سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الفشل الكلوى يهدد سكان 5 قرى بأسوان.. المستشفيات تتحول لوحدات مهجورة.. والأهالى: لا توجد سيارة إسعاف لنقل الحالات الطارئة.. ومزارع يقطع ساق ابنه بالفأس لعدم وجود أمصال لسموم العقارب والثعابين
تعتبر محافظة أسوان أسوأ مثال لمحافظات الصعيد المحرومة من الخدمات الصحية، خاصة لبعدها عن القاهرة التى يلجأ إليها المرضى بعد فشل محاولاتهم فى الحصول على العلاج فى قراهم، ففى قرية "أقليت" التابعة لمركز كوم أمبو، شيدت وزارة الصحة منذ أكثر من 25 سنة، مستشفى للقرية على مساحة بلغت حوالى 50 فداناً، وتم تخصيص عيادات خارجية وقسم خاص بالنساء وإجراء عمليات التوليد للسيدات الحوامل، وأيضاً إجراء الجراحات المختلفة الأخرى، بالإضافة إلى بناء استراحات متكاملة للأطباء. يقول "مصطفى سنيج" مدير مدرسة بالقرية، "بعد الانتهاء من إكمال البناء، انتظر أهالى أقليت أن يتحقق حلمهم فى خدمة ما يقرب من 28 ألف نسمة بالقرية، بالإضافة إلى ما يقرب من 330 ألف نسمة فى القرى القريبة من المستشفى، إلا أن ذلك بات حلماً لم يتحقق إلى الآن، بعد أن تحول الصرح الطبى الكبير إلى وحدة صحية، يغيب عنها الأطباء واختفت عنها الخدمات الطبية تماماً. ويضيف "عوض طاهر" عامل بالرى من أهالى القرية، أن هناك أكثر من واقعة مؤسفة شهدتها القرية، أو القرى المجاورة لنا، وأكثر هذه الحوادث هى لدغات العقارب والثعابين بسبب انتشارها فى هذه البيئة الزراعية، ففى وقت متأخر من الليل، يقوم الجيران مفزوعين من نومهم على سماع أصوات صراخ فى منزل مجاور، بسبب لدغة عقرب أو ثعبان لطفل صغير، وبسبب الظروف المعيشية الصعبة للأهالى لم يكن هناك سيارة تقل المصاب إلى المستشفى، فيتم حمله على "عربة كارو" وهناك تكون الصدمة، إما عن غياب الطبيب وعدم تواجده بالسكن الخاص بالأطباء، أو لعدم توافر المصل المضاد للسم، فيضطر الأهالى إلى الاستغاثة بأى شخص فى القرية يمتلك سيارة، ويتم استدعاؤه لنقل المصاب إلى مستشفى كوم أمبو المركزى، والتى تبتعد إلى أكثر من 17 كيلو متراً. وأشار "عوض طاهر"، إلى أن الدكتور مجدى حجازى وكيل وزارة الصحة السابق، وافق على تخصيص نقطة إسعاف تتواجد بها سيارة إسعاف لنقل الحالات الملحة إلى المستشفيات القريبة، إلا أن "الصحة" رفضت بعد ذلك تخصيص مكان من مساحة المستشفى لبناء نقطة الإسعاف، فتم الرجوع فى القرار مرة أخرى. ويحكى أهالى القرية، عن قصة مزارع كان يصطحب ابنه إلى الزراعات لمباشرة أعمال ليلاً، وفجأة أصيب الطفل بلدغة، فسارع الأب ببتر رجل ابنه بالفأس، لعلمه ببطء إجراءات إسعافات ابنه، وخاف عليه من أن يصل السم إلى سائر جسده فيفارق الحياة. وفى واقعة أخرى، استيقظت القرية مطلع العام الحالى، على مصرع صبيين أثناء تواجدهما فى الزراعات طوال فترة الليل، وتبين من تشريح الجثتين أنهما تعرضا للدغات سامة. وتوضح "نساء القرية"، أن أبناءهن الصغار يتعرضون لأمراض لا يعلمون بخطورتها إلا بعد انتشار الوباء وفى اللحظات الأخيرة، نظراً لمداواة الأطفال المرضى بالطرق التقليدية القديمة، وعدم الذهاب للعيادات بسبب الظروف المعيشية الصعبة وظروف الانتقال والمواصلات. وطالب أهالى القرية، بإعادة النظر فى أوضاع العاملين بالمستشفى، وفتح تحقيق معهم عن الحالة المزرية التى وصلت إليها المستشفى، وعدم قطع التذاكر أثناء الفترة الصباحية بالمخالفة للقانون وفتح تحقيق بهذا الشأن، كما طالبوا بالرقابة على المستشفى بصورة دورية. ويعد وادى النقرة أحد الأودية الزراعية النائية بمحافظة أسوان، شرق مركز نصر النوبة، ويقع متاخما لسلاسل جبال البحر الأحمر، حيث فرضت الطبيعة الجبلية على المواطنين ظروفا حياتية صعبة جدا، ورغم ذلك لا تتمتع أغلب تلك القرى بوجود أى شكل من أشكال الخدمات والرعاية الصحية أو نقاط الإسعاف، مما أرهق الظروف الاقتصادية للمواطنين وأثر على إنتاجيتهم. كما طالب الأهالى بسرعة توجيه قوافل علاجية فى جميع التخصصات تشمل كافة القرى ولو بشكل أسبوعى. من جانيه أكد مصطفى نصر الدين، رئيس جمعية تنمية المجتمع بقرية الكرامة بوادى النقرة، أنه لا توجد أى وحدة صحية أو خدمات صحية بقرى وادى النقرة الذى يمتد بطول مائة كيلو متر تقريبا، وأنه توجد وحدة صحية واحدة فقط بقرية الحكمة بدون طبيب ومغلقة باستمرار، مؤكدا أن أقرب نقطة إسعاف أو مستشفى تقع على بعد ساعتين، لافتا أيضا لوعورة الطريق. وأشار إلى اختفاء مصل العقرب ومصل الثعبان من تلك القرى، مؤكدا على أن حالات وفيات كثيرة حدثت بسبب العقارب والثعابين خلال السنوات الماضية، ولا تزال تلك الآفات تهدد أرواح المواطنين، ولا يستطيع الأهالى إسعاف ذويهم بسبب قصور الإمكانيات والخدمات، مضيفا أن هناك نقطة إسعاف وحيدة أيضا توجد فى قرية الحكمة وبها سيارة متهالكة، وأنه أكثر من مرة تم استدعاء سيارة الإسعاف لإنقاذ مواطن كان رد الموظف المختص بأنه لا يوجد بها وقود، مضيفا أنه منذ أربعة شهور تقريبا تقدم بالنيابة عن أهالى وادى النقرة لوكيل وزارة الصحة السابق بتوفير سيارة إسعاف دفع رباعى مجهزة لتلائم الطبيعة الجبلية لقرى وادى النقرة، وتوفير طاقم إسعاف مدرب حيث وعده بتخصيص سيارة إسعاف لهم، وأشار وكيل الصحة السابق، وقتها أنه جارى إنهاء إجراءات التخليص الجمركى لسيارة الإسعاف ولكن لم تصل حتى الآن. وأضاف نصر الدين، أن حالات الولادة ترهق الأهالى ماديا ومعنويا، حيث تضطر السيدات المقبلات على الوضع للانتظار فى مستشفيات بعيدة أو عيادات خاصة لحين مواعيد الوضع، وذلك بعد وفاة أكثر من حالة من سيدات أهالى النقرة الحوامل اللواتى تعذر وصولهن للمستشفيات وكانت ولادتهن غير طبيعية، مؤكدا أن تكلفة نقل أى مريض من أية قرية بقرى وادى النقرة الخمسة لمدن كوم أمبو أو نصر النوبة أو دارو تكلف الأسرة 200 جنيه على الأقل سبب عزلة قرى وادى النقرة عن العمران. وأشار إلى أن الأهالى يطالبون بوصول خدمة الإسعاف الطائر أيضا لسرعة نقل المرضى وحوادث الطرق التى لا تنتهى على طريق وادى النقرة. وكشف نصر الدين، أن سوء حالة مياه الشرب خلفت وراءها حالات إصابة عديدة بالفشل الكلوى والحصوات وصديد البول، وأصبحت تلك الأمراض شبه شائعة بقرى النقرة، مما يستلزم توفير مياه شرب نظيفة، علاوة على تغيير مرشحات وفلاتر مياه الشرب.