الصورة النمطية المعهودة لتاجر المخدرات كما قدمتها السينما المصرية خلال حقبة الخمسينات وحتى الثمانينات قد تغيرت!!! فهو لم يعد ذلك الرجل صاحب العمامة والجلباب الذى يضع قلبه على كفه بينما يطارده رجال مكافحة المخدرات، لم يعد ذلك الرجل الذى يفاضل بين الثراء والإعدام، وهو أيضا ليس بحاجة لأن يهرب المخدرات فى أرجل الحمام الزاجل على طريقة الفنان(محمود المليجى) أو يضعها فى الملاحات مثل (نور الشريف) أو يخفيها داخل الأسماك المملحة كما يزعم( ابن حميدو) وإلا....(فتشنى فتش)!!!! تغيرت هيئة هذا الرجل فأصبح يتمثل فى هيئة رجل أنيق يرتدى الكرافات وله علاقات خاصة مع بعض رجال الجمرك أوصيدلى وسيم صاحب مجموعة مخازن وبيستورد أدوية وقد وضع قسم المهنة وراء ظهره أو تاجر مستلزمات طبية شاطر وفهلوى وواد كسيب!!!!. السلعة تغيرت فلم تعد الهيروين أو الكوكايين أو الخشخاش أو الماريجوانا لكنها استبدلت بنوع آخر يسمى الترامادول وتأخذ هيئة الكبسولات.. والأشخاص تغيرت!!(أبو سريع) تحول إلى (دكتور برشامة)!! والمعلم (طفيه)أصبح الأستاذ (دماغ المزجنجى) كما تحول( جنجل أبو شفطورة) إلى (واصل بيه أبو الروس). والحكم أيضا لم يعد إعداماً.. فالترامادول قانوناً لا يدخل فى عرف المخدرات المؤدية للإعدام، لأنه يقع ضمن الجدول الثانى!!!! وللحقيقة فقد هالنى هذا الاقتحام المفاجىء للترامادول لمختلف الأوساط والأنسجة الاجتماعية مرتديا زى الشرعية فى صورة علاج لسرعة القذف أو مهدى للأعصاب أوحتى كما يردد من لا يعلم كمجدد للدورة الدموية!!! وطبعاً الدعاية فى مجتمعنا مجانية لأن (الفتوى بدون علم) فيه حق أصيل للجميع!!! وهذا الاقتحام نفسه ينذر بكارثة وهو ما يجعلنى أعتبر أن الترامادول هو أفتك أنواع المخدرات لأن دعايته مجهزة مسبقا وأهل العلم لا يتكلمون!!! الترامادول.. هو أحد المركبات التخليقية الشبيهة بالأفيون (opioid)`ذات الآثار الجانبية الغير محدودة التعريف حيث إن المراكز البحثية العالمية لمراقبة الآثار الجانبية للدواء تكتشف جديداً كل حين فيما يتعلق بالآثار الجانبية لهذا العقار وأخطرها ما اكتشفه المركز النيوزلاندى من تسببه فى حدوث بؤر صرعية خاصة فى ظل استخدامه مع أدوية مضادة للاكتئاب علاوة على ازدياد خطر تسببه فى حدوث متلازمة السيروتونين serotonin syndrome))بأعراضها الخطيرة. وأثبتت الأبحاث أيضاً أن إدمان الترامادول هو من النوع الجسمانى (physical dependence) وليس من النوع النفسى إذ إنه مرتبط بتثبيط مراكز الأفيونات الداخلية للجسم فيتم الاعتماد على الإمداد الخارجى بالعقار، كما أن متعاطى الترامادول يزيد من جرعته تدريجيا للحصول على الأثر المنشود ولربما يتطور لاستعمال المورفين أو الهيروين بعد ذلك. والترامادول هو أحد العوامل سلبية التأثير على الاقتصاد القومى والتنمية إذ إنه يؤدى إلى زيادة معدل حوادث الطرق لأنه يضعف الرؤية ويسبب الهوس الانفعالى المؤدى لسوء التقدير، وهو يؤدى إلى ضعف فى تحصيل الطالب الدراسى ونقص تركيز العامل والفنى فى القدرة على التطبيق الصائب لنظم العمل، ولذلك أطالب كلا من وزارة الصحة متمثلة فى إدارة التفتيش الصيدلى وبالتعاون مع نقابة الصيادلة فى ظل وجود اسمين نكن لهما عظيم الاحترام والثقة لما لمسناه فيهم من مسئولية نقابية وإحساس بقضايا الوطن وهم د/محمود عبد المقصود ود/سيف الإسلام.. بتبنى حملة قومية موسعة ضد التجارة غير الشرعية للترامادول وتقليص عدد الصيدليات التى تتعامل بحصة المخدرات والسموم وبخاصة وأهمس فى آذانهم (الصيدليات التى يمتلكها غير صيادلة) من معدومى الضمير كما أطالبهم بتبنى وضع هذا العقار فى الجدول(ا). كما يجب غلق منبع الترامادول المهرب بتشديد المراقبة على المنافذ الجمركية وساحات التهريب المعروفة لدى رجال الحدود بالإضافة إلى دور رجال التموين بالتفتيش على المحال التجارية والأكشاك التى يشتبه فى تعاملاتها، ولا نغفل بالطبع دور الإعلام فى التوعية والتثقيف. كل منا يجب أن يقوم بدوره أيها السادة.. حتى تحتفظ مصر برصانتها التقليدية لا أن تصبح مصر صاحبة المزاج العالي!!!!!