يبدو أن الرقابة على الإبداع لم تعد مرضا تعانى منه بلدان العالم الثالث وحدها، وهذا ما يدل عليه العديد من الممارسات الرقابية التى شهدها معرض فرانكفورت الدولى للكتاب، فقد وجهت وسائل الإعلام الألمانية انتقادات عديدة لدار نشر "دورستى" الألمانية التى أوقفت نشر رواية بوليسية فيها حوارات "قد تجرح مشاعر المسلمين" وتدور رواية "الشرف لمن يشرّف" حول جرائم القتل من أجل الشرف التى انتشرت مؤخرا فى ألمانيا بين المهاجرين المسلمين. ورصدت الشرطة الألمانية فى السنوات الأخيرة 96 جريمة قتل ضد فتيات مسلمات كان القاتل فيها أب أو أخ رفض تحرر ابنته أو أخته من تقاليد الأسرة الصارمة وعاقبها بالقتل، وكان الفائز الوحيد من هذه الزوبعة هى كاتبة الرواية التى تكتب تحت اسم مستعار "و. و. دومسكى" حيث وجدت دار نشر أخرى قررت نشر الرواية فورا وعرضها بالمعرض. فى المقابل استنكرت القناة الثالثة الألمانية فى تقرير لها، منع نشر الرواية، وضربت مثلا معاكسًا برواية "وداعا أيتها السماء" التى نشرتها دار ميريت فى مصر، ولم يطلها مقص الرقيب رغم أنها تخوض فى كل تابوهات العالم الإسلامى، ولكنها أشارت إلى تكفير الكاتب حامد عبد الصمد وإلى التهديدات التى تلقاها بسبب كتابه، كما احتوى التقرير على إشارة لرواية "حق العودة" للكاتب الهولندى اليهودى المعروف "ليون دى فينتر"، وتدور أحداثها فى عام 2024 حيث يتنبأ الكاتب أن تنكمش إسرائيل لتصبح دويلة صغيرة فى داخل أسوار تل أبيب يحيطها عرب فلسطين من كل الجهات. ويناقش "دى فينتر" فى روايته قضية انكماش المجتمع المدنى وتحجيم الحريات بسبب الخوف من الإرهاب. كما ناقشت وسائل الإعلام الألمانية موضوع الرقابة على الكتب فى معرض فرانكفورت للكتاب. وانتقدت بشدة إجراءات الصين ضيف المعرض لهذا العام بمنع مجموعة من الكتاب المنتقدين للنظام الصينى من السفر لألمانيا لحضور المعرض ومنع كتبهم من العرض. وفى تقرير آخر للقناة الثانية كان التركيز على الكتب الصادرة بالألمانية حول الإسلام، وتم التركيز على أربعة كتب هى "وداعا أيتها السماء" التى صدرت منذ أسابيع فى ألمانيا، وطبعة جديدة من كتاب "الاستشراق" للراحل إدوارد سعيد وكتاب "سام التركى" حول شاب كان يقود عصابة إجرامية فى همبورج، وكتاب آخر مثير للجدل بعنوان "الإسلام يحتاج لثورة جنسية" للكاتبة التركية المعروفة "سيران آتيش" التى عاشت فترة طويلة تحت حراسة الشرطة. واختتم التقرير بأمل أن يكون العام المقبل خاليا من الرقابة، خاصة أن الدولة الضيفة فى 2010 ستكون الأرجنتين الديمقراطية.