مع عقد الحزب الحاكم فى الصين اجتماعًا للتخطيط لإصلاح اقتصادى كبير هذا الأسبوع، يواجه توقعات متزايدة من أصحاب المشاريع الخاصة، الذين يشعرون بغضب متصاعد بسبب معاملتهم كمجرد مورد لتوفير الثروة وعائدات الضرائب. ويريد بعضهم الآن أن يكون له كلمة فى الطريقة، التى يدار بها المجتمع. ومع تعدد المسارات المهنية الصينية، يتخذ المسار المهنى لسيدة الأعمال الثرية وانغ يينغ، ما يمكن أن ينظر إليه على أنه منعطف غير عادى. فقد استقالت من عملها كرئيس لصندوق الأسهم الخاصة للتفرغ للنقد السياسى. وانغ، التى ظلت لسنوات سيدة أعمال بعيدًا عن الأضواء، أصبح لها الآن صوت ريادى بين رجال الأعمال القلقين من التجاوزات التى عانى منها أقرانهم، وكذلك من التجاوزات السلطوية للحكومة. تقول وانغ "فى ظل هذه الظروف، لا يهم ما إذا كنت سيدة أعمال أو عميل أو مواطن عادى، فأنا لا يمكن أن أقبل (عدم إحراز تقدم فى الإصلاحات بعيدا عن الحكم الاستبدادى). لذلك يجب أن أقول "لا". وسأقول "لا" بصوت عالٍ. وسأستخدم وسائل الإعلام لأقول هذا، وسأستخدم أى من وسائل الاتصال العامة التى يمكننى الاستفادة منها". وانغ، التى قررت الاستقالة من أجل حماية صندوق الاستثمار "جوشين تشونغ هنغ بيجين" من أى تداعيات لدورها كناقد الحكومة، تقول إنها مستعدة لمواجهة أى عواقب بسبب قرارها. ويتطلع دعاة الإصلاح إلى الزعيمين الصينيين الجديدين، الرئيس شى جينبينغ ورئيس مجلس الدولة لى كه تشيانغ، لإطلاق حقبة جديدة من التغيير عن طريق إعطاء رجال الأعمال دورًا أكبر فى الاقتصاد الذى تهيمن عليه الدولة. وتقول جهات استشارية، بما فيها البنك الدولى، إنها بحاجة لإعطاء رجال الأعمال الذين يخلقون فرص عمل جديدة وثروة للصين، دورًا أكبر فى اقتصاد تسيطر عليها شركات غير كفؤة مملوكة للدولة. لكن المراقبين الليبراليين سارعوا إلى الإشارة إلى أن إدارة شى- لى تفتقر إلى القوة السياسية، لكبح جماح المصالح الخاصة للشركات المملوكة للدولة القوية. "جماعات المصالح قوية جدًا جدًا، ولديها مصادر كبيرة جدًا من رأس المال والأرض والامتيازات الخاصة، وبالتالى يستطيع القطاع الخاص بالكاد منافستهم"، كما يقول ماو يوشى، وهو خبير اقتصادى مستقل معروف بآرائه الليبرالية حول تحرير السوق والإصلاح السياسى، فى مقابلة أجريت معه مؤخرًا. أنه "من الصعب تغيير هذا الوضع، مستحيل". وفى هذا السياق، فإن أى نشاط يكون محفوفًا بالمخاطر بالنسبة لنخبة رجال الأعمال الذين يختارون أن يتحدثوا بصراحة، كما ظهر فى سبتمبر عندما اعتقلت شرطة بيجين وانغ غونغ تشوان، وهو رأسمالى ثرى ومن المؤيدين البارزين لمنظمة "حركة المواطنين الجدد" الحقوقية. وكانت هذه الشبكة الناشطة تضغط على المسئولين للإعلان عن أصولهم من أجل المساعدة فى الحد من الفساد، وهو نشاط يعبر عنه من خلال مظاهرات الصغيرة وحفلات عشاء خاصة بين الناشطين الأعضاء. وجرت محاكمة أول ثلاثة ناشطين بالحركة الشهر الماضى فى مدينة جنوبية بمقاطعة جيانغشى، وقالت جماعات حقوقية الإنسان، إن أكثر من عشرين شخصًا من المتعاطفين مع الحركة اعتقلوا، ومن بينهم وانغ غونغ تشوان. وألقى القبض على تشارلز شيويه، المستثمر الأمريكى من أصل صينى الذى يعيش فى بيجين، وأصبح واحدًا من أبرز المعلقين فى وسائل الإعلام الاجتماعية فى البلاد، فى شهر أغسطس بتهمة طلبه خدمات البغايا. وظهر فى وقت لاحق على شاشة التليفزيون فى البلاد وأدلى باعترافات مطولة، فى خطوة اعتبرها بعض المراقبين أنها حملة مثيرة للقلق على حرية التعبير. وبتحدثهم صراحة، يختبر وانغ يينغ ووانغ غونغ تشوان وتشارلز شيويه وغيرهم قاعدة غير مكتوبة يتبعها العديد من قادة رجال الأعمال، احصل على مجال لتنمو شركتك، طالما أنك لا تتحدى سلطة الحزب الشيوعى. ويعنى هذا الترتيب أن العديد من رجال الأعمال يعملون بإيعاز من أسيادهم السياسيين، على الرغم من كونهم المصدر الرئيسى لفرص العمل وثروات البلاد. وقد أصيب أصحاب المشاريع بالهلع بسبب حملة منذ سنوات قليلة فى مدينة تشونغ تشينغ جنوب غرب البلاد، والتى اعتقل فيها العديد من رجال الأعمال. والعديد من هؤلاء تعرضوا للتعذيب والسجن، بعد محاكمات موجزة، كما تمت مصادرة أصولهم. ولكن حتى وقت قريب، التزم آخرون بالصمت إزاء هذه الحملة، التى أدارها السياسى الموصوم الآن، بو شى لاى. وهناك قضية أخرى دفعت بعض رجل الأعمال إلى النقد الصريح للسلطات وهى إعدام تسنغ تشنغ جيه، وهو رجل أعمال فى إقليم هونان اتهم بجمع الأموال بطريقة غير مشروعة. كما سلطت قضيته الضوء على مخاطر الإقراض غير الرسمى التى يضطر إليها رجال الأعمال، لأنهم لا يستطيعون الحصول على قروض من القطاع المصرفى المملوك للدولة. يقول الخبير الاقتصادى المستقل ماو يوشى "المشكلة الحقيقية تتمثل فى حماية حقوق الإنسان، هناك الكثير من الأغنياء فى الصين، وهم يحاولون الهجرة إلى كندا وأستراليا والولايات المتحدة، لأنهم يخشون من أن الظروف فى الصين ليست آمنة، ويحاولون الانتقال إلى مكان أكثر أمنًا".