يظل سبيلهم الوحيد إلى لجان الاقتراع مفروشاً بالأشواك، فهم لا يجيدون الوصول بمفردهم، بعضهم لا يجيد رؤية كم قطع من الكيلومترات، والبعض الآخر تجره عجلات الكراسى المتحركة إلى هناك، ويبقى السؤال الأهم هو كيف يحصل ذوى الاحتياجات الخاصة على حقهم الانتخابى كاملاً، خصوصاً أننا أمام 16 مليون معاق فى انتظار لحظة الاقتراع على التعديلات الدستورية الجديدة، خصوصاً أنها أضافت إلى الدستور المصرى أول مواد تتحدث عن حقوق ذوى الاحتياجات الخاصة. تتحدث "إيمان مراد"، 30 سنة، وهى واحدة من ذوى الاحتياجات الخاصة، تجلس على كرسى متحرك لا يمنعها من آخذ القرار بالمشاركة، عن تجاربها السابقة فى الانتخابات ل"اليوم السابع"، فتقول: "أول مرة أشارك فى الانتخابات كان فى استفتاء تعديل المواد الدستورية فى 19 مارس، وكانت فرحتى لا توصف.. لأول مرة أحس بأنى مواطنة مصرية لها حق التصويت، لكن للأسف فرحتى لم تكتمل"، وتصمت برهة لتستطرد: "واجهت صعوبة فى الوصول إلى اللجنة، لأنها فى الدور الخامس، ولما طلبت من القاضى يساعدنى فى إنزال ورقة التصويت بالصندوق الانتخابى رفض". وتكمل: "برضوا ما سكتش وخليت الأمن يساعدنى ويشيلنى وأدليت بصوتى لأنه أمانة، بس من وقتها وأنا خايفة أشارك علشان ما أواجهش صعوبات تانية". بحكم عمل "إيمان" كمسئول ملف الإعاقة بمبادرة حلم، تؤكد أن أهم المشكلات التى تواجه المعاقين حركياً عند ممارسة حقهم الانتخابى هو عدم وجود أماكن مُعدة سلفاً لهم. لم يختلف الحال كثيراً بالنسبة ل"أحمد نجيب"، 32 عاماً، فهو من ذوى الإعاقة البصرية، الأمر الذى ضاعف من صعوبة وصول صوته الانتخابى، كما يبادر بالقول: "الكفيف مش بس ما بيعرفش يروح يدلى بصوته فى لجنته، ده كمان بيواجه صعوبة فى الاحتفاظ بنسخة من الدستور للرجوع ليها فى أى وقت، وهو ما تحاول بعض الجمعيات الأهلية تسهيله وتقوم بطبع الدستور بطريقة برايل". "طبعت نسخة الدستور من الانترنت بطريقة برايل".. هكذا يؤكد "نجيب" الحاصل على ماجستير فى التاريخ من كلية الآداب، لافتاً إلى أن المتضرر الأكبر هو الكفيف الأمى الذى لا يجيد القراءة والكتابة ويكون من السهل ضياع حقه الانتخابى، خاصة أن معظمهم يتواجد فى القرى والنجوع البعيدة. أما محمد شعراوى، "36 سنة"، رئيس مجلس إدارة النقابة المستقلة لذوى الاحتياجات الخاصة بالقاهرة "مكفوف"، يحكى عن معاناته ل"اليوم السابع"، فيقول: "كل ما كنت بروح عشان أصوت فى انتخابات قبل الثورة مكنتش بلاقى اسمى فى الكشوف"، متحدثاً عن أصعب المواقف التى واجهته فى الانتخابات البرلمانية 2011: "كان معايا مرافق، لكن القاضى رفض دخوله وأصر على التصويت بالنيابة عنى، ومن وقتها مش عايز أروح أنتخب علشان الإحراج". ولم ينس الناشط السياسى "مازن حمزة "، 26 سنة، من ذوى الإعاقة الحركية، أن ينتزع حقوق زملاؤه المعاقين فى المشاركة السياسية، فكانت مبادرته بعنوان "من حقى"، التى جمع من خلالها عدداً من المنظمات الأهلية لطبع كتيبات مشروحة ببساطة ومطبوعة بطريقة "برايل" على نفقته الخاصة، ليتحدث عنها قائلاً: "بوزع كتيبات على القرى والنجوع فى مصر وبحاول أعمل برامج على قنوات خاصة لعرض مواد الدستور بطريقة الإشارة عشان يقدر ذوى الإعاقة من الصُم والبُكم يتابعوها فى أى وقت".