وصف طلعت الشايب الكاتب والمترجم المصرى، الحرب الباردة الثقافية، والتى تهدف للاستيلاء على عقول البشر، بالقوة الناعمة، قائلاً: "نحن فى ترجمتنا نلهث وراء عالم متقدم، اعتمد فى أساس تقدمه على الإسلام، ونحن الآن من نلهث خلفه، فأمريكا لديها مركز لدراسات الشرق الأوسط، ليس خوفًا من العرب، بل حتى لا تفقد سيطرتها علينا"، جاء ذلك خلال الجلسة الثالثة من ندوة "الترجمة وتحديات العصر" بالمجلس الأعلى للثقافة صباح اليوم. من جانبه قال الدكتور قاسم عبده قاسم عضو لجنة التاريخ فى المجلس الأعلى للثقافة، خلال جلسة "الترجمة والتبعية"، إن الترجمة أحياناً تكون وسيلة المغلوب للتشبيه بالغالب، لا سيما عندما يكون الطرف الناقل أضعف ثقافيًا من الطرف المنقول عنه بحيث لا تثير الترجمة عوامل الفكر وتحفز دوافع الإبداع بقدر ما تثبط العزيمة وتكرس ثقافة التبعية. مضيفاً ليس شرطًا أن تكون الترجمة معادلة بين طرفين أحدهما متفوق والآخر ينقل عنه ليبنى على أساسه، فكثيراً ما تكون الترجمة وسيلة من وسائل التفاعل الفكرى والعلمى والاستفادة المتبادلة بين ثقافات متقاربة المستوى. وأوضح قاسم، أنه فى العصر الحديث مثلاً، نجد الترجمة فيما بين اللغات الأوروبية ممارسة شائعة فى الحياة الفكرية الأوروبية، فما أن يصدر كتاب مهم – مهما كان موضوعه – حتى تتم ترجمته إلى اللغات الأوروبية الأخرى، وهو ما أدى إلى زيادة التقارب بين الثقافات الأوروبية المختلفة بحيث بات من الممكن الحديث عن "الغرب" باعتباره مفهومًا ثقافيًا واحدًا على الرغم من التباينات اللغوية والعرقية والتراثية فيما بين الأمم الغريبة، فقد صارت الترجمة بمثابة "عملة أوروبية ثقافية موحدة" مثل اليورو، فهذا الجانب الإيجابى فى الترجمة، يجعلها من ضرورات الحياة العلمية والفكرية فى جميع الثقافات المعاصرة. وأشار الناقد خيرى دومة فى كلمته عن "الترجمة والتبعية والنقد" إلى أن "التبعية" مصطلح سياسى واقتصادى سىء السمعة؛ نما فى وسط سياسى تتجاذبه قوتان أساسيتان: قوة الإمبراطوريات الاستعمارية الكبرى التى اقتسمت فيما بينها، وهو ما عرف باسم العالم الثالث، وقوة الأمم الناهضة الساعية إلى الاستقلال والتحرر من هذا الاستعمار. وتابع دومة، ولأن الترجمة وسيلة أساسية من وسائل الثقافة والمثقفين، بدا ارتباطها بالتبعية أمرًا بديهيًا؛ فالتابع والمتبوع كل منهما يترجم عن الآخر، والحقيقة التى ينبغى أن نقولها دون حرج "نعم نحن تابعون"، ولكن السؤال الأهم ماذا نفعل لكى نكون أفضل؟، مضيفاً :"لا أحد يمكن أن يطالب بالانغلاق، كما أن المشكلة ليست فى نقل التابع عن المتبوع، وإنما المشكلة فى عدم إتقان النقل". وأوضح المترجم السورى الدكتور بدر الدين عرودكى، أن الترجمة لم ترتبط بالتبعية بقدر ما ارتبطت بمحاولة معرفة الآخر، إما للسيطرة عليه، أو من أجل استيعابه، مشيراً إلى أن التبعية وضع يفرضه طرف على طرف آخر، بالقوّة أو بالترهيب، دون أن يكون للترجمة أى دور فى هذه العملية، مضيفاً أن الترجمة خطوة واعية وطوعية نحو الآخر، فى محاولة للتعرف عليه، وعلى عاداته أو تقاليده أو هواجسه أو تطلعاته. يذكر أن ندوة "الترجمة وتحديات العصر تم افتتاحها صباح أمس فى العاشرة صباحاً وحضر الندوة الدكتور جابر عصفور رئيس المركز القومى للترجمة والأستاذ الدكتور محمد عبد الله المطوع عضو مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن على العويس الثقافية.