سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أسرة "الخروج للنهار" فى ندوة اليوم السابع: الفيلم يؤكد أن المستقبل أفضل رغم الواقع المرير.. والمخرجة: الجمهور أحب شخصيات العمل وفاجأنى برد فعله.. والبطلة: ضغوط الحياة سبب الجفاء الذى سيطر على الأسرة
فى تجربة سينمائية مختلفة وبعد مشاركته فى العديد من المهرجانات السينمائية العالمية والعربية يعرض حاليا بدور السينما المصرية فيلم "الخروج للنهار" للمخرجة هالة لطفى فى أول تجاربها الروائية الطويلة، وهو الفيلم الذى رغم تناوله لواقع حياتى مرير إلا أنه يؤكد على أن القادم أفضل وأن الأمل لم يذهب بعيدا ومازال موجودا فى ظل أحداث يعانى منها الكثيرون، لكن سوف يأتى يوما يذهب فيه الجميع للخروج إلى النهار. وتدور أحداث الفيلم حول فتاة شابة "سعاد" تقوم برعاية والدها المريض والملازم للفراش وتعمل والدتها ممرضة، وتتضح العلاقات بين أفراد الأسرة من خلال بعض الأفعال الرتيبة المتكررة ببطء، مثل إطعام الأب المريض وتنظيفه، وتشع مشاعر الإحباط الذي يغلف علاقة الأم والبنت. حول تلك التجربة السينمائية الجديدة وسر التفاؤل الموجود فى الفيلم ومشاركته فى المهرجانات الدولية الكبرى وأيضا عن تفاصيل اختيار الممثلين المشاركين فى العمل، التقت اليوم السابع مع أسرة الفيلم وهم المخرجة هالة لطفى والأبطال دنيا ماهر ودعاء عريقات والمونتيرة هبة عثمان. -الفيلم سبق أن تم عرضه فى عدة مهرجانات وحصل على جوائز ويعرض حاليا فى السينما، هل هناك اخنلاف ما بين تلقى الجمهور للفيلم فى المهرجانات وبين العرض التجاري؟ هالة لطفي: النقاد عندما يشاهدون الفيلم فى المهرجانات السينمائية يقولون كلاما جيدا، لكنهم مثلا لا يستطيعون أن يقولوا : إية الزفت اللى انت عامله ده" إذا لم يعجبهم الفيلم، لكن الجمهور يعبر عن رأيه بصراحة وبدون حسابات. وتلقيت ردود افعال طيبة كثيرة من الناس وكانت أفضل كثيرا من كل التوقعات التى رسمتها فى خيالى، وكنت مع أسرة الفيلم نخشى من ألا تصل فكرة العمل إلى الجمهور، لكنهم فرحوا به والقصة وصلت إليهم بشكل مميز. واتذكر أن بعض الجمهور جاء لى وقال: "الفيلم فكرنا بوالدنا"، أو أنهم أحبوا شخصيات العمل" وهذه التعبيرات الجميلة كانت مفاجأة لنا جميعا. -لكن لماذا تم تأخير عرض الفيلم فى السينمات كثيرا رغم أنه "جاهز" منذ فترة طويلة؟ هالة لطفي: الموزعون يبحثون عن نمط واحد من الافلام، وللأسف عندما يتحمسون لعرض شئ مختلف يتعاملون معه على أنه نوع من التشجيع، دون أن يكونوا مؤمنين بالفيلم، وبيعرضوا العمل من باب تأدية الواجب فقط، وليست هناك لغة مشتركة بيينا كصناع سينما وبين الموزعين. وللأسف أفلامنا المختلفة تخضع دائما للتصنيف، بمعنى أن البعض يدعى أنها تناسب نوعية ما من الجمهور وليس كل المشاهدين، وهو ما أرفضه تماما "مش عايزين حد يصنفنا ويقول ان الفيلم للافندية والمثقفين"، فالفيلم مناسب للجميع. -لكن البعض يعيب على العمل أن إيقاعه بطئ؟ هبة عثمان: ايقاع العمل الفنى هو رؤية فنية بحتة، والفيلم بأكمله عبارة عن 80 مشهد، وأغلبهم "وان شوت"، وهو أمر صعب فى السينما وليس سهلا. هالة لطفي: تعودنا فى الأعمال السينمائية أن نرى مشاهد وتقطيعات سريعة، وعندما كان أى مخرج بيعمل "وان شوت" فى فيلمه كان يعد ذلك حدثا بالنسبة له، والسيناريو كان عبارة عن 10 صفحات فقط، وكل مشهد سطرين والباقى ارتجال من الممثلين. دنيا ماهر: الفكرة ان المخرجة كانت تريد للمشاهد أن "يزهق" مع البطلة التى زهقت من واقعها، وتعمدنا أن يكون العمل أقرب إلى التسجيلى، لأنه واقعى أكثر، والمخرج له حرية الاختيار بعيدا عن الرائج والشائع فى السوق. * لماذا لم يكن هناك حوار ودى بين الام والابنة والاب الذى كان يعانى من المرض وطريح الفراش؟ هالة لطفي: لقد عشت تلك الحالة فقد كان والدى مصابا بالجلطة، والمريض المصاب بهذا المرض لا يستطيع الكلام، فجزء التجاوب فى المخ لا يعمل، لكنه من الممكن أن يقول كلمة أو جملة دون ان يدير حوارا كاملا، والممثل الذى جسد دور الأب له أيضا تجربة شخصية مع المرض حيث أن والدته كانت مصابة به، وانا كنت مذهوله لانه كان يقدم الشخصية تحية لوالدته. دنيا: الام والابنة لم يكونا قادرين على التواصل، فكل منهما تشعر بذنب تجاه الآخرى، فالعلاقة صعبة، حتى الحوارات بينهما ضعيفة، بسبب الزهق والضغط الذين يعيشان فيه "هيقولوا ايه لبعض!". -لكن لماذا ظهر ذلك الجفاء المسيطر على المنزل، وألم يكن من الأفضل أن يكون هناك نوعا من العطف على حالة رب البيت الملازم للفراش؟ هالة لطفي: ليس حقيقا أنه عندما يكون هناك شخصا مصاب بمرض مزمن أن نجد عطفا من الملازمين له فى المنزل، فببساطة الأشخاص الذين يتحملون عبء حياة شخصا أخر لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم لأنه يكون هناك احساس كبير بالعجز "وبيطلعوا الغيظ ده فى بعض"، وانا فى البيت كان لدى نفس الوضع، وعبرنا بواقعية شديدة عما يحدث من حولنا، ولم نكن نريد أن نخلق حالة من ال "ميلودراما"، وبكاء الواقع مختلف عما تعرضه السينما، لذا حاولنا تقديم الحقيقة والواقع بعيدا عن المبالغة. -اختيار منزل الأسرة محور الأحداث فى العمل، وديكور المنزل ايضا أمرا أشاد به العديد من النقاد ولاقى استحسات الجمهور.. فكيف جاء ذلك الاختيار؟ هالة لطفي: ركزنا على اختيار "شقة" توضح أن الكاميرا بداخل الفيلم تتلصص على الناس التى تعيش داخله، فكنا نصور من وراء الابواب دون أن تأخذ الكاميرا زاوية عين إحدى الممثلين، واخترنا الشقة دون أن نكسر حوائط، حيث عثرت مهندسة الديكور شهيرة مشير على شقة مناسبة فى منطقة شبرا، وفى الحقيقة أبدعت فى عملها حيث طلت كل غرفة بلون مناسب لشخصية العمل، فغرفة الأب كانت خضراء، والابنة أصفر دافي. وأحضرت شهيرة من منزلها الخاص اكسسوارات كثيرة لكى تضعها فى ديكور الفيلم، وكذلك فعل العديد من صناع العمل، حيث كانت هناك حالة مشاركة جماعية من أجل نجاح العمل، فمثلا احضرت مهندسة الديكور كرسى جدها وسبحته ونضارته، ورغم أننى اخبرتها أن هذه الأشياء لن تظهر أمام الكاميرا لكنها فاجئتنى بردها المقنع والذى يوضح حرصها على العمل: ممكن يعملوا طاقة فى المكان. -ما المقصود من اسم الفيلم "الخروج للنهار"؟ هالة لطفي: اسم الفيلم هو الاسم العلمى والأصلى ل "كتاب الموتي"، وكانت الفكرة اننا نحاول نعثر على سبب للتفاؤل، فقبل ثورة 25 يناير كان اسم العمل "الجلطة" ليعبر عن مشاعر الناس "اللى مضروبين على دماغهم" وفكرنا فى ان هذه الحالة لابد أن تتغير فغيرنا اسم الفيلم بمنطق أن موت الاب من الممكن أن يكون مدخلا لكى يتجاوزوا الأزمة التى فى حياتهم. -هناك تفسيرات عديدة لشخصية "الاب" فى الفيلم عبر عنها النقاد بأنها تحمل رمزية ما.. فما مدى صحة ذلك؟ لا توجد أى رمزيات فى الفيلم، فبعض النقاد قالوا إن الاب يرمز إلى السلطة، لكن هذا رأى جانبه الصواب، فلم أكن مهتمة بالرمزيات بقدر أن أسرد الحكاية بصدق. -كم بلغت ميزانية الفيلم؟ هالة لطفي: الميزانية بأكلمها 300 الف دولار، وفرنا منها فقط 200 ألف دولار، وهناك 100 ألف أخرى لم يتم دفعها، وتتمثل فى أجور لممثلين وعمال لم يتقاضوا أجورهم حتى الآن ومنهم الممثلة دعاء عريقات، وذلك يرجع إلى حالة التعاون الكاملة من فريق العمل وأيضا من اصدقائى السينمائيين، لأنهم وثقوا فى التجربة، سواء بدعم مادى أو معنوى فمثلا المخرج أحمد عبدالله هو من نبهنى إلى اختيار المكان الذى تم فيه تصوير أفيش العمل، ووجدنا دعما كبيرا من المخرج مجدى احمد على والمخرج احمد رشوان. -حدثينا عن اختيار النجوم المشاركين فى العمل؟ هالة لطفي: كانت هناك ممثلة سوف تقوم بدور البطولة لكنها انسحبت قبل بدء التصوير لأنها خافت من الدور وصعوبته، وساعدنى أحد الريجسيرات وقدم لى 3 أسماء لبطلات يقمن بالدور وكانت "دنيا" هى رقم 3 فى قائمة المرشحين، لكنها كانت الاختيار الأول لى، حيث شعرت بأنها قادرة على تجسيد شخصية الفتاة محور الأحداث بالعمل، ولديها حضور أمام الكاميرا وأنها ليست بحاجة إلى الكلام لكى تعبر عن نفسها، وفى أول لقاء لى مع دنيا قولت لها " شكلك مش كئيب كفاية" لكن عندما أدرت الكاميرا تحولت فجأة وأعطتنى ما أريده من الشخصية. -دعاء عريقات ظهرت فى مشهد واحد فقط من العمل لكنه ترك انطباعا جيدا لدى الجمهور.. فكيف جاء الاستعداد لهذا المشهد؟ دعاء عريقات: جلست مع هالة وأفهمتنى الموضوع والدور الذى أجسده، ثم طلبت منى أن أحضر للشخصية وأتى لها بعد يومين، ورجعت إليها وأنا "بعيط"، وحاولت أن أتلمس مشاعر الشخصية فتعبت من كثرة الضغوط التى عليها، ولا أعرف هل هى صدفة ام ماذا لكنى وجدت فى الشارع وقابلت شخصيات لديها نفس الحالة النفسية التى تعانى منها الشخصية التى جسدتها فى العمل، حيث كانت مصابة بإضطراب نفسى وتنتابها الهواجس. -يركز الفيلم على "العجز" الذى يعانى منه البشر، وهو يقف بعيدا عن الأفلام التى تهتم بالترفية فقط.. فكيف ترين فرص استمراره ونجاحه؟ هالة لطفي: الأمور لا تحسب باليوم أو غدا أو الاسبوع المقبل وليس أيضا الشهر، فنحن نصنع فيلما ليبقى ويصلح لجميع الأوقات، "أنا بعمل حاجة تعيش" فمثلا فيلم "الارض" تم رفعه من دور السينما عقب أسبوع واحد فقط من طرحه، لكنه أصبح واحدا من ايقونات السينما المصرية، وللأسف هناك سينمائيين يريدون أن يكونوا موجودين اليوم فقط وليس من المهم المستقبل فالبعض يعمل أفلامه من منطلق "تعرية كتف" ليضحك على الجمهور ويأخذ فلوسه، ومع الوقت سيدرك الجمهور "مين اللى بيقلب الناس فى الفلوس" ومن الذى يقدم سينما حقيقة وصادقة جدا مع الجمهور. وكل فترة المجتمع يفرز الأسماء المتميزة سينمائيا، فالأفلام هى التعبير الثقافى للمجتمع، ففى الثمانينات وبجانب أفلام المقاولات ظهر مخرجين كبار مثل محمد خان وعاطف الطيب وغيرهم، وللعلم أكثر فيلم حقق إيرادات هو "المومياء" للمخرج شادى عبدالسلام لانه حتى وقتنا هذا يتم عرضه فى العالم وفى مهرجانات عديدة، رغم أن هذا الفيلم تم عرضه فقط لمدة 9 أيام فى السينما، لكنه أهم فيلم فى تاريخ السنيما العربية لانه يعبر عن ثقافة بلد. -البعض يؤكد أن جيلكم من المخرجين اكثر حظاً من جيل محمد خان؟ هالة لطفي: بالعكس، ويكفى أن أقول أن جيل خان كان يعمل بأفلامه نجوم مثل سعاد حسنى، ولم يكن المنتجون يتحكمون فى الصناعة مثلما يحدث حاليا. -الكثير من المخرجين وصناع السينما يطالبون الدولة بالتدخل لمواجهة أزمات الصناعة.. لكن ما هى هذه المطالب بالتحديد؟ هالة لطفي: عن نفسى أقول "يانحلة لا تقرصنى ولا عايزة منك عسل"، فكل ما اريده أن يتوقفوا عن جمع الأموال منا بدون وجه حق بحجة التصاريح الرقابية وتصاريح التصوير والدمغات، وأن يتم إلغاء الروتين والقوانين الغريبة فى أجهزة مثل الرقابة، وأيضا نقابة المهن التمثيلية التى للأسف لديها ما يسمى ب "حق الضبطية القضائية"، فهل نتخيل أن النقابة تستطيع أن تلقى القبض على أى فنان لأنه ليس لديه تصريح بالتمثيل "ومحدش يقولهم عيب اختشوا". ومآسى المؤسسات الثقافية والنقابات المعنية بالفن كثيرة فمثلا نقابة الممثلين لا تدخل أى تطوير على كتابها السنوى، بل هناك صورة للفنانة إجلال زكى منذ 30 عاما بكتاب النقابة.