اعتدت أنا وابنتيا الصغيرتان أن نخرج ليلة الجمعة نتمشى حول المنزل ونجرى فى مرح ثم نشترى الحلويات والمسليات. وبينما نحن نسير إذ بفتاتين ترتديان عبائتين سوداوين إحداهما اعترضت طريقى باسمة، ثم قالت لى: "إحنا بنشحت لولد أتولد جديد.. على فكرة إحنا مش شحاتين" قالت ذلك وما زالت تحتفظ ببسمتها وأنا فى دهشة من اقتحامها طريقى، فما كان منى إلا أن علت وجهى ابتسامة وبدون تفكير وضعت يدى فى جيبى وأخرجت حينها جنيها معدنيا وأعطتها إياه. ثم سرت والصغيرتان فى طريقنا وسرحت فى الموقف الذى حدث وتصرفى تجاه هذا الموقف، وعندها تذكرت جدتى – رحمها الله – وكانت قد قصت على بعض من قصص السابقين الذين لا يحيا لهم أولاد عقب ولادتهم فيخرج أهله يسألون الناس ويشحذون منهم حتى يعيش وليدهم ويطول عمره، على حد زعمهم. كنت آنذاك أستمع لجدتى وأنعت أبطال هذه القصص والمزاعم بالمتخلفين البعيدين عن تعاليم الدين وعن العلم، ودارت بخلدى أسئلة جمة. نحن فى القرن الحادى والعشرين – نحن أحمد زويل – وال دى إن إيه – والحاسب الآلى – والهاتف الخلوى كل هذا وهناك من يعتقد فى الخرافات. كان من الواضح أن الفتاتين على قدر من التعليم ويفكران بهذه الطريقة ويجعلونها جزءا من حياتهما، وأنا ... أنا المتعلم الرافض لهذى الأفكار مالى تبسمت وأخرجت من جيبى نقودا واشتركت فى هذا الفعل الأحمق؛ هل كانت حكايات جدتى قد رسبت فى تفكيرى جزءاً من التصرفات الحمقاء، أم هى طبيعة شعب يأبى إلا أن يجعل من القديم جزءا أصيلا فى تصرفاته بدون التفريق بين الجيد والردىء؟ إلى هذا الحد ماضينا لا نستطيع الفكاك منه حتى ولو كان أحمقا. نرتكب كل يوم حماقات تخالف العقيدة وتخالف العلم وتجاربه التى أفنى فيها العلماء حياتهم. نرتكب الحماقات ونحن المتعلمين المثقفين ..... والسؤال الذى يطرح نفسه هنا ..... هل هناك أمل؟ والجواب: من المؤكد أن هناك أملا، أمل فى الله – العلى القدير – أمل فى أن نطبق ما نعتقد وما نتعلم فى حياتنا أمل عنده تفرق فيه عقولنا بين الخرافة واليقين، وعلى الله قصد السبيل.