الأخوة المواطنون .. تحتفل مصر اليوم بنصر أكتوبر العظيم.. نحتفل معا بيوم مجيد من أيام الوطن وشعبه وقواته المسلحة.. أتحدث إليكم فى الذكرى السادسة والثلاثين لمعركة العبور، نستعيد معها صفحة خالدة فى كتاب الوطن، وأحداثا مصيرية فى تاريخنا المعاصر. ستبقى حرب أكتوبر رمزا لعظمة مصر وصلابة إرادتها.. ولعزم المصريين وتمسكهم بكرامتهم الوطنية. وستبقى ذكرى النصر برهانا حيا ومتجددا على شموخ قواتنا المسلحة.. وشجاعة وتضحيات أبطالها. تمر بنا ذكر النصر، فنتذكر بالفخر والاعتزاز جيلا صامدا من المصريين.. رفض هزيمة عام 1967.. لم يستسلم أو يضعف أو تنكسر إرادته.. عاش صدمتها وتحمل معاناتها.. وقف بجانب جيشه بعطاء دون حدود، خلال حرب استنزاف مريرة وحرب تحرير شرسة.. وقدم العديد من التضحيات من أجل استرداد أرضه المحتلة، واستعادة عزة الوطن وكبريائه. تحية فى ذكرى أكتوبر لهذا الجيل العظيم.. فلقد برهنوا على صلابة معدن هذا الشعب، وقدموا لأجياله اللاحقة القدوة والمثل .. تحية لرجال قواتنا المسلحة فى يوم عيدهم وانتصارهم .. تحية لعزيمتهم وشجاعتهم وبطولاتهم .. وتحية لأرواح شهداء عند ربهم يرزقون.. بذلوا دماءهم فوق أرض سيناء.. وقدموا حياتهم - عن طيب خاطر - فداء للوطن. وتحية لروح الرئيس السادات.. فقد اتخذ قرار الحرب واثقا فى الله وشعبه وقواته المسلحة .. ففتح بنصر أكتوبر الطريق للسلام نعم.. بات الطريق إلى السلام مع إسرائيل مفتوحا.. بعد أن طوى نصر أكتوبر سنوات الهزيمة والاحتلال، وبعد أن استرد لمصر عزتها، وللعسكرية المصرية اعتبارها وكرامتها.. سلام تحميه القوة.. استعدنا معه كل شبر من سيناء، أتاح لنا توجيه مواردنا لخير بلدنا وشعبنا، ولتنمية وتطوير مجتمعنا، وأثبت خلال الثلاثين عاما الماضية أن سلام الشرق الأوسط ليس مستحيلا أو بعيد المنال. إن السلام كل لا يتجزأ.. وهو الضمان الحقيقى لأمن واستقرار دول المنطقة وشعوبها. ونحن فى مصر نعمل من أجل سلام عادل وشامل.. يقيم الدولة الفلسطينية المستقلة وينهى محنة شعبها.. يستعيد لسوريا ولبنان أراضيهم المحتلة.. ويغلق ملف الصراع العربى الإسرائيلى إلى الأبد. إن منطقتنا تشهد أزمات عديدة.. وأخرى باتت تلوح فى الأفق.. لا وقت الآن للمراوغة من استحقاقات السلام.. لا وقت لتجاهل أسسه ومرجعياته.. ولا بديل عن المضى على طريقه الشائك والصعب، برؤية تتجاوب مع تطلعات الشعوب .. وقادة يملكون الإرادة السياسية وشجاعة القرار. لقد طرح السلام المصرى الإسرائيلى نموذجا مشرفا للسلام العادل يقبل التطبيق على باقى مسارات السلام، وقضية السلام تمر اليوم بمرحلة دقيقة.. وتقف فى مفترق طرق صعب، لم تعد تحتمل فشلا جديدا.. أو أن تضيع الفرصة الحالية السانحة.. كما ضاعت فرص عديدة من قبل .. وستواصل مصر تحركها وجهودها - دون كلل - مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية، انتصاراً لسلام شامل وعادل ومشرف يضع الشرق الأوسط فى مسار جديد.. ويفتح أمام دوله وشعوبه صفحة جديدة.. من السلام والأمن والتعايش والاستقرار. لقد كنت شاهدا على كفاح شعبنا فى سنوات الحرب والسلام، خضت معارك قواتنا المسلحة وحروبها، وشاركت فى مسيرة السلام منذ اليوم الأول، تحملت مسئولية الوطن وأمانته فى مرحلة صعبة وظروف قاسية.. خضنا معا مواجهة ضارية مع قوى الإرهاب والتطرف، وحققنا معا إنجازات عديدة غيرت وجه الحياة على أرض مصر. واليوم .. وبعد ستة وثلاثين عاما من انتصار شعبنا وقواته المسلحة .. فإننا لا نزال مرابطين دفاعا عن أمن الوطن وأمان شعبه ووحدته الوطنية، تظل غايتنا تحقيق المزيد من النمو الاقتصادى والتنمية.. والمزيد من تطوير وتحديث مجتمعنا لصالح كافة أبنائه.. محور سياساتنا هو المواطن المصرى فى حاضره ومستقبله .. ويتأسس تحركنا على إطلاق قوى المجتمع وإمكاناته.. ودعم قيم المواطنة والمشاركة والعدل الاجتماعى، ننتصر لقضايا الحق والعدل والحرية والسلام.. وندافع عن مصالح أمتنا العربية وهويتها، نمضى فى طريقنا بتصميم وعزم المصريين .. واثقين فى أنفسنا.. موقنين أن الله معنا. إن احتفالنا بذكرى النصر يستدعى سجلا مشرفا لأحداث كبرى وحاسمة فى تاريخ مصر، ومرحلة مصيرية من كفاح شعبنا.. ويتعين علينا جميعا أن تكون أحداث تلك المرحلة حاضرة فى وعى أجيالنا الجديدة وعقولهم.. يستمدون منها إلهاما متجددا يشحذ الهمم والعزائم.. يعزز فى قلوبهم وضمائرهم قيم الوطنية والانتماء.. ويحفظ فى صدورهم الولاء لمصر وأرضها ورايتها .. وطنا كريما نعيش فيه ويعيش فينا، ونبذل من أجله كل غال وعزيز.