العيد بالنسبة للجميع يجسد معانى الفرحة بما فيه من تفاصيل دينية وعائلية واجتماعية وعادات تضفى علينا جوا من البهجة، وننتظره لنستعيد معه مفردات الفرحة التى تتوه فى زحام المسئوليات، ولنفصل أنفسنا عن دائرة الحياة اليومية المشحونة بكثير من النشاطات والتحديات والمشاغل، والتى تحولنا إلى آلة إنسانية غير قابلة للتفاعل مع مشاعر الفرحة، بما يثقلها من متاعب الحياة، فجملة العيد فرحة، حقيقة لأن العيد فى ذاته الفرحة، وتفاصيله هى التى تجلب لنا السعادة والبهجة ونسترد بها بسمتنا وتجعلنا نستشعر الفرق بين الفرحة والسعادة. والآن وقد انتهى العيد فماذا عن الفرحة هل تنتهى؟ ولماذا لا تستمر فرحة العيد بعد انتهائه؟ ذلك لأننا لا نفرق بين الفرحة كتوجه فى الحياة وبين مفرداتها التى تجلب لنا السعادة، فالفرحة هى المفهوم الأعم للسعادة، والسعادة تندرج تحتها، ونستدعيها وتأتى عبر التفاصيل التى نعيشها فى أيام العيد، فهل عندما ينتهى العيد تنتهى معه فرصتنا فى الفرحة، أم علينا أن نتعلم كيف نفرح ونجعل من الفرحة عيدا يوميا. فالفرحة ليست مجرد أفعال أو نشاطات خارجية تجلب لنا المتعة والسعادة العابرة ولكنها قرار وأسلوب توجه فى الحياة، لأن الفرحة هى ذلك الشعور الإيجابى الداخلى بدون تدخل من مؤثرات وقتيه ولكنه شعور عميق راسخ فى القلوب، يهيمن على الفكر ويحلق بالروح فوق كل الظروف والمشاكل، وبالتالى أستطيع أن أقول أن الفرحة شعور متجدد لا ينتهى، ففرحتك بمولودك الأول لا تنتهى فكلما احتضنت ابنك تستشعر هذه الفرحة الراسخة فى قلبك، أما السعادة هى ما نصادفه من إيجابيات تمتعنا وترضينا خلال طريق الحياة. وبذلك المفهوم نستطيع أن نفرق بين الفرحة والسعادة، لأن الفرحة هى السعادة الكاملة التامة التى يلازمها الأمان، بينما السعادة هى جزء من الفرح كما أوضحنا سابقا لأنها نتيجة لأسباب خارجية وبالتالى تمزج بالخوف والرجاء، لأن الإنسان لا يستطيع أن يتحكم فى الظروف الخارجية، ولذلك نجد المؤمن الحق يتوجه بالرجاء فى حياته للفرحة المطلقة التى لا نعرفها فى الدنيا بل نعرفها فى الآخرة، ويسعى للحصول على القدر المستطاع منها فى الحياة الدنيا من مظاهر السعادة واستدعاء جوهر الفرحة من القلب والسعى بإرضاء المولى للحصول عليها فى الحياة الآخرة بالفرحة المطلقة. أما الأشياء فنحن من نعطيها أكثر من أهميتها لأننا نعتقد أن سعادتنا تتحقق بهذه الأشياء وبافتقادها نفتقد السعادة بل على العكس فى بعض الأحيان تكون لهذه الأشياء القدرة على سلبنا من فرحتنا، أما الهم والقلق فهو أقساهم على الإنسان فراحة البال ليس لها ثمن، فكما قال الإمام على بن أبى طالب إن الهم أعظم جنود الله ولأن محله القلب فلا يقوى عليه إلا ذكر الله،"ألا بذكر الله تطمئن القلوب". وفى نهاية الحديث أؤكد أن الفرحة اختيار الحكماء والفرحة فى الدنيا محدودة فلنأخذ منها قدر المستطاع ونسعى جاهدين للحصول على الفرحة المطلقة فى الحياة الآخرة، ولن ننالها إلا برضا المولى عنا وفى رضاه تنطوى الفرحة التى كلنا نسعى إليها، ولكننا لا نقابلها كثيرا إلا فى الأعياد والمناسبات، فلنجعل الفرحة وجهتنا فى الحياة ونغير ثقافتنا بندرة الفرحة واقتصارها على الأعياد ونجعلها بقرارنا بوفرة تملأ أيامنا بالأعياد حتى تصبح الفرحة عيدنا اليومى.