سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تقرير حقوقى: الأجهزة الأمنية لم تقبض على أى من مرتكبى التحرش بالتحرير بين 2012 و2014..منسق «ضد التحرش»: الظاهرة بدأت تأخذ منحى أعنف ورصدنا 186حالة أثناء ثورة يونيو
نقلا عن اليومى.. «لا سبيل للنجاة فالكل يقول أنه يحمينى وينقذنى لكن ما كنت أشعر به أن الدوائر القريبة منى والملتصقة بجسدى يغتصبوننى بأصابعهم من الأمام والخلف»، كان هذا جزء من الشهادة التى نشرها الموقع الإلكترونى لمركز نظرة للدراسات النسوية فى 26 يناير 2013، تروى فيها إحدى الناجيات ما تعرضت له من اعتداء جنسى جماعى بميدان التحرير أثناء مشاركتها فى مسيرة القوى المدنية ضد الإعلان الدستورى للرئيس السابق محمد مرسى فى 23 نوفمبر 2012. «الجناة تجمعوا حول المجنى عليهما الأم وابنتها على شكل دائرة، وبدأوا فى تجريد الأم البالغة من العمر 42 سنة من ملابسها تمامًا، والإمساك بأجزاء حساسة من جسدها، حتى وقعت على إناء به ماء مغلى خاص بأحد بائعى الشاى بميدان التحرير، مما تسبب فى إصابتها بحروق بلغت %25، ثم وتوجهوا نحو ابنتها لتكرار فعلتهم معها إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك لتدخل الشرطة» إنه جزء من بيان النائب العام بشأن ما وصلت إليه تحقيقات النيابة العامة حول واقعة الرعتداء الجنسى على سيدة بميدان التحرير أثناء احتفالات مؤيدى المشير عبدالفتاح السيسى يوم إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية. عام ونصف يفصل بين الواقعتين، بينما تبقى علامات الاستفهام حول عدم قدرة الدولة على التصدى لهذه الجريمة أو وضع آليات لضبطها وتعميق إدراك المجتمع لخطورتها، فوفقا لتقرير حقوقى صادر عن عدد من المنظمات المهتمة بقضايا المرأة، شهدت الفترة ما بين نوفمبر 2012، ويناير 2014، 250 حالة اعتداء جنسى جماعى فى ميدان التحرير أو محيطه، وذلك وفقا للعدد الذى قدم بلاغات، وقعت جميعها أثناء المشاركة فى تظاهرات سياسية بالميدان. عام ونصف والمحصلة تقريبا «صفر»، فلم يتم القبض على أى من مرتكبى وقائع الاعتداء السابقة، فجميع المحاضر تم حفظها ضد مجهول، ولم تدرك الأجهزة الأمنية أن تكرار حوادث الاعتداء الجماعى يستلزم وجود أفراد تأمين داخل الميدان نفسه وليس على أطرافه فقط، ما استحدثه المعتدون من الاعتداء على الفتاة. مفيش تأمين.. موجة الاعتداء الجنسى الجماعى ليست وليدة الثورة، ففى حكم مبارك، ظهرت الاعتداءات فى الأعياد والمناسبات ومناطق الازدحام ومنذ عام 2005 برز ظهوره مرتبطا بالتظاهرات السياسية والانتخابات، لكنه ظل بشكل محدود، لينفجر بشكل واضح عقب قيام الثورة، ويصل إلى حد الاغتصاب فى التظاهرات السياسية المختلفة. أيمن ناجى، منسق عام مبادرة ضد التحرش، أوضح أن جريمة الاعتداء الجماعى ظلت تدق جرس الإنذار كل فترة بداية من التحرش بلارا لوغان مراسلة محطة CBS يوم تنحى مبارك وحتى 23 نوفمبر فى مسيرات التنديد بالإعلان الدستورى الذى أصدره محمد مرسى فى ذلك الوقت. يقول ناجى «كانت أصواتنا تعلو للانتباه إلى ارتفاع معدل الاعتداء مقابل عدم وجود أى رادع أمنى سوى المبادرات الشبابية لمناهضة التحرش لكن بلا جدوى، حتى وقعت 19 حالة اعتداء فى إحياء الذكرى الثانية ل25 يناير، وارتفعت فى تظاهرات 30 يونيو لتصل إلى 168 حالة رصدها أعضاء الحركة». فى المادة 267 من قانون العقوبات، يعرف المشرع جناية الاغتصاب بأنها «من واقع أنثى بغير رضاها»، وعقوبتها «الإعدام أو السجن المؤبد»، حيث يعاقب الفاعل بالإعدام إذا كانت المجنى عليها لم تبلغ سنها ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة أو كان الفاعل من أصول المجنى عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادما بالأجر عندها أو عند من تقدم ذكرهم أو تعدد الفاعلون للجريمة. وقد دخلت عقوبة الإعدام القانون وفقا لتعديل المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى إبريل 2011 المادة، والتى كانت تقتصر على السجن المؤبد فقط، ويقول مايكل نبيل، المحامى بمركز «النديم لتأهيل ضحايا التعذيب « حتى هنا فالتعديل جيد، لكن القانون هنا يشترط عددا من البنود التى يجب أن تتحقق للإقرار بجريمة الاغتصاب، أولا أن يكون الاتصال الجنسى «تام» بين الرجل والمرأة، فلا تعد أية أفعال غير ذلك مثل: المساس بالعضو التناسلى للمرأة، أو وضع شىء آخر فيه، أو إزالة بكارتها بإصبعه أو بأى أداة من قبيل المواقعة، حتى لو قام الجانى بإتيان الأنثى من الخلف، فلا يدخل كل ذلك فى جريمة اغتصاب، بل يحتسب كجريمة هتك عرض. ووفقا للمادة 268 من قانون العقوبات فإن كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع فى ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع، وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة. يقول مايكل للأسف كل الحالات القديمة التى وقعت على مدار الثلاث سنوات الأخيرة، آخرها جناية هتك عرض لا تزيد على 7 سنوات، وهذا إذا استطاعت النيابة أصلا إثبات ذلك، وهو الأمر الذى نادينا بتغييره طوال الفترة الماضية. وحمل مايكل مسؤولية القبض على مرتكبى هذه الحوادث على المباحث الجنائية، مستغربا من عدم إدراك القوات الأمنية لتكرار هذه الحوادث فى التجمعات، ووضع آليات لرصدها سواء بنشر قوات أمنية تدخل للطوارئ أو وضع كاميرات لرصد أى جناة وسرعة إنقاذ الضحية والقبض عليهم، مؤكدا أن هذه الجرائم لن تتوقف إلا إذا رأى المعتدون أن القانون ينفذ وأن هناك عقوبات حقيقية ورادعة. إحدى الأوراق البحثية التى أصدرها مركز نظرة للدراسات النسوية، أشار إلى أن حوادث التحرش الجنسى بدأت تأخذ منحنى جماعيا ومنظما منذ وقت طويل، حتى باتت جزءا مؤسفا ومتوقعا حدوثه على هامش أى فعالية أو دعوة سياسية، مشيرة إلى أن التجاهل من الأطراف الرسمية وغير الرسمية ووسط إنكار الجريمة من الجميع أدى إلى اتساع نطاقها.