نظمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالتعاون مع المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات "International IDEA" أمس ندوة بعنوان "الحقوق والحريات فى مسودة الدستور المصرى المعدل: خطوة للأمام أم فرصة أخرى ضائعة؟" والتى تناولت تحليل مسودة التعديلات الدستورية كما أقرتها لجنة الخبراء المشكلة بمقتضى الإعلان الدستورى الأخير "لجنة العشرة"، وفى ضوء التعديلات التى أقرتها لجنة الخمسين حتى الآن، وما إذا كانت تلك التعديلات تتجاوز أوجه القصور التى شابت دستور 2012 سواء من حيث طريقة صياغته أو مضمونه. وشارك فى الندوة كل من ديفيد بلشتز، أستاذ القانون بجامعة جوهانسبرج، وجورد فيدك، أستاذ القانون بجامعة تولان، وإيكورو أووك مؤسس منظمة إيكورو أووك الكينية المتخصصة فى تقديم المشورة والدعم لإجراءات بناء المؤسسات الديمقراطية، وجميعهم من الخبراء الدوليين المتخصصين فى مجال كتابة الدساتير ودعم إجراءات التحول الديمقراطى فى الديمقراطيات الصاعدة. وأشار عمرو عبد الرحمن، مدير وحدة الحريات المدنية بالمبادرة المصرية، إلى أنه بالرغم من التحسينات التى أدخلتها لجنة الخمسين على دستور 2012، إلا أن المسودة لا تزال بعيدة عن المأمول فى إرساء دستور لا يتضمن نصوصًا عامة حول هذه الحقوق والحريات فحسب، ولكن أيضًا يقرّ ضمانات لإنفاذ هذه الحقوق وحمايتها فى مواجهة أى تراجع عن مضمونها قد تقدم عليه الحكومات فى المستقبل. وأضاف عبد الرحمن: "ذلك لا يتحقق فى ضوء أن معظم النصوص الدستورية فى المسودة الحالية تحيل تنظيم الحق إلى القانون، فالدستور يفترض أن يحمى الحقوق -التى يحتمل أن يعبث بها القانون- لا أن يحيل إلى القانون بشكل قد يعصف بهذه الحقوق". وضرب جورد فيديك، أستاذ القانون بجامعة تولان، مثالاً على هذا التضارب المحتمل بين النصوص الدستورية والتشريعات المنوط بها تنظيمها بقيام المحكمة الدستورية العليا الألمانية بالفصل بعدم دستورية قانون التظاهر فى ألمانيا لتعارضه مع المادة 8 من الدستور الألمانى التى تحمى حرية التجمع والحق فى التظاهر، وهو ما أشار إلى حدوث عكسه تمامًا فى مصر رغم أن نص المادة التى تحمى حرية التجمع والحق فى التظاهر فى مسودة تعديلات الدستور المصرية لا تختلف كثيرًا عن تلك الموجودة فى الدستور الألماني. من جهته أشار إيكورو أووك، والذى شارك فى كتابة الدستور الكينى الجديد عام 2010، إلى أنه بالرغم من أن الدستور الكينى الجديد تضمن النص على العديد من الحقوق والحريات، وشمل ذلك أجيال الحقوق الثلاثة، إلا أنه ظلت الإشكاليات المتعلقة بقدرة الدولة على إنفاذ هذه الحقوق وضمان حمايتها هى المحك الذى لاتزال كينيا تواجهه حتى الآن، وهو ما يشبه مع الوضع فى مصر.