سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نرصد معاناة طالبة جامعية تعانى من مرض نادر.. إيناس: طبيب نصحنى بالانتحار وأعطونى أدوية خاطئة.. ومدير مستشفى الطلبة بجامعة القاهرة: المريضة مصابة بنقص عنصر النحاس.. وتوقف العلاج الطبيعى يهددها بالوفاة
"إيناس.ع" طالبة بالسنة الثالثة بقسم الفلسفة كلية الآداب جامعة القاهرة، تجلس على كرسى متحرك، منذ ما يقرب من 8 أعوام، وصفته باللعين. تعيش الطالبة المذكورة، إحدى الغرف بالدور الثالث جناح الطالبات بمستشفى الطلبة التابعة لجامعة القاهرة، وسط حالة من الهدوء الممل غير متوفر الصحبة أو الأهل باستثناء والدتها التى تركت كل شىء لتجلس تحت قدميها مضحية لأجل ذلك بكل شىء، وتعانى إيناس من مشكلة فى تمثيل عنصر النحاس بالجسم، رمت الطالبة بجزء كبير من المشكلة على دكتور يدعى "مصطفى" بإحدى العيادات الخاصة بشارع المحطة محافظة سوهاج، التى كانت تعيش بها مع أهلها بعد أن غادرت المنصورة، محل ميلادها. وصفت "إيناس.ع"، التى كتفت أرجلها بالكرسى المتحرك الذى تجلس عليه لعدم قدرتها على التحكم بها، الدكتور الذى قال لها إنها لا عيش لها بين بنى البشر ب"الجزار"، حيث إنه حاول أن يحبطها ونجح فى ذلك لبعض الوقت، راوية قصتها "أول ما تعبت أيدى ورجلى وبدأت ترتعش وأنا بمشى، رحت لدكتور فى سوهاج لأننا عايشين هناك، وأنا من المنصورة لكن الإقامة فى سوهاج بحكم عمل والدى ووالدتى، الدكتور قالى حاولى تنقلى رجلك من مربع البلاطة لمربع البلاطة التانية معرفتش واتهزيت فى المشية قال لماما اعمليلها رسم عضلات ورسم أعصاب". وتكمل الطالبة المنكوبة، أن والدتها ذهبت بها لمستشفى الجامعة فى سوهاج لعمل رسم العضلات بالكهرباء، ورسم الأعصاب، الذى آلمها كثيرا، على حد قولها، مؤكدة أنها لم تعرف معنى النوم فى هذه الفترة وأن حالتها النفسية كانت سيئة، وأن ما ساعدها لتخطى هذه المرحلة الصعبة هو قراءة والدتها القرآن، مضيفة أن الدكتور "مصطفى" بإحدى العيادات الخاصة بشارع المحطة بسوهاج أخذ يضخ الكهرباء فى جسدها مرغما إياها لتقول إنها "مجنونة" وأنه وزملاؤه لم يستطيعوا تشخيص الحالة جيدا وإذا فعلوا ذلك لما كانت انتهت بها الحالة لما هى عليه الآن، على حد قولها. وتذكرت حديث الدكتور، الذى قالت إنه منزوع القلب والإحساس، "قال لى إنتى إزاى عايشة لغاية دلوقتى إنتى المفروض كنتى متى، أنا لو منك بكرة أروح أرمى نفسى تحت عربية نقل وإنتى مكانك أصلا مش وسط البنى أدمين إنتى مكانك فى جنينة الحيوانات ووبخنى كثيرا"، مؤكدة أنها بعد هذا الموقف كرهت كل الأطباء ولم تطق أيا منهم، وأن والدها عوضها بعد ذلك بدكتور نفسانى من زملائه فى الجامعة يلقب ب"طارق زكى"، وأن حالتها أصبحت جيدة على يد هذا الطبيب الذى تركها وسافر بعيدا لم تذكر لأين. وتبلغ إيناس درجات عليا من الفطنة والذكاء فى التعامل والدراسة أهلتها لتحصيل تقديرات فاقت بها قرناءها الأسوياء جسديا، تنوعت بين الامتياز وجيد جدا وجيد، وتروى والدتها موقفا أن يوما حضرت اللجنة التى تمتحن ابنتها داخل غرفتها بالمستشفى، وأنها لم تكن مستعدة لخوض الامتحان لاعتقادها أن ميعاد الامتحان بهذه المادة لم يحن بعد، وأن من شدة إعجاب أستاذ المادة بها وجه الشكر لأمها ولعقلية طالبة لم ينقصها إلا السير على الأقدام. تراها ملكة جلست على كرسى لعين تراقب بأعين براقة مليئة بالأمل كل شىء يدور حولها ففى أثناء روايتها للمعاناة التى حيتها بين جنبات المستشفيات والأطباء، تراقب عن حرص الحوار الدائر خلفها مع الأم للتأكد من عدم تعرضهما للمضايقة من أحد، ومحاولة معرفة السبب الرئيس فى تدهور حالة ابنتها فتراها تخترق الحديث الهامس قائلة: "أتعديت أدوية كتير غلط، عبونى دواء صرع والدواء اللى اسمه أبتريل اللى بيدمنوه فى سوهاج وهنا وأنا معنديش صرع، أدوية ومهدئات ومخدرات بدأت تأتى معى بنتيجة عكسية تجعل عضلاتى تتقلص". وقالت والدة إيناس إن أهم شئ بالنسبة لها هى إيناس وإن ما تتمناه أن تقوم على رجليها مرة أخرى وإنها لا تريد أن توضع بمشكلات أكثر مما تعانى منه الآن، مؤكدة أن السبب الرئيس فى وصول ابنتها لهذه الحالة تحليل إذا تم عمله بالطريقة الصحيحة لم تكن إيناس جالسة الآن على كرسى متحرك، مضيفة "تحليل اسمه كروموسومال فيش 30 فى آخر شهر 2007 عملناه فى مختبر السيدة زينب والتحليل متعملش أصلا والنتيجة طلعت فبركة، وسافرنا وحاولنا نوصل للتحليل وقالولنا إنه كويس وفوجئنا إنه مطلوب تانى لأنه متعملش فى الأول بعد لما دفعت الفلوس". وأكدت الوالدة التى لا تفارق الدمعة أعينها وهى تتحدث ل"اليوم السابع"، أن إيناس ضحية إهمال "تحليل طبى" لأنه إن كان أجرى هذا التحليل بالشكل الصحيح واكتشف أمر المرض مبكرا كان اكتشف أنه هناك خلل فى تمثيل عنصر النحاس بجسدها، وكان حدد العلاج المضبوط، مضيفة أنهم نفوا التحليل ولم يجر من الأساس وأنها حاولت إثبات الواقعة ولم تستطع فعل شىء "روحت كذا فرع قالولى اخبطى رأسك فى الحيط"، وردت عندما سئلت عن رسالتها للحكومة والرئيس الجديد قائلة: "معنديش كلام أقوله". وتظهر الطالبة، التى أطلقت أمنية وحيدة وهى "العودة مرة أخرى للسير على قدميها"، فخرها بنفسها واعتزازها بقوة الإرادة التى تظهر جليا فى أعين فتاة مصرية، تحدت كل شىء لتصل لشىء واحد وهو التفوق فى دراستها، فقالت "أنا ذكية من يومى ونفسى أقوم على رجلى تانى زى زمان هى دى أمنيتى الوحيدة". وقلبت القصة مع أمها المدرسة بأحد المعاهد بمحافظة سوهاج، فبدلا من أن تكون "الجنة تحت أقدام الأمهات، لقيت الأم المغلوب على أمرها، بعد طلاقها من زوجها بعد 33 سنة زواج بسبب "إيناس"، الجنة تحت أقدام ابنتها التى قالت بعد إن وجهت نظرة عطف مخلوطة بالأسى لوالدتها التى انحسرت على أحد جوانب سرير المشفى "ماما هى الوحيدة اللى ضحت عشانى والكل كان بيعارضها، فتركت كل شىء لتقف إلى جانبى، أعوضها خيرا إن أكرمنى الله بالشفاء". وقد تتصلب أعصاب شخص يراها للوهلة الأولى وهى بحالتها التى لا تسر أحد وهى تستخرج فى براعة مشهودة الموقع المنشور عليه اسم الدواء الذى قالت عنه إنه لن يؤثر على العظام، على عكس الدواء الذى تستخدمه، وأنه فى ألمانيا، كما قال لها أحد الأطباء المشهورين وأنهم لم يستطيعوا الوصول له فى مصر حتى الآن". ومن جانبه، أكد الدكتور خالد رمضان، مدير مستشفى الطلبة بجامعة القاهرة، أن حالة إيناس حالة نادرة يطلق عليها "وسيلسون ديزيس" وتعانى مشكلة فى تمثيل عنصر النحاس فى الجسم، وأن المريضة تتعاطى أدوية لتنشيط الجهاز العصبى وتحتاج علاج طبيعى مدى الحياة. وأضاف رمضان، فى تصريحات خاصة ل"اليوم السابع"، أن المستشفى تواجه مشكلة فى عدم توفر الإمكانيات اللازمة لحالة إيناس لذا ترسلها المستشفى لمستشفيات أخرى كبرى لتلقى العلاج وعمل جلسات العلاج الطبيعى. وتابع مدير مستشفى الطلبة، أن هذه الحالة ليس لها علاج نهائى وأن التحسن فيها هو استقرار الحالة فقط، مؤكدا أن وقف العلاج الطبيعى فى حالتها يؤدى إلى تدهور الحالة، مؤكدا أن المستشفى تعانى من نقص فى التمريض وأن هذه مشكلة عامة على مستشفيات الجمهورية، قائلا: "نعتمد على التعاقدات الخارجية للتغلب على المشكلة، وأن الخطة الإستراتجية للمستشفى بصدد إنشاء مدرسة للتمريض، للتغلب على المشكلة التى تعانى منها المستشفى ومعظم المستشفيات على مستوى الجمهورية، الخاصة بتوفر فريق التمريض". وأردف رمضان، أن المستشفى لن تتمكن من جمع ثمار مدرسة التمريض الجديدة إلا بعد 5 أعوام من الآن، مؤكدا أن المدرسة ستوفر نوعا من الاكتفاء الذاتى وتدريب مستمر لكوادر التمريض الموجودة فى المستشفى وتحسين المستوى العلمى والمهنى. وأكد رمضان، أن أكبر تكلفة للمستشفى هى تكلفة صرف الأدوية للطلاب أصحاب الأمراض المزمنة، وأن من ضمن الأمراض التى يصرف الدواء لها مرض يسمى "تصلب المخ المتناثر ms" وأن هناك عددا من طلاب جامعة القاهرة يعانون منه وتبلغ التكلفة السنوية للدواء الذى تصرفه لهم المستشفى 4 ملايين جنيه. وتابع، أن مرضى السكر يمثلون نسبة لا يستهان بها بين طلاب جامعة القاهرة، تقريبا 2 مليون و 800 ألف جنيه تتكلفها مستشفى الطلبة تحت بند الأنسلوين فقط، يليهم مرضى الكلى تتكلف المستشفى نحو 2 مليون جنيه، مؤكدا أن المستشفى تقريبا تتكلف أكتر من 12 مليون جنيه دواء وأن الميزانية المقررة للمستشفى بما فيها التجديدات وغيرها تقل كثيرا عن هذا الرقم. ودعا رمضان كل المجتمع والجمعيات المعنية بتحسين مستوى الخدمة الطبية للمساهمة فى رفع الخدمة الطبية بالمستشفى، قائلا: "لا نكلف الطالب إلا 10 جنيهات خدمة طبية فى المصاريف السنوية للكلية، وفى مقابل هذا المبلغ قد يكلف الطالب المستشفى مليون جنيه"، مؤكدا أن المستشفى تهدف لرعاية الطبية كاملة للطلاب حتى وإن كان الطلاب لا يدفعون أموالا.