قبل يومين قرر نقيب التجاريين سمير علام وقف صرف معاشات مائة ألف عضو بالنقابة إلى أجل غير مسمى، لحين توفر موارد تكفى الاحتياجات المالية للأعضاء.. وكانت القابة قد خفضت المعاش من مائتى جنيه إلى خمسين جنيها شهريا، ثم قررت صرفه كل ثلاثة أشهر لعدم وجود موارد مالية. نقابة التجاريين على وشك إشهار إفلاسها رغم أن عدد أعضائها يتجاوز المليون عضو، ويفترض أنها من أكبر النقابات المصرية لكنها تعانى ضعف الموارد، وبالتالى ضعف الخدمات التى تقدمها النقابة لأعضائها. وبينما تشكو معظم النقابات المهنية من وضعها تحت الحراسة مثل نقابة المهندسين، أو عدم إجراء انتخابات بها منذ أكثر من خمسة عشر عاما، بسبب قانون النقابات المهنية الموحد رقم 93 لسنة 1993، تمثل نقاببة التجاريين نموذجا مختلفا لتراجع العمل النقابى بسبب الموارد المالية. ويسعى التجاريون إلى إصدار قانون جديد لنقابتهم يسمح بتنمية موارد النقابة حتى تتمكن على الأقل من الوفاء بالتزاماتها الدنيا، مثل المعاشات لأعضائها المستحقين، لكن يبدو أن هذا الموضوع خارج الأجندة التشريعية للبرلمان.. مما دعا النقابة إلى الإعلان عن اعتصام اعتبارا من مارس القادم، للضغط على مجلس الشعب لإجازة القانون. نقابة التجاريين نموذج لحالة الشلل التام التى تعانى منها النقابات المهنية فى مصر، بسبب الصراع بين الحكومة والإخوان، فعقب اجتياح الإخوان لمجالس معظم النقابات المهنية فى التسعينات أفتى الكثيرون بأن نجاح الإخوان راجع لأنهم القوة المنظمة الوحيدة التى تستطيع حشد أعضائها مما يمكنها من اجتياح مجالس النقابات، وفصل ترزية القوانين تعديلا تشريعيا يقضى بحضور خمسين بالمائة من أعضاء النقابة فى أى انتخابات حتى تصبح صحيحة، ثم تعاد وتجرى الانتخابات إذا حضر أربعون بالمائة ممن لهم حق التصويت. وبدا غريبا هذا التشدد الحكومى فى مشاركة أعضاء النقابات المهنية فى انتخابات مهنية خاصة، بينما الانتخابات النيابية الأكبر تصبح صحيحية وسليمة بأى نسبة حضور، لدرجة أن بعض الدوائر فى القاهرة والإسكندرية تحسم مقاعدها النيابية بخمسة بالمئة فقط ممن لهم حق التصويت. وإذا كانت نقابة التجاريين على وشك الموت فإن معظم النقابات المهنية الأخرى تنازع، لأن الحكومة والإخوان والقوى السياسة الأخرى يصرون على خوض معاركهم على أرضية النقابات المهنية، حتى ولو كان الثمن شل تلك النقابات وتعريض مصالح الأعضاء للخطر.. بما فى ذلك عدم القدرة على صرف المعاشات. ويبدو أنه لا يوجد حل لاستعادة العمل النقابى المهنى فى مصر إلا إذا رفع الجميع أيديهم عن النقابات المهنية.. وهو أمر لا يبدو فى الأفق، مما يعنى أن علينا انتظار أن تلحق نقابات أخرى بنقابة بالتجاريين.. وتعلن وفاتها ويسعى أعضاؤها لاستخراج شهادات فقر!