ساويرس يحسم الجدل    فرق سلامة المرضى تواصل جولاتها الميدانية داخل الوحدات الصحية ببني سويف    آخر فرصة للتقديم لوظائف بشركة في السويس برواتب تصل ل 17 ألف جنيه    هنادي مهنا: «أوسكار عودة الماموث» يصعب تصنيفه وصورناه خلال 3 سنوات بنفس الملابس    فردوس عبدالحميد: كنت خجولة طول عمري والقدر قادني لدخول عالم التمثيل    قيادي بتيار الإصلاح الديمقراطي الفلسطيني: الحضور الدولي في شرم الشيخ يعزز فرص الاستقرار    «مبحبش أشوف الكبير يستدرج للحتة دي».. شريف إكرامي يفاجئ مسؤولي الأهلي برسائل خاصة    التجربة المغربية الأولى.. زياش إلى الوداد    مدرب بيراميدز يتغنى بحسام حسن ويرشح 3 نجوم للاحتراف في أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحرش جريمة مجتمع وإباحة الدعارة ليست الحل
نشر في اليوم السابع يوم 13 - 06 - 2014

حين كنت صغيرة كنت أرتدى الشورت وأركب عجلتى، لأذهب بها للنادى, وكانت شوارع مصر الجديدة تحتضننى أنا وأخريات ونحن نرتدى ما نريد ونلعب حتى الأستغماية, حين كنت صغيرة فى الجامعة كنت أركب الأوتوبيس العام وأنا أرتدى ما يحلو لى, حين كنت صغيرة كانت النساء على البلاج ترتدى المايوه وتجرى هنا وهناك وتلاطم الأمواج ولا أحد يستطيع الاقتراب أو اللمس, حين كنت صغيرة لو تجرأ شاب ما أو رجل أن يقول لى كلمة كده ولا كده من نوعية يا جميل يا أسمر، كنت أزغر له بعينى فيختفى سريعًا فى الزحام قبل أن تناله يد أى عابر سبيل، تعطى له علقة على الأكثر أو كلمتين سم كأضعف الإيمان. حين كنت صغيرة لم تكن أمى تخاف على فى شوارع المحروسة من الرجال، ولكنها كانت تخاف على من أشياء أخرى كثيرة ككل الأمهات, حين كنت صغيرة كنت أسير مفرودة القامة معتزة بأنوثتى فلا شىء يشعرنى أو يدفعنى لكى أشعر بخجل كونى أنثى.
مر الزمن وصرت كبيرة ولدى ابنة لم تعرف مثلى لعب العجل فى شوارع منطقتنا, صرت كبيرة وشوارع مصر لا تستطيع أن تحتضن ابنتى فى أمان ولو أمان شكلى, صرت كبيرة وابنتى لا يمكن أن أسمح لها بركوب المواصلات العامة، وهى كذلك لا تستطيع, صرت كبيرة وابنتى ترتدى ملابس أقرب لملابس الرجال وتسير منحنية لا تريد أن ترفع رأسها وكتفيها خوفًا من أن تبدو لها ملامح الأنثى, صرت كبيرة ويا ليتنى بقيت صغيرة ليس لأنى لا أحب سنين عمرى ولكن لأنى أكره أن أكون كبيرة فى بلد تُنتهك فيه النساء والبنات ليل نهار لأنهن نساء.
التحرش جريمة فاضحة مفضوحة وللأسف مازلنا نطلق عليها حتى المتخصصين ظاهرة, والتحرش ليس ظاهرة ولكنه جريمة مكتملة الأركان, وأزعم أنه من العبث أن البعض يُرجعها للفقر فقط، لأن مصر على مدى تاريخها القريب والبعيد بلد الفقراء, أو أن يرجعها للجهل فقط، لأن مصر أيضًا معدلات الجهل فيها منذ زمن كانت دائماً مرتفعة بل إنها انخفضت عما كانت عليه, أو يُرجعها للتمييز وفوارق الطبقات فقط لأن مصر على مدى تاريخها يعيش فيها الأمير والغفير, أو يُرجعها لتأخر سن الزواج, أو ألف سبب وسبب يخرج به علينا المتحذلقون, كما أننى أجد من العبث رأى لواحد من شباب الفنانين المجتهدين فى مصر عمرو سلامة الذى يخرج علينا باقتراح يرى أنه من شأنه أن يعالج جريمة التحرش فيطالب بتقنين الدعارة وإباحة الحرية الجنسية وكأن المتحرشين سيستعيضون بالدعارة عن التحرش! لست أهاجم مقترح عمرو سلامة من منطلق العيب والحرام، فذلك النوع من الهجوم هو الأسهل والأكثر سطحية أيضاً, ولكنى أهاجمه وأختلف معه، لأنه قصر معنى الجريمة فى الكبت الجنسى وحسب، ومثله مثل أحد يطالب من أجل الحد من جرائم القتل إباحة السرقة, ولكن دعنى أعيدها ثانية التحرش جريمة وليست ظاهرة، قد تكون جريمة تستشرى فى المجتمع، ومن هنا علينا أولاً أن نُفَعل القانون وبقوة وإن لم يكن ذلك هو السبيل الوحيد، ولكنه البداية الصحيحة ثم نلجأ للسؤال لماذا تزيد معدلات هذه الجريمة, وإحدى الإجابات تقول إن المجتمع لا ينظر لها كجريمة بل ينظر لها كظاهرة ربما سيئة، ولكن ليس لدرجة الجريمة ولهذا فكل المجتمع برجاله ونسائه يشاركون فى تأصيل وتثبيت تلك الجريمة فى حياتنا.
ودعنى أورد لك أيها القارئ العزيز مثالاً ربما أنت عشته مرات سواء كنت امرأة أو رجل, فصديق لى كان يجلس على المقهى وتقابل مع صديق آخر يصطحب ابنه ذى التسع سنوات، فدعاه الصديق للجلوس معه وداعب الابن الصغير, وبعد لحظات مرت امرأة أمام المقهى، فالتفت الطفل وقال لوالدة اللى عدت دى ماكينة جامدة فراح الأب يضحك، ويقول لصديقه شوفت الواد مبتدى بدرى!
ودلالة تلك الرواية، أن الأب لم ير فى تعليق طفله كارثة ومعنى لجريمة، بل شجعه ويعنى أيضًا أن هذا الرجل إن لم يكن متحرشًا مجرمًا فهو يربى متحرشاً مجرماً, وبالمناسبة فإن كنت ذكرت مثالاً أبطاله رجال فهناك أيضاً مئات بل آلاف من الأمثلة بطلاتها نساء وأمهات يربين متحرشين مجرمين دون إدراك أنهن يقترفن جريمة فى حق المجتمع كله وفى حق أنفسهن.
السينما وبعض أفلامها مسئولة عن ترسيخ نظرتنا كمجتمع للتحرش على أنه ليس جريمة بل أنه تصرف خفيف الظل ويبعث على الضحك فكم خرج علينا من أبطال فى مشاهد يتحرشون فيها بالنساء وتضح الضحكات فى صالة العرض رجالاً ونساء وحتى أطفال لأن صُناع الفيلم قرروا أن يكون مشهد التحرش كوميدى فكان أولى بفنان مثل عمرو سلامة أن يدرك بعضاً مما ذكرت قبل أن يطالب بالحل الأسهل.
عود على بدء التحرش جريمة مشينة لصاحبها ويوم أن نتفق كمجتمع وكسلطة على تعريفها بهذا المعنى وبوسائل علاجها من هذا المنطلق، ربما ستكون تلك هى البداية أما لو بقينا على حالنا نبحث فى كل الاتجاهات وندور فى دوائر مفرغة، فأعتقد ولا أتمنى أن يأتى يوم على ابنتى بعد أن تكبر وتصير أمًا وتُرزَق بابنة أن تترحم على زمانها الذى ما هو بزمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.