فى لقاء عاجل مع "مصطفى النحاس باشا" زعيم حزب الوفد ورئيس الوزراء، وفى اللقاء طلب السفير البريطانى اعتقال "حسن البنا" مرشد جماعة الإخوان ومطاردة أنصاره، لأنهم نشطون فى الدعوة للألمان ضد الإنجليز (أثناء الحرب العالمية الثانية). عن قصة هذا اللقاء يتحدث "النحاس" فى مذكراته التى حققها " أحمد عز الدين "قائلا، أنه طلب من مدير الشئون الدينية أن يستدعى " البنا "، فأبدى "فؤاد سراج الدين "رغبته فى أن يلتقى أولا بوكيل " الجماعة " أحمد السكرى، وتم اللقاء فى منزل "فؤاد باشا "، ليسفر عن لقاء ثانى فى نفس المكان بين "النحاس" و"البنا "، ويقول النحاس فى مذكراته :" تحدث الشيخ حديثا دينيا روحيا خرج من قلبه، فصادف هوى فى نفسى واسترحت إليه ،وأكد أنه هو وجماعته وأنصاره لا يهتمون إلا بأن تكون بلادهم حرة مع كل استعمار خالصة من كل غل". تأثر "النحاس" بما سمعه من "البنا" فقال له: "لن أعتقلك ولن أمسك بسوء، أو أقف حجرة عثرة فى طريق دعوتك، وكل ما أطلبه منك أن تجعل دعوتك خالصة لوجه لله، وأن تأمر أتباعك بألا ينشطوا ضد أى جهة من الجهات حتى إذا حان أوان الجهاد كنت معك ومؤيدك فى سبيل الكفاح لإعلاء كلمة الله، ومادمت على رأس الوزارة فلن يمسك سوء"، ويزيد " النحاس بقوله :" خاطبنى السفير وألح على فى اعتقاله ومصادرة أموال الجماعة والقبض على رؤسائها فرفضت، وقلت له: "أنا مسئول عن تصرفاتها". هذه القصة التى يذكرها "النحاس باشا" فى مذكراته تدخل ضمن طبيعة العلاقة بين "الوفد" و"الإخوان" قبل ثورة 23 يوليو 1952، كان "الوفد" هو أكبر الأحزاب المصرية وقتئذ، وكانت الجماعة تثبت أقدامها بقوة وتحاول الزحف إلى قمة المشهد السياسى الذى يتحكم فيه أطراف رئيسية هما، القصر الملكى، والسفير البريطانى، وفى عموم الحالة حكايات بين "الوفد" والإخوان فيها مناورات وتحالفات وتباعد واقتراب، ومن صور التباعد قرار ل"النحاس" فى فبراير 1943 بإغلاق "شعب الجماعة" والإبقاء فقط على " المركز العام " وإن ظل مراقبا، ثم يلغى قراره ويسمح ل"الإخوان" فى مثل هذا اليوم "8 مايو 1943 " بعقد مؤتمراتهم، ويرى البعض أن هذا القرار استفادت منه" الجماعة" كثيرا فى الانتشار الذى تزايد وتواصل حتى الآن، فلماذا جاء هذا التحول ؟. فى دراسة له عن "الإخوان والوفد "منشورة بجريدة " اليوم السابع، يضع الدكتور "حمادة حسنى" أستاذ التاريخ بجامعة "قناة السويس" قضية "الكتاب الأسود" الذى وضعه "مكرم عبيد باشا" ويشمل على ما وصفه ب"فساد الوفد"، ويقول إن "النحاس" خشى أن يؤيد الإخوان "مكرم عبيد"، وأن يتضامنوا معه مستغلين "الكتاب الأسود"، فسعى "النحاس" إلى الحصول على تأييد الإخوان والتحالف معهم فألغى قرار "إغلاق الشعب".