حصاد أكاديمية الفنون 2025، افتتاح فرع الإسكندرية وتنظيم 15 مهرجانا وملتقى    محافظ الشرقية يُشيد بمجهودات الوحدة العامة لحماية الطفل    توقيع مُذكرة تفاهم بين مصر ولبنان لإمداد محطة دير عمار بالغاز الطبيعي    شريف فاروق يترأس اللجنة العليا للمطاحن لمتابعة العمل بمنظومة الطحن    زيلينسكي: أفعال بوتين في أوكرانيا لا تتماشى مع تصريحاته «السلمية» لترامب    مصر تطالب بعقد جلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي حول «أرض الصومال»    "حماس": ندعو "ترامب" إلى مواصلة الضغط على الاحتلال لإلزامه بتنفيذ الاتفاق    الجيش التايلاندي يتهم كمبوديا بانتهاك الهدنة بأكثر من 250 مسيّرة    إلغاء مران الزمالك اليوم قبل مواجهة الاتحاد السكندري    آدم وطني ل في الجول: محمد عبد الله قد ينتقل إلى فرنسا أو ألمانيا قريبا    ريال مدريد يرد على طلب نابولي بشأن ماستانتونو    الأرصاد الجوية تعلن حالة الطقس غدا الثلاثاء    حصاد قصور الثقافة 2025، افتتاح 10 مواقع جديدة وإصدار 340 عنوانا للنشر المركزي والإقليمي    وزير الصحة يستقبل نظيره التركي بمطار القاهرة الدولي    الاتحاد الدولي للسكري يعترف رسميًا بالنوع الخامس من مرض السكري    مراد مكرم يطرح أغنية جديدة في 2026: التمثيل عشقي الأول والأخير    الأزهر ينتقد استضافة المنجمين والعرافين في الإعلام: مجرد سماعهم مع عدم تصديقهم إثم ومعصية لله    رئيس المنطقة الأزهرية بكفر الشيخ يتابع امتحانات أولى وثانية ثانوى بمعاهد الرياض    حصاد 2025 في قطاع التعليم بأسيوط.. مدارس جديدة وتطوير شامل للبنية التحتية وتوسعات لاستيعاب الزيادة الطلابية    وزير الصحة يستقبل نظيره التركي بمطار القاهرة الدولي    وزارة السياحة الفلبينية: المنتدى المقبل للآسيان فرصة لمناقشة استدامة السياحة وتحقيق التعاون الإقليمي    وزير الخارجية: لا بد من وقف أي تصعيد ميداني بشرق الكونغو واستعادة الاستقرار    إصابة 8 أشخاص في تصادم سيارتين بالقناطر الخيرية    تصفية ودمج.. رئيس الوزراء يُتابع إجراءات رفع كفاءة أداء الهيئات الاقتصادية    رئيس جامعة المنوفية يتفقد امتحانات كلية الحاسبات والمعلومات    إطلاق وتنفيذ أكثر من 20 مبادرة ثقافية ومجتمعية لدعم القراءة وبناء الوعي    أحمد عدوية.. أيقونة الأغنية الشعبية في ذكرى رحيله الأولى    "دورة محمد جبريل".. الثقافة تكشف تفاصيل مؤتمر أدباء مصر في العريش    ذا بيست - دبي تستضيف حفل جوائز الأفضل في 2026    طاهر أبوزيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    ماذا بعد انضمام أوكرانيا لتدريبات الدفاع الجماعي في الناتو؟    "الوزير" يلتقي وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والزراعة والمياه والصيد البحري والتربية الحيوانية والتجارة والسياحة في جيبوتي    محافظ قنا ينعى المستشارة سهام صبري رئيس لجنة انتخابية توفيت في حادث سير    قرار وزاري لتنظيم ترخيص عمل الأجانب في مصر    محافظ الإسكندرية يوجه برفع درجة الاستعدادات للتعامل مع موجة الطقس غير المستقر    وزير العمل يفتتح المقر الجديد للنقابة العامة للعاملين بالنقل البري    ضبط متهم بالتحرش بالطالبات بعد تداول منشور على مواقع التواصل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    انتشال جثتين من ضحايا حادث غرق 3 أشخاص بترعة المريوطية فى البدرشين    التحقيقات تكشف مفاجآت في واقعة الهروب الجماعي من مصحة الجيزة    وزارة التضامن الاجتماعى تقر تعديل قيد جمعيتين في محافظتي القليوبية وكفر الشيخ    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    "شباب البحيرة" تنظم برنامجا تدريبيا لتعليم أعمال الخياطة والتريكو    السينمات المصرية على موعد مع فيلم «الملحد» نهاية ديسمبر    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    مناورات صينية واسعة تطوّق تايوان    وزير التموين ومحافظ الجيزة يفتتحان سوق اليوم الواحد فى شارع فيصل.. صور    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    لا رب لهذه الأسرة    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب الجنرالات .. " الحلقة الرابعة " .. الصراع على كرسى الرئيس .. «مناضل التكييف».. أحمد شفيق الهارب الذى يحلم بوراثة عرش الإخوان
نشر في اليوم السابع يوم 15 - 11 - 2013


نقلا عن اليومى :
حزب «عاصرى الليمون» سيتخلى عنه هذه المرة
«شفيق» قال لى فى بيته: الإخوان يخافون من وصولى إلى السلطة لأنهم يعرفون أنها اللحظة التى سيعودون فيها إلى السجن
كاتب كبير نصحه بالعودة إلى مصر حتى لو دخل السجن فالسجن وحده هو الذى يمكن أن يصنع منه زعيما يلتف الناس حوله.. لكنه رفض
أحد حلفاء «شفيق» تردد أنه كان يحصل على 10 ملايين جنيه شهريا من دولة خليجية.. ويستعد الآن لإطلاق مؤسسة إعلامية ضخمة
قبل حوالى سبعة أيام من الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية فى 2012، كنت مع الفريق أحمد شفيق فى فيلته بالتجمع الخامس أجرى معه حوار صراع الأيام الأخيرة بينه وبين المرشح الإخوانى.. كان الرجل مطمئنا جدا لنتيجة الانتخابات، أوحى للموجودين أنه الفائز لا محالة، ربما اعتمادا على حالة الرفض التى أبدتها فئات كثيرة من الشعب المصرى للمرشح الإخوانى، لكن ما لم يلتفت له شفيق أن هؤلاء تركوا صناديق الانتخابات وذهبوا ليجلسوا على البحر فى الساحل الشمالى فى انتظار النتيجة، وظل الذين يعتبرون الوقوف فى طوابير الانتخابات نوعا من الجهاد فى سبيل الله أو فى سبيل الجماعة أيهما أقرب.
من بين الأسئلة الكثيرة التى وجهتها له، استوقفتنى إجابته على سؤال واحد.. وهى الإجابة التى يمكن أن تعتبرها مفتاح اللغز الذى ربط بين شفيق والإخوان.
قلت له: لماذا يعاديك الإخوان كل هذا العداء، لماذا يصلون فى خلافهم معك إلى هذه الدرجة من الكراهية والرغبة فى التصفية المعنوية التى لن يكون هناك أى مانع من أن تتحول إلى تصفية جسدية؟
لم يكن السؤال مفاجئا له.. ربما كان ينتظره، ولأنه كان يثق بنفسه فى هذه اللحظة ثقة مطلقة، تحدث معى بصراحة، قال: الإخوان لا يعادون أحمد شفيق فقط، ولكنهم يعادون كل قائد عسكرى من عصر مبارك، راجع ما فعلوه مع اللواء عمر سليمان، لقد مارسوا معه أحط وسائل التشويه والإساءة إلى شخصه وتاريخه، وهم يفعلون ذلك لأنهم يعرفون أن العسكريين على وجه التحديد يعرفون تاريخهم جيدا، وأنه لو وصل أحد منهم إلى الحكم فمعنى ذلك أنهم سيعودون إلى السجن مرة أخرى.
لم يكن أحمد شفيق يمزح فيما يقوله، كان عازما بالفعل على أن يعيد الإخوان إلى السجون مرة أخرى بمجرد أن يضع قدميه فى قصر الاتحادية.. وربما يكون هذا ما دفعه لأن يخرج من مصر على وجه السرعة بعد أن تأكد له أن محمد مرسى هو الفائز، فقد كان يعرف أنهم لن يتركوه ينعم بحياته فى بيته، بل سيأخذونه أخذ عزيز مقتدر إلى السجن.
أعلنت النتيجة رسميا فى 24 يونيو 2012، فى اليوم التالى مباشرة قابل شفيق المشير طنطاوى الذى كان لا يزال محتفظا ببقايا قوة، وطلب منه أن يأذن له بالسفر، لم يكن شفيق فى حاجة إلى إذن بالسفر فقط، ولكنه كان يريد من يساعده ويسهل له الخروج، خاصة أن حالة التربص به بدأت، ففى نفس اليوم الذى كان يطلب فيه من طنطاوى السماح له بالسفر، كانت جهات التحقيق قد بدأت بالفعل فى فتح ملفات ما قيل أنها فساد ارتكبه الفريق، وهو ما يعنى أن شبكة صيده وإدخاله السجن كان قد تم تجهيزها بالفعل.. وكان يعنى أنه لو تأخر عدة ساعات فقط فلن يستطيع أن يخرج أبدا من مصر. كان طنطاوى يعرف أن بقاء شفيق فى مصر غير آمن بالمرة، كان يراقب وبدقة حالة التصاعد بينه وبين الجماعة، وهو التصعيد الذى لن ينتهى إلا بإفناء أحدهما للآخر، ولذلك ساعده فى الخروج دون أن يعترض طريقه أحد.. بل خرج شفيق من صالة كبار الزوار، فالرجل حتى هذه اللحظة كان وصيف الرئيس الذى حصل على ما يزيد على 12 مليون صوت، ورغم أن هناك من حاول تعطيل خروجه من المطار، عبر الهتاف ضده وتحديدا بأنه سرق أموال البلد، إلا أن هناك من أنهى الإجراءات على وجه السرعة.. لتلحق به نجلتاه وأحفاده الثلاثة، فالفريق لم يكن يخشى على نفسه فقط ولكن على أسرته من انتقام الإخوان من الجميع.
فجر الثلاثاء 26 يونيو التقطت قناة الجزيرة خبر مغادرة أحمد شفيق لمطار القاهرة متجها إلى أبوظبى، وكانت وكالة أنباء الشرق الأوسط قد بثت الخبر فى إشارة إلى أن أحمد شفيق وصل إلى المطار قبل ربع ساعة فقط من موعد إقلاع الطائرة.. وأن موظفى العلاقات العامة سارعوا لإنهاء الأوراق للفريق الذى عملوا معه أيام كان وزيرا للطيران ويعرفونه جيدا.. استقل شفيق سيارة خاصة من قاعة كبار الزوار إلى الطائرة، ولحقت به بناته فى باص صغير مع أحفاده.
كان طبيعيا أن تصور الجزيرة الأمر على أنه هروب للفريق من المصير الذى ينتظره بعد هزيمته فى الانتخابات الرئاسية، وحتى تؤكد ما ذهبت إليه فقد أشارت إلى أن شفيق وبناته وأحد أزواج بناته حملوا معهم حقائب تتجاوز ال7110 كيلوجرامات، رغم أن الحقائب التى حملها لم يتجاوز وزنها ال110 كيلوجرامات فقط.. لكن القناة القطرية أضافت إلى ال110 كيلوجرامات، 7 آلاف لتظهر الأمر على أنه هروب مع سبق الإصرار والترصد. كان لابد من تغطية لهذا الخروج من الفريق وحملته الانتخابية، فأشاروا إلى أنه تلقى دعوة من أمراء البيت الحاكم فى الإمارات ليستريح قليلا من عناء المعركة الانتخابية، ثم يعود إلى مصر ليواصل عمله السياسى من خلال الحزب الذى أعلن عن تأسيسه.. وقبل أن يعود من السفر سيذهب إلى السعودية لأداء العمرة.. وهى العمرة التى جعلت الرجل فى مرمى السهام، فمن يقصدها يذهب إلى مكة أو المدينة وليس إلى أبوظبى.. وليس سرا الآن أن شفيق هو الذى طلب من أمراء البيت الإماراتى أن يسافر إلى هناك، وأنهم قبلوا استضافته، وتعهدوا بحمايته، وهو الالتزام الذى ظل حتى النهاية، فلم يرضخوا لكل ضغوط الإخوان، وهى الضغوط التى وصلت فى بعض مراحلها إلى درجة المساومات.. فقد أسبغوا على الرجل حمايتهم ولم يتراجعوا عنها أبدا.
الذين يعرفون أحمد شفيق جيدا أكدوا أنه لن يعود إلى مصر، لأنه يعرف ما يريده منه وبه الإخوان المسلمون وحلفاؤهم، وفى الواقع لم يخلف الإخوان ظن من اعتقدوا فيهم السوء، فقد لاحقوا أحمد شفيق ببلاغات تتهمه بالفساد، وفتحوا له ملفات كثيرة من أهمها ملف أرض الطيارين الذى لا يزال معلقا حتى الآن، بل إن محمد مرسى فى خطابه الشهير الذى أعلن فيه الحرب على كل خصومه ألمح إلى أن هناك قضية جديدة سوف تفتح قريبا لأحمد شفيق، فى إشارة إلى أن حالة التعقب التى بدأها الإخوان ضد شفيق ظلت متواصلة حتى اللحظة الأخيرة فى حكم مرسى.
أثناء حكم الإخوان المسلمين كنا نتعامل مع أحمد شفيق برفق، كان الإخوان يتعاملون معه على أنه هارب من وجه العدالة، وأنه لا يستطيع أن يواجه المحققين فى قضايا الفساد التى تلاحقه، ولأننا كنا نعرف أن الجماعة تريد اصطياد الرجل، وأن كثيرا من الملفات التى فتحت له كانت مشبوهة، ترفعنا وقتها عن الاشتباك معه، لكن الآن يمكن أن نتحدث معه وعنه ولو قليلا.
لقد ظل شفيق بالنسبة للإخوان هاربا لأنهم كانوا يريدون الانتقام منه وإذلاله، لكنه كان بالنسبة لكثير من القوى السياسية ولكثير ممن انتخبوه ومنحوه أصواتهم هاربا من المعركة الحقيقية التى يجب أن يخوضها، لقد رحب به أبناء الشيخ زايد، وقرروا فى شهامة ورجولة ليست جديدة ولا غريبة عليهم أن يحموه، لكنه استكان إلى الراحة بعيدا عن غبار المعركة.. طابت له العيشة اللينة فاكتفى بالنضال الشفوى الذى لم يكلفه الكثير.
فى لحظة معينة ربما اعتقد أحمد شفيق أنه يمكن أن يتحول إلى خمينى جديد يشعل الحماس فى قلوب وأرواح أنصاره، يدير المعركة من الخارج ويبعث برسائل إلى مناصريه حتى يحركهم على الأرض من أجل تحقيق أهدافه.
الخمينى كان يستخدم شرائط الكاسيت يبث من خلالها خطبه ومواعظه وتحريضه على الثورة، فكان طبيعيا أن يعود إلى بلده عندما قامت الثورة عودة الأبطال الفاتحين، لكن شفيق اكتفى بالأحاديث الصحفية والتليفزيونية، وشد إليه كثير من الإعلاميين الرحال بعضهم كان يحصل على المقابل مقدما، وجلسوا أمامه لساعات طويلة يسمعون وصلات الردح والشتيمة فى حق الإخوان ورئيسهم، مع إشارات وتلميحات إلى أن لديه أسرارا وحكايات لا يعرفها غيره، وسوف يكشف عنها فى الوقت المناسب، وهو الوقت الذى لم يأت أبدا.. حتى بعد أن سقط الإخوان.
شجاعة أحمد شفيق التى أبداها فى أحاديثه وتصريحاته، لم تكن أكثر من شجاعة «دايت» إذا جاز التعبير، لم تكلفه شيئا على الإطلاق، مجرد كلمات وتلميحات وبعض التحدى الذى كان يعلنه بصرامة وبملامح حادة، ثم يخرج من الحوار ليمارس حياته التى قضاها كاملة بين فنادق وكافيهات أبوظبى.. حيث كان يتحرك فى حرية تامة، يقابل من يشاء ويستضيف من يشاء.
يتعامل أحمد شفيق مع نفسه -وكثيرون من أنصاره يتعاملون معه- على أنه مناضل كبير، وله دور فى ثورة يونيو -هناك من يرى أنه أشعلها- رغم أنه وبتقييم موضوعى ليس أكثر من مناضل تكييف، نسبة إلى الفنادق الفاخرة التى يقيم بها فى أبوظبى.. والتى كان يأخذ منها منصة لإطلاق ما كان يعتقد أنه صواريخ حاسمة وقاصمة لظهر الإخوان المسلمين. ولست أدرى كيف يفسر أحمد شفيق حالة الرفض الشديدة التى أبداها الثوار تجاهه، فتمرد ترفض توقيعه على استمارتها، وخالد يوسف ينكر مقابلته له فى أبوظبى وتنسيقه معه بشأن جبهة الإنقاذ.. قد تكون المقابلة حدثت، وقد يكون شباب تمرد قبلوا دعما ممن يتربطون بصلات واضحة مع أحمد شفيق، لكن الجميع فى النهاية كان يتبرأ من أى علاقة تربطهم بأحمد شفيق، لمعرفتهم أن هذا الارتباط لن يكون فى صفهم بأى حال من الأحوال. فى إحدى زيارات كاتب مصرى كبير إلى أبوظبى، قابل أحمد شفيق فى مقر إقامته، استمع من الفريق إلى حكايات ومعلومات وتفسيرات لبقائه خارج مصر، لم يلتفت إلى العبارة التى لم يكف شفيق عن ترديدها وهى أنه سيعود إلى مصر عندما يحدد هو ذلك وليس عندما يحدد الآخرون، لكنه فجأة قطع عليه طريق استرساله الذى بدا عبثيا إلى درجة كبيرة، وسأله مباشرة:
لماذا لا تعود إلى مصر الآن؟
استسلم أحمد شفيق وأفصح عن خوفه من السجن، فهو لو عاد لن يرحموه، لاحقه الكاتب الكبير بقوله: أنت من المفروض أن تدخل السجن، ليس لأن الإخوان يريدون ذلك، ولكن حتى تتحول إلى زعيم سياسى حقيقى، وأنت فى السجن يمكن أن تدافع عن نفسك، أن تخوض حربك ضد الإخوان وتكشفهم، وبدلا من أن يحاكموك، تحاكمهم أنت.. السجن هو الوسيلة الوحيدة التى يمكن أن تصنع منك بطلا.. لن يلتف حولك الناس وأنت تراسلهم من منفاك -كان الكاتب الكبير يريد أن يقول له مخبأك لكنه تراجع فى اللحظة الأخيرة.
كانت هذه النصيحة التى لم يقبلها أحمد شفيق كفيلة بأن تضمن له شعبية لا يحلم بها، فتاريخه السياسى كله بناه على عمله ضمن نظام مبارك، وهو النظام الذى ظل متشبثا به وفيه حتى النهاية، ولم يخرج من السلطة إلا بالخلع والفضح والتجريس.. ثم أن أحمد شفيق لم يلتفت إلى حقيقة كانت ماثلة أمام الجميع، لكن لم يركز عليها أحد. لقد كان هناك ما أطلقنا عليهم حزب عاصرى الليمون، هؤلاء الذين ذهبوا إلى الصناديق الانتخابية واختاروا محمد مرسى رئيسا للجمهورية، قالوا نختار مرسى لأن بيننا وبينه خلافا سياسيا، ولا نختار شفيق لأن بيننا وبينه دما، أعلنوا خلافهم مع مرسى واختلافهم الواضح مع مشروعه وتوجهاته، لكنهم أقروا أنهم معه كيدا فى شفيق.. ولذلك حصد مرسى أصوات كارهيه.. لا لشىء إلا لأنهم كانوا أكثر كرها لشفيق.
بنفس الدرجة كان هناك من عصروا على أنفسهم الليمون وذهبوا إلى صناديق الانتخابات واختاروا أحمد شفيق، لأنهم لم يتصوروا على الإطلاق أن يختاروا رئيسا إخوانيا لمصر، تعاملوا مع أحمد شفيق على أنه ليس الرئيس المناسب، ولكنه الرئيس الضرورة الذى يستطيع أن يقف أمام زحف الإخوان المسلمين.. كتموا أنوفهم حتى لا يشموا رائحة فعلتهم وهم يختارون مرشحا لا يريدونه. هؤلاء -الذين عصروا ليمونا لانتخاب أحمد شفيق- لن يفعلوها مرة أخرى، لن يجدوا أنفسهم فى خيار يجبرهم على تبريره.. بعد أن وضعهم الاختيار الاضطرارى أمام أسوأ رئيس نزل على بر مصر ربما فى تاريخها كله، رغم أن مصر شهدت رؤساء فى غاية السوء.
قد يكون السؤال الذى يؤرق كثيرين من مؤيدى أحمد شفيق -لا ينكر أحد أنهم كثيرون وبالملايين- هو لماذا لا يعود الفريق إلى مصر مرة أخرى؟
كان السبب الذى يفهمه الجميع هو أن الإخوان يتربصون بأحمد شفيق، وأنهم سيأخذونه لو عاد من المطار إلى السجن، وأنه لا يجب أن يمنحهم هذه الفرصة.
لكن الآن ما الذى يمنعه؟
لقد أعلن أحمد شفيق أنه لن يعود إلا بعد أن تنتهى قضية أرض الطيارين، وهو ما يعنى أن شفيق لا يثق فى الإدارة الحالية، فهل يعرف أنه لو عاد فيمكن أن يجد نفسه فى السجن؟ هل أخبره أحد بذلك؟ أم أن الخوف يمتلكه دون داع؟
قد يعتقد شفيق أنه لا يجب أن يعود إلى مصر إلا بعد أن تتم تبرئته بشكل كامل، وهو اعتقاد يطعن فى أهليته السياسية.. فهو ليس مجرما جنائيا يريد أن ينتظر حتى يعود وهو مرفوع الرأس، إنه من المفروض -أو هكذا يعتبر نفسه- زعيم سياسى.. وكانت اللحظة المناسبة لعودته هى لحظة انفجار الثورة فى وجه الإخوان، لكنه لم يجرؤ على العودة، لأنه كان يعرف كما يعرف آخرون أن مساهمته فى الثورة لم تكن إلا «فلاش» عابر لم يصمد أمام من ظلوا هنا فى مصر وجاهدوا الإخوان على الأرض وكانوا معرضين فى أى لحظة لانتقام الجماعة التى لم تتورع عن القتل حتى تحمى حكمها.
لا يرتبط أحمد شفيق بعلاقات قوية مع الجنرالات الحاليين، ثم أنه غير محبوب ممن تبقى من جنرالات مجلس طنطاوى، فهم يعرفون مدى الغضب الذى يحمله تجاههم، ويعرفون أنه لو تمكن منهم فى لحظة فلن يفلتهم أبدا، ولذلك فهم يضعون أمامه عقبات كثيرة تحول دون عودته مرة أخرى. لقد لعب أحمد شفيق بذكاء مع الفريق عبدالفتاح السيسى، كان من أوائل المرشحين السابقين فى الانتخابات الرئاسية الذين أعلنوا أنهم لن يرشحوا أنفسهم إذا ما نزل السيسى فى الانتخابات.. قال شفيق ذلك على سبيل الاحتياط.. لكنه دون أن يقصد صرف كثيرين من مؤيديه عنه، صحيح أن الفريق السيسى أكثر شعبية الآن، لكن ليس معنى هذا أن ينسحب شفيق من أمامه حتى لو كانت لديه نية لدخول الانتخابات.
لقد خسر أحمد شفيق كثيرا -لابد أن نعترف بذلك- جميع أمواله تقريبا -والمعلومة على مسؤولية الكاتب العربى الكبير جهاد الخازن- لكن هذه الخسارة لم تكن بسبب مواقفه السياسية ولا فى دعم الثائرين على الإخوان، ولكن شفيق أنفق أمواله تقريبا على القضايا التى حاصرته من كل مكان، المحامون كسروا ظهره تماما.. فليس صحيحا أنه كان ينفق على صحف وقنوات وصحفيين، ولكنه كان فقط سببا فى الملايين التى تدفقت عليهم، استطاع صحفيون من خلاله أن يحصلوا على الكثير خلال السنة التى حكم فيها الإخوان.
من بين هؤلاء الذين تعاونوا مع أحمد شفيق من تردد عنه أنه كان يحصل على عشرة ملايين جنيه شهريا من دولة خليجية من أجل الوقوف ضد الزحف الإخوانى.. ومن خلال هذه الملايين تكونت إمبراطورية إعلامية ضخمة يستعد صاحبها لإطلاقها.
المذهل أن هذه المؤسسة الإعلامية التى ساهم شفيق فى تأسيسها وكانت فى خدمته لشهور طويلة، تحولت الآن لخدمة سامى عنان تحديدا، فقد استطاع رئيس أركان حرب الجيش السابق أن يستقطب عددا كبيرا من حلفاء شفيق، دخل لهم من مدخل المال أيضا، ويبدو أنهم تأكدوا من أن شفيق لم يعد مصدرا للمال، فذهبوا ليبحثوا عن تمويل عند آخرين.. وقد يكون هذا تحديدا هو السبب فى حالة الاحتقان بين عنان وشفيق، فالحرب بينهما وصلت إلى سرقة الحملات والحلفاء، وخاصة الحلفاء الذين قربهم شفيق منهم وكانوا خلال حملته الانتخابية فى انتخابات 2012 يقيمون معه فى بيته وكأنهم من عائلته أو أصفيائه المقربين.
مصير أحمد شفيق الآن ليس فى يديه على الإطلاق، رقبته معلقة بيد آخرين، لا يستطيع أن يأخذ قرارا بالعودة إلى مصر، ورغم أنه يعتقد أنه وريث حكم الإخوان والأحق بحكم مصر، لأنه من تصدى للجماعة المحظورة ووقف أمامهم فى انتخابات لا يزال يرى أنه تم تزويرها.. إلا أنه لا يستطيع أن يقترب من ميراثه.. لأنه أصبح ملعونا.. كل من يقترب منه لابد أن يصاب باللعنة.
موضوعات متعلقة :
حرب الجنرالات " الحلقة الأولى ".. أشباح الإخوان تطارد رجل مبارك المخلص .. الصراع على كرسى الرئيس
حرب الجنرالات.. " الحلقة الثانية " .. الصراع على كرسى الرئيس .. ننفرد بنشر الحلقة المحجوبة من مذكرات عنان
حرب الجنرالات .. " الحلقة الثالثة " .. الصراع على كرسى الرئيس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.