من المعروف شرعًا عدم جواز تزكية النفس أو الغير على الله سبحانه وتعالى، وإذا ما اضطر المرء اضطرارًا إلى مدح شخص والإطراء على خلقه ودينه فإنه يستدرك قائلا: نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله. فما بالنا نشهد من دعاة المشروع الإسلامى عجبًا فى هذا الإطار، حيث يضعون مرشدهم موضع النبى المرسل فيذهب أحدهم إلى وصفه بقوله: "إن المسلمين لم يروا مثل حسن البنا من مئات السنين، فى مجموع الصفات التى تحلى بها، وخفقت أعلامها على رأسه الشريف. لا أنكر إرشاد المرشدين، وعلم العالمين، ومعرفة العارفين، وبلاغة الخطباء والكاتبين، وقيادة القائدين، وتدبر المدبرين، وحنكة السائسين. لا أنكر هذا كله عليهم من سابقين ولاحقين، لكن هذا التجميع لهذه المتفرقات من الكمالات، قلما ظفر به أحد كالإمام الشهيد رحمه الله. لقد عرفه الناس وآمنوا بصدقه، وكنت واحداً من هؤلاء العارفين به، والذى أقوله فيه قولاً جامعًا: هو أنه كان لله بكليته: بروحه وجسده، بقالبه وقلبه، بتصرفاته وتقلبه. كان لله فكان الله له، واجتباه وجعله من سادات الشهداء الأبرار ". فى حين يصف المولى نبيه بقوله: "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل". "قل إنما انا بشر مثلكم يوحى إلى ". ويصف آخر البنا بقوله: "كان عقلاً هائلاً , وروحًا موصولاً بالسر الأعلى. ... كان عظيمًا موفقًا لا يخطئ الوجهة". ولم يكتف الإخوان بمرشدهم، وإنما انسحب ذلك على الأتباع فيقول البنا عن الإخوان: "اذكروا جيدًا أيها الإخوان. . أنكم الغرباء الذى يصلحون عند فساد الناس، وأنكم العقل الذى يريد الله أن يفرق به للإنسانية بين الحق والباطل فى وقت التبس فيه الحق بالباطل، وأنكم دعاة الإسلام، وحملة القرآن، وصلة الأرض بالسماء، وورثة محمد (ص) وخلفاء صحابته من بعده"، وفى موضع آخر يقول: "إن الله قد من عليكم، ففهمتم الإسلام فهماً نقيًا صافيًا، سهلاً شاملاً كافيًا وافيًا". وفى موضع ثالث يقول: "إن دعوتكم أعف الدعوات، وأن جماعتكم أشرف الجماعات". بعد كل ذلك فلا غرابة أن تسمع صبحى صالح وهو يدعو قائلاً "أسأل الله أن يتوفنى على الإخوان". وأن تسمع من محمد بديع نعته لمهدى عاكف برضى الله عنه. وأن نسمع من نائب المرشد جمعة أمين وصفه لشباب جماعة الإخوان بأنهم: "خيرة رجال البشرية"، مؤكدًا أنهم تحملوا ما تحمله الصحابة رضوان الله عليهم. وأكد أن هذا الجيل تحمّل فى سبيل هذه الدعوة الشدائد، وتحلى بالإصرار عليها، بقوله: "إن أبا بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلى بن أبى طالب، وبلال وعبيدة وطلحة بن عبيد الله، وعمار وياسر وسمية وجميع الصحابة تحملوا الأذى حتى حقق الله على أيدى الجميع نصر هذا الدين". وهكذا ببساطة شديدة تساوى الإخوان مع الصحابة وتساوى المرشد بالنبى (ص) وتساوى فكر الإخوان بالإسلام سواء بسواء. ونحن لم نر النبى (ص) ولم نر البنا، ولكننا رأينا مهدى وبديع، ورأينا البلتاجى والعريان ورأينا شباب الإخوان. دعك من النظرة الإستعلائية الإقصائية العنصرية التى يتمتعون بها، ودعك من ظاهرة الكذب التى يتمتعون بها فقد يكون لديهم لها تخريجًا، حيث يباح الكذب على الأعداء. ونتساءل عن علاقة أخلاقهم بالإسلام فعلاً وقولاً، ونشير فقط إلى مسلك واحد من مسالكهم فى بيت من بيوت الله من هتافات ورفع للأحذية فى مواجهة الإمام، الذى قاموا بالاعتداء عليه، وخلع عمامته من فوق رأسه. فهل يتساوى هؤلاء بالصحابة؟ الصحابة تربية النبى المصطفى، لذا كانوا جيلا فريدًا فى التاريخ البشرى، وهؤلاء تربية البنا، ولذا فإنهم يمثلون جيلاً فريدًا فى تاريخ مصر، تفرد الصحابة فى السمو وتمرد أبناء البنا فى الانحطاط وسوء الأخلاق. فيا أبناء البنا لا أنتم صحابة، ولا مرشدكم نبى.