فى حديث سابق لأوانه ظهر مؤخرا من يتكلم عن الانتخابات الرئاسية، وخصوصا ترشح الفريق السيسى من عدمه، ونسوا أو تناسوا رحى معركتين تدوران الآن، الأولى والأهم: عودة الأمن والاستقرار لربوع مصر، والثانية: كتابة دستور مشرف لمصر يحظى بتوافق ورضى أغلبية المصريين، هذا إلى جانب تعافى الاقتصاد المصرى، أظن أن كل من يدفع الرأى العام فى هذا الاتجاه سواء كان من المؤيدين أو المعارضين لترشح الفريق السيسى فى الوقت الراهن، يعزز الفكر الذى يلعب عليه كل أعداء الوطن الآن، وهو التشكيك فى كل شىء والتخويف من كل شىء، وهذا ظهر جليا فى الآونة الأخيرة، بحيث لا يصبح لأهل هذا البلد ثوابت يقفون أو يتفقون عليها، وبالتالى مزيد من الصراع والاضطراب. فالذين يناشدون الفريق السيسى للترشح لرئاسة الجمهورية، اختلط دعمهم لثورة 30 يونيو، مع تأييدهم السيسى كرئيس، وهنا استعجال كبير لا يخدم بكل تأكيد الانتقال الديمقراطى السليم للسلطة. أما الذين يتحججون بأن ترشح الفريق السيسى سيفسد ثورة 30 يونيو، ويعزز فكرة "إن دى مش ثورة وهى انقلاب"، أو أن المعركة مع الإرهاب ما زالت طويلة، والأمن لم يستتب بعد، ويجب أن يكون الفريق السيسى على رأس الجيش حتى ينهى هذا الملف، أو إشفاقا على الفريق السيسى وصورته المضيئة من هذا المنصب وخصوصا البلاد مازالت تعانى من الفوضى، أو بأى حجج أخرى يسوقنها، لو نظروا هؤلاء إلى الشعب المصرى الذى فقد الثقة فى كل ما يدور من حوله، ولولا فضل الله ورحمته ثم نجاح ثورة 30 يونيو، كان قد فقد الثقة فى نفسه، وانهار مع الوقت وأصبح ذكرى، لو تأملوا أن الغالبية العظمى من هذا الشعب أخيرا، وبعد طول انتظار، والتى كانت تفتش فى كل الموجودين على الساحة السياسية من قبل أن يسقط مبارك، والذى حدث فى عهده تجريف متعمد لكل الكوادر الوطنية الناجحة، بحيث يصبح الطريق خاليا أمام نجله، وجد أخيراً من يثق به ويلتف حوله. هناك فريقان يريدان أن يقطعا الطريق على الفريق السيسى لكى لا يكون رئيسا، الأول تنظيم الإخوان، مشكلة الإخوان التى تختصر عداءها مع القوات المسلحة فى شخص الفريق السيسى ليس لأنه انحاز لثورة الشعب، فهم يعلمون يقينا أنه لم يكن أمام الرجل من سبيل آخر يسلكه لكى يحافظ على الدولة المصرية من الفتن والاضطرابات، الذين سيكونون هم أول ضحيتها، فلم يقدموا أى خيار يناقش أو تنازل يمكن أن يرضى الجماهير الغاضبة.. الكل سمع بأذنيه ورأوا بأم أعينهم رئيسهم، وهو يقول فى صلف إلى أخر لحظة أنا أو الدم، وهذه ليست رؤيته وحده بل رؤية عموم تياره، كما شاهدنا جميعا، الذين إلى الآن لا يريدون لمصر بعد أن لفظهم الشعب إلا أن تغرق فى بحر من الفوضى.. ولكن مشكلتهم معه هذه الشعبية الطاغية، والحب الجارف الذى تولد فى القلوب، فبهذا الحب وهذه الشعبية سيقطع عليهم خط الرجعة ولو فى ثوب جديد، الثانى من نطلق عليهم اصطلاحا الطابور الخامس الأمريكى الذين لا يريدون لمصر ولا للشعوب العربية خصوصا والإسلامية عموما، أن تتقدم وأن ترضخ فى الفتن والاضطرابات بما يخدم المصالح الأمريكية والصهيونية، ذلك العدو الناعم الذى تربى على أيدى الأمريكان أخطر من الإخوان، صفتهم فى هذه الفترة التشكيك، فإذا وجدت من يشكك فى أى شىء بدون سبب واضح، أو يتبنى مواقف تهدف إلى عدم الاستقرار، وأن تستمر الثورة فى صورة احتجاجات تتبعها مليونيات، وهكذا دواليك دون أن تترجم أهدافها على أرض الواقع، إلى جانب أنهم يرون فى مصر مع غياب قيادة وطنية حقيقية غنيمة مستباحة لهم. وأهم من يتصور أن الأوضاع ستستقر بشكل كامل مع الانتهاء من تطبيق خارطة الطريق، فالإخوان وحلفاؤهم من أعداء الوطن سيحاولون بشتى الطرق إفساد المشهد السياسى، ومن أكثر ما يتقنونه ترويج الشائعات والأكاذيب وتضليل الناس، ولكى ينهض هذا الشعب، وينتصر على أعداء الداخل والخارج، يحتاج إلى قيادة وطنية، تنفض عنه غبار الشك والريبة وتضعه أمام مسئولياته.