سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
آثار «الدرب الأحمر» فى قبضة الإهمال والبلطجية..هدم مبانى أثرية واستغلال ما تبقى منها كورش يجرى على بعد أمتار من مديرية أمن القاهرة.. والأهالى: 13عمارة سكنية تنتهك حرمة المساجد و«الآثار» تتجاهل شكاوانا
منطقة عامرة بالآثار وشواهد التاريخ المصرى، وهى ليست فى محافظة نائية أو فى منطقة صحراوية، وإنما هى فى قلب العاصمة القاهرة، لكنك إذا حاولت جاهدا معرفة تاريخ آخر زيارة قام بها وزير الآثار أو مسؤول بالآثار للمنطقة فلن تجد إجابة، وستجد فقط اسم «الدرب الأحمر» مرتبطا بالانتهاكات التى تتعرض لها المنطقة الأثرية وبعض التحقيقات الصحفية التى حاولت بشكل أو بآخر أن تلفت انتباه المسؤولين إلى أن هناك خطرا ما يهدد المنطقة من دون جدوى. بدايةً من مدخل شارع «تحت الربع» أو ما يعرف بشارع أبوحريبة وهو الشارع المجاور مباشرة لمديرية أمن القاهرة تجد على الجهة اليمنى مئذنة لمسجد الكلشنى محاطة بأخشاب السقالة ويحيط بالمسجد عدد من الباعة الجائلين، وعربات الأطعمة، ويجاورها مباشرة سبيل وتكية إبراهيم الكلشنى التى يعود تاريخ إنشائها لعام 1358 ميلادية، ذلك الأثر المسجل لدى وزارة الآثار ولكنه مهدم تمامًا كما تستغل ورش لصناعة الأخشاب مدخله بالكامل، فتجده يطل على الشارع بباب مغلق ب«قفل» وسلالمه مهشمة تماما، وقد تحول لمأوى للحيوانات والحشرات وبسؤال العاملين فى الورش عن استغلالهم للمكان، أكدوا أن «الحكومة لم تأتِ لترممه أو تفتح أبوابه وتعرف ما بداخله» ما دفعهم لاستغلاله لأنه «بيت من غير صاحب، وإحنا بنشوف أكل عيشنا «على حد قولهم». المشهد السابق جزء من أزمة تتعرض لها جميع آثار الشارع بنفس الشكل تقريبا، نظرا لغياب المسؤولين وتسويفهم فى تسجيل بعض الآثار بالشارع فكان مصير غالبيتها الهدم، فضلا على إهمالهم فى ترميم ما هو مسجل لديهم من آثار. سالى سليمان المرشدة السياحية تقول إنها لجأت لوزارة الآثار أكثر من مرة لمحاولة إنقاذ آثار الدرب الأحمر التى تعانى إهمالا كبيرا، ولتسجيل ما هو غير مسجل بها فكان الرد من الوزارة «لدينا ما يكفى من آثار» على حد قولها، مؤكدة أنها تعرضت لمضايقات من أحد ملاك العقارات داخل الشارع، بعدما علم أنها تحاول التصدى للتعديات التى يقوم بها على الآثار بشرائه كثير من البيوت ذات الطراز الأثرى وهدمها وبناء مصانع وعقارات بدلاً منها، وآخرها مصنع لتقطيع الألومنيوم بجوار مسجد «قجماس الإسحاقى» وهو المسجد الموضوعة صورته على عملة «الخمسين جنيه» المصرية، لافتة إلى أنه أرسل لها من يهددها بمنعها من دخول المنطقة. ومن قبل كل هذا كانت هناك سرقة واجهة سبيل إبراهيم الجوربجى مستحفظان منتصف العام الماضى ولم تحرك وزارة الآثار ساكنا، وهو ما حدث أيضا مع ضياع مئذنة جامع أحمد المهمندار المسجل أثر 115 والذى يعود لعصر الدولة المملوكية، ويلاصقه مباشرة جامع «الماردينى» الذى فقد أيضا أحد منابره، فضلا على الحالة المتردية لواجهات هذه الآثار والمساجد الموجودة بمنطقة الدرب الأحمر وشارع التبانة، وكل ذلك فى ظل إهمال واضح من قبل المسؤولين عن الآثار. سكان المنطقة يؤكدون بدورهم أنهم قدموا بلاغات للآثار والحى والمحافظة ونيابة الإسكان، ضد انتهاك ما يصل إلى 13 عمارة سكنية لحرمة الآثار والمساجد، من دون أن يستجيب لهم أحد، وحسبما يقول مصطفى محمد عبدالهادى المستأجر لأحد المحلات بشارع أبوحريبة أمام نقطة شرطة المتولى فإن هناك شخصا يدعى «ح.ك.ح» يقوم بشراء الأراضى الوقف ويهدم ما عليها من بيوت أثرية ويبنى بدلا منها عمارات خرسانية عالية، وكلما يحاول أحد التصدى له يردد على مسمع من الجميع «الحى فى جيبى، والشرطة فى جيبى الثانى»، مشيرا إلى أن عقارا يمتلكه هذا الشخص، صدر له قرار بالهدم من الحى بعدما حضرت لجنة من قطاع الآثار الإسلامية والقبطية وأصدرت تقريرا يؤكد أن العقار يعد جزءا من نسيج الشارع التاريخى والأثرى ولا يجوز هدمه، موضحا أنه أقدم بالفعل على هدم الجزء الخلفى من العقار بعد حصوله على تصريح بالهدم، وهو الجزء الملاصق لمسجد قجماس الإسحاقى، وقام ببناء مصنع لتقطيع الألومنيوم، رغم حصوله على أوراق تثبت أن المنزل وقف لصالح السيدة نفيسة قادون بن البيضاء، ولا يجوز هدمه أو التصرف فيه، فضلا على أنه عبارة عن محلات فقط ولا يعلوه أى أدوار سكنية. ويشير إلى أن المسؤولين بنقطة شرطة المتولى يرفضون أى محاولة لتحرير محضر ضد هذه المخالفات، موضحا أنه تقدم بشكوى فى أبريل 2013 للعديد من الجهات لإنقاذ ما تبقى من العقار والحفاظ على المسجد الملاصق له، وبينها وزارة الآثار والحى، ومدير عام الملكية العقارية للأوقاف ومدير عام هيئة الأوقاف، وإدارة المساحة والأملاك، وطالب بتشكيل لجنة من وزارة الآثار لمعاينة العقار وإبداء الرأى فيما إذا كان أثريا ويقع ضمن المبانى ذات الطراز المتميز من عدمه. خلال جولتنا فى المنطقة التاريخية فوجئنا بشخص يخرج علينا بسلاح أبيض ومصطحبا معه كلب أسود كبير، مهددا لنا بالتوقف عن التصوير، وهو الأمر الذى أوقفه تدخل الأهالى، الذين أكدوا لنا أن هناك من يتولون مراقبة تحركات كل من يدخل الشارع من الغرباء وإبلاغ أصحاب المخالفات بذلك لأخذ حذرهم. يذكر أن وزير الدولة لشؤون الآثار الدكتور محمد إبراهيم أعلن فى العام الماضى وفى لقاء جمعه بمدير مؤسسة الأغا خان لويس موريال بأنه سيتم افتتاح مجموعة من المواقع الأثرية التى تم الانتهاء من ترميمها مؤخرا بمنطقة القاهرة التاريخية والدرب الأحمر، وذلك فى احتفالية كبيرة تقام فى نهاية شهر مايو 2013، منها مواقع قبة طراباى الشريفى، ورباط الأمير أزدمر، والجامع الأزرق، إلى جانب بعض مشروعات القاهرة التاريخية مثل مسجد وسبيل ايتمش البجاسى، وحوض شرب الدواب، وقاعة المناسبات، وجميع هذه المشروعات لم تر النور حتى الآن، وعلى العكس من ذلك لم تتحرك «الآثار» تجاه بلاغات أكدت وجود أشخاص ينقبون عن الآثار داخل منطقة الدرب الأحمر. وكان المقدم محمد محجوب رئيس مباحث قسم شرطة الدرب الأحمر تلقى بلاغا بقيام عدد من الأشخاص بالتنقيب عن الآثار أسفل العقار رقم 4 بزقاق الساقى بسكة المردانى، وألقت القوات القبض على عامل يدعى «السيد. أ. م» و«محمود. أ. ش» ساكن بالعقار، فيما عثرت على أدوات حفر وفر متهم ثالث هاربا، وبالفحص تبين قيام المتهمين بالحفر على عمق 5 أمتار بعرض 5 أمتار أخرى، فى محاولة للعثور على مقبرة أثرية.