أسوأ مستجدات هذا العصر أن نحلل حراما ونحرم حلالا. تحدينا الحكمة الإلهية لجهلنا بها، وعدم اتساع آفاقنا لاستيعاب حكمة الله جيدًا. وكأننا نغير لله أحكامه وهو الخالق ونحن المخلوقين. ظلت المرأة تردد فى عصر الحداثة لا يليق بالنسوة قبول تعدد الزوجات، وأنه انتقاص كبير لقدرها، وأنا منهم الحقيقة! دائماً ما كنت أتساءل: "لماذا يبيح الله للرجل الزواج بأربع وأقرنها بجملة "ولن تعدلوا" فى القرآن. إذًا التعدد لم يجاز كاملاً ولم يحرم أيضاً بل مشروط. كنت أتساءل: "كيف فى زماننا هذا يجاز التعدد رغم أنه سيهدم بيوتاً مستقرة؟" اختلف الفقهاء واتفقوا فى شروط التعددية وفى وجودها من عدمه أصلاً. لكن لم يحرمه أحد ولم يوصم مرتكبه بالحرمانية أو دخول النار أو السجن حتى. سابقًا كان الرجال يعددون الزوجات معللين ذلك أنه حق شرعى لا يستطيع أن يمنعه منه أحد. وكانت المرأة ترى فى ذلك غبن كبير طالما أنها غير مقصرة. وإن إجبارها على الاستمرار معه بظروف عدة، رغم زواجه بغيرها هو منتهى القهر لها. لا تستطيع امرأة أن تنكر أنها نبذت التعددية. وأن الزوجة الثانية دائمًا منبوذة تقف موقف الدفاع عن نفسها. هل رفضنا للتعددية هو تحريم لحلال رغم طمأنة الشيوخ لنا بأنه مشروط وتذكيرنا بانتهاء الآية "ولن تعدلوا". اقتنعنا تمامًا نحن النساء أننا لم نحرم حلالاً ولا شىء، ولكن الله تعالى وضعه بضوابط وشروط. طبيعى كانت كل امرأة ترى الشروط لا تنطبق فى حالتها. بالتالى رد فعلها لزواج زوجها كان عنيفًا وخراب بيوت عليها وعليه وعلى أبنائهم. خبر زواج رجل فى المجتمع بامرأة أخرى غير زوجته، كان يساوى خبر جنازته بالضبط. خبر يقابل بشهقة من الجميع وكأن لعنة السماء حلت عليه وعلى بيته.. أو هكذا ظنوا. ما آلت إليه الأمور الآن وانصباب لعنات السماء بجد على البيوت جعلنى أتشكك أننا وقفنا أمام الحكمة الإلهية وتحدينا الله بأعرافنا ومعتقداتنا الاجتماعية.. وكان أولى أن نخشاه. الغريب أن تعدد الزوجات انحصر جدًا الآن.. شىء رائع خبر جميل. المصيبة التى حلت محل انحصار أرقام الزواج الثانى كانت العلاقات الغير شرعية! الرجل نفسه كره الزواج الثانى، وما يجلبه له من وجع دماغ وطلاق وخراب بيوت ضحيته الأبناء. عزوفه عن الزواج مرة أخرى لم يكن أبدًا معناه عزوفه عن النساء واكتفائه بزوجته. لم يرد زواج آخر يؤثر على بيته ولا مسئوليات مادية تضاف إلى مسئولياته. حتى الزوجة اتخذت أقوى شعار فى تاريخ البشرية "يعرف عليا ولا يتجوز عليا". اقتناعاً منهما الاثنين أن ذلك من أجل بيوت مستقرة وأبناء أسوياء.. ولو مارس الحرام. تحدى سافر لله وهو أعلم بنا منا.. وأعلم بما تؤول له الأمور لو لم نتقيه. كان لهم ما أرادوا بيوتاً شكلها رائع أمام الناس مخوخة من الداخل، بيوتاً غادرتها بركتها بسببك أنت عزيزى الرجل ولست بعزيز. اخترت حرامًا وعلاقات غير شرعية كحل أسهل لرغبتك التعددية وكاجتناب لمشاكل ومسئوليات أنت فى غنى عنها.. فحرمت حلالاً وحللت حرامًا. تغافلت عما تفعله ولم تعلم أنك ملاقيه.. فى الأبناء! وجع الدنيا كلها شىء والوجع فى الأبناء شىء آخر وخصوصاً البنات. ألم يكن الأجدر أن تصون أعراض الناس لتصان أعراضك.. أم تأتى بالنساء ثم تسأل متغابياً ماذا حل ببناتى؟! تتحدون الله فيما هو حلال وما هو حرام، وتفسرونه حسب أهوائكم ثم تتساءلون "ماذا حل بنا وبأبنائنا"! ماذا حل بالمجتمع أصلاً .. أصبحت فى مجتمع جائع دائمًا.. وبلينا بمجتمع أندر ما فيه الأخلاق! أعترف أننا تسرعنا كثيرًا فى تفسير الحلال والحرام حسب أهوائنا.. حرمنا حلالاً فكان لزامًا أن نحلل حرامًا.