قام مكرم عبيد وقت كان وزيراً للمالية في حكومة الوفد العائدة بعد 4 فبراير إلى الحكم بجمع وقائع سميت بالكتاب الأسود رصد فيه جميع السلبيات والفساد في الوفد وبمعاونة القصر طبع الكتاب ورفع عريضة بأحوال البلد إلى جلالة الملك، وهذه العريضة هي الكتاب الأسود يروي فيه ما حدث في حزب الوفد وما يعتبره من الفضائح والمصائب. تقدم مكرم باشا عبيد بالعريضة على شكل استجواب أمام مجلس النواب، وما إن عرض مكرم عبيد استجوابه يوم 23 مايو 1943 حتى تقدم العضو حسن ياسين، باقتراح لإسقاط عضوية مكرم باشا عبيد من مجلس النواب، ووصفه بأنه لم يعد جديراً بشرف النيابة، وأجرى التصويت في نفس الجلسة بالرغم من أن فكري أباظة طلب إحالة الموضوع للجنة الشئون الداخلية بالمجلس، إلا أن طلبه رفض وانتهى التصويت بفصل مكرم عبيد من عضوية المجلس، كما أغلق باب مناقشة الاستجواب، وطرد مكرم عبيد وبعد أسابيع إذا بالحاكم العسكرى العام، وهو رئيس الوزراء مصطفى النحاس باشا يصدر أمراً عسكرياً باعتقال مكرم عبيد وتم اعتقاله وأودع السجن بمقتضى قانون الطوارئ. يذكر المؤرخ د. يونان لبيب رزق، في كتابه "الوفد والكتاب الأسود" كيف استشرى الفساد والمحسوبية وتفشى الوساطة والرشوة والتلاعب في تعيين العمد والمشايخ، وتعطيل الأحكام القضائية والتهريب والتدخل في صفقات التموين في السوق السوداء إلى جانب وقائع استغلال شخصي لرئيس الوفد منها قيام السفارة المصرية بلندن بشراء معطف فراء لقرينة رئيس حزب الوفد، وكذلك قبعات للرأس وفصل مئات الموظفين صنفهم الوفد أنصاراً لخصومه مع تعيين آخرين موالين لهم من رجال الوفد. ووجه الكتاب الأسود الاتهام إلى النحاس باشا بثلاثين واقعة منها بيع منزل كان استأجره بالإسكندرية بمبلغ 500 جنيه وشراؤه 80 فدانا من فؤاد سراج الدين وزير داخليته باسم حرمه بثمن أقل من الثمن الحقيقى هذا إلى جانب شراء النحاس لسيارة موديل كوتسيكا بمبلغ 1500 جنيه في حين أنها كانت معروضة ب3000 جنيه، ونشر الموضوع بأكمله في جريدة الأهرام يوم 24 مايو 1943. بذلك كان الكتاب الأسود هو الوثيقة التي هزت عرش الفساد وشهدت لحركة التطهير الشاملة التي أطاحت بالأحزاب السياسية وأرست القواعد لبناء عهد جديد.