بعد الإعلان عن تولى المهندس إبراهيم محلب رئاسة الوزراء ارتفعت أصوات كثيرين تهاجم الرجل ووصفته أنه من فلول لجنة السياسات وغيرها وأن فى اختياره انقلاب على الثورة، بل أكثر من ذلك وصل الشطط بالبعض إلى اعتبار أن اختياره خيانة للثورة والبعض الآخر ادعى أنه تمهيد لعودة جمال مبارك للمشهد. قد اتفهم فكرة الوفاء لروح ودماء الشهداء والحق الكامل فى التعبير عن الخوف من وجود بعض قيادات كانت معلومة ومعروفة وجاءت من رحم نظام الحكم الأسبق الذى ثرنا عليه فى 25 يناير 2011, ولكن اختلف مع الربط الدائم بين فكرة من يتولى أى منصب تنفيذى وعودة جمال مبارك للحكم، فما هى الفائدة من الخلط بين الاحتمال والمستحيل؟ والاحتمال هو أن يتولى أى فرد لديه كفاءة ما منصبا فى الدولة حتى ولو كانت رئاسة الوزارة ممثلة فى شخص المهندس إبراهيم محلب وكان مجرد عضو فى لجنة السياسات, وصولا إلى تمنى قطاع هائل من الشعب وصول المشير عبد الفتاح السيسى لمنصب الرئيس، وقد عينه مبارك مديرًا للمخابرات الحربية فهل نرفضه لذات السبب. حقيقة لا أدرى ما سر كل هذا الهجوم حاليًا على شخص المهندس إبراهيم محلب ولم يحدث معه ذلك، حين أسند إليه منصب الوزير وهو نفس الشخص حين أوكل إليه منصب رئيس الوزراء لدرجة يريد معها البعض أن نقيم عليه الحد. ألم يكن وزيرًا ناجحًا فاعلا فى الحكومة السابقة بل وأسرع الوزراء فى التواجد فى الشارع وفى قلب كل مشكلة حتى أثنى عليه الجميع وكان أكثر شخصية بل والوحيدة المرشحة لأن تكون أفضل من د.الببلاوى, أم إننا تذكرنا لجنة السياسات الآن فقط وبدأ الخلط بين المحتمل المتاح لكل البشر وكل من عمل فى منصب ما فى فترة حكم مبارك خاصة السنوات العشر الأليمة الأخيرة. المستحيل بعينه هو أن جمال مبارك قد يعود للتواجد مجرد تواجد على الصورة فى أى منصب تنفيذى لأنه لن يسمح أحد فينا بذلك ولن يصل لمخيلته هو نفسه ذلك، حتى لو كان من بالحكم اليوم هم جميعا من لجنة السياسات الميتة. ولمن يتحدثون عن الماضى البعيد ويقلبون صفحات الثورات ليس معنى الثورة أن نهدم كل شىء ولا وجه مقارنة بين ثورة 52 وثورتى 25 يناير و30 يونيه فلا تعداد السكان حاليا وقلة الدخل والموارد وزيادة وتنوع متطلبات الناس ولا البشر حاليا هم نفس المصريين سابقا , قارنوا بين أجيال عاشت الخمسينيات والستينات ومتطلباتهم واليوم لنعرف الفرق الكبير بين كل زمان وآخر. خلاصة القول، أن كثرة الحديث فى هذا الأمر هو من باب إثارة المشاكل دون الاستناد لمنطق لنزيد حجم الكراهية ونثير المشاكل فى كل مكان فى مصر حتى لو على موقع إلكترونى أو صفحة على الفيس بوك، لنجعل منه توجيه لرأى عام وإثارة للمثارين أصلا كالتنظيم الإرهابى المدعو تحالف دعم الشرعية وكل من معهم, دون إدراك للأخطر أيضًا وهو إثارة الشباب وطلبة الجامعات وقطاعات من العمال. كنت أتمنى على البعض أيضًا من المفكرين والمثقفين أن تعطى فرصة للرجل أن يعمل أولا ونراقبه جميعًا ونحكم على أدائه بعدها إيجابًا أو سلبًا, وان كانت الأدوات المتاحة للنجاح اليوم ضعيفة، كما هى بلا تغيير أو زيادة، اللهم إلا فى احتمالية أن يأتى الرجل عمليا بأفكار جديدة مع العمل الشاق الجاد, وأول الطريق فعليًا هو الترشيد الحقيقى الواقعى فى الإنفاق وكم الهدر الهائل فى الميزانية العامة للدولة والتوجيه الصحيح للمتاح من الموارد وبدأ منظومة حقيقية للعدالة الاجتماعية المنطقية لإذابة الفوارق البشعة بين الطبقات. أتمنى على كل صاحب منطق وفكر وعقل أن يتفهم واجبنا فى أن نراقب أولا ثم نحكم ونرى، ولقد رأينا بأنفسنا كما هائلا من الكفاءات تعتذر عن المناصب، فمن أين سنأتى بوجوه تتصدر العمل التنفيذى وتقوم بدورها أم أن الوجوه السابقة كالدكتور حسام عيسى ود. زياد بهاء الدين ومن قبلهم د. حازم الببلاوى كانت تسعد البعض وفيهم كل الخير. أبسط الحقوق أن نعطى فرصة حقيقية بلا مظاهرات مستمرة ومطالب فئوية يومية وقلة إنتاج وانعدام لمصادر دخل وطنية حقيقة كالسياحة وفقدان للأمن والأمان ثم نطلب المستحيل. يجب أن نحاول النظر للأمام ونشجع الناجح فينا وندعمه خاصة من أبدى استعدادا لحمل الأمانة والتصدى للمشهد الصعب بكل معطياته لعله يقود المركب إلى بر الأمان بدلا من أن نحطم الجميع بالتشكيك الدائم والاتهام المستمر والنبش فى الماضى بلا هدف وطنى حقيقى.