رَحَّبَ وزير الخارجية نبيل فهمى بإنشاء منتدى سياسى رفيع المستوى، لمتابعة مهام الأممالمتحدة فيما يتعلق بالتنمية المستدامة، مؤكّدًا أنه يُعَد نقطة تحول فى الأجندة التنموية الدولية فى إطار الأممالمتحدة، إذ جدد التزام القادة بتحقيق التنمية المستدامة للشعوب كافة. وقال فهمى فى كلمته له أمام الاجتماع الافتتاحى للمنتدى السياسى رفيع المستوى، إن مصر لعبت دورا نشطا فى المناقشات والمفاوضات المتعلقة بالإطار المؤسسى للتنمية المستدامة، وبصفة خاصة خلال مؤتمر الأممالمتحدة للتنمية المستدامة ( ريو + 20)، وكذلك عقب المؤتمر، لاسيما فى التفاوض، نيابة عن مجموعة 77 والصين على قرار الجمعية العامة 290/67 الذى أسفر عن إنشاء المنتدى. وأضاف أن الاجتماع يدشن بداية قوية للمنتدى ويوجه رسالة مهمة للعالم بأسره بأن التنمية المستدامة أصبحت قضية ملحة أمام صانعى السياسات على أعلى المستويات، ولم تعد قاصرة على المستوى الفنى، مشددا على أهمية أن يستمر المنتدى فى اجتذاب مشاركة رفيعة المستوى من مجالات التنمية المستدامة، وتعزيز ذلك التوجه على مدار عمل المنتدى وألا يقتصر ذلك على الاجتماع الافتتاحى فقط، وأن يسعى جدول أعمال المنتدى إلى مناقشة موضوعات وقضايا التنمية المستدامة بشكل يعكس تكامل أبعادها الثلاثة. ورأى أن الإطار المؤسسى للتنمية المستدامة على هذا النحو لا يجب النظر إليه باعتباره غاية فى حد ذاته، ولكن آلية لتنفيذ التوجهات والأهداف التى قامت عليها قمة (ريو + 20) وغيرها من المبادرات العالمية التى تضمنها إعلان الألفية الإنمائية وما شمله من أهداف تنموية يجرى تنفيذها حتى عام 2015. وقال فهمى إن العالم شهد تغيرات عميقة منذ بداية الألفية الإنمائية، وما زال ينتظر حدوث العديد من التغيرات بحلول عام 2030 وما بعدها، ومن ثم فقد آن الأوان لوضع حد نهائى للفقر فى كافة صوره ضمن هيكل موحد للتنمية المستدامة، التى يجب أن تشكل التوجه الرئيسى لكافة الأنشطة المستقبلية. وأضاف أنه خلال الفترات الماضية كان اندماج وتكامل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية أمرا صعب المنال فى أغلب مناطق العالم تحت وطأة تحديات الفقر، وتوفير فرص العمل، وأزمات الغذاء والطاقة وغيرها من الأزمات المالية، التى لم تكن الدول النامية يوما أحد مسبباتها، كما أثرت غيرها من التحديات المرتبطة بالاستخدام العشوائى للموارد الطبيعية وبالتغيرات المناخية والتنوع البيولوجى على قدرة الدول النامية فى تحقيق معدلات نمو مناسبة وتنفيذ أهداف الألفية الإنمائية على النحو المطلوب، مجددا تأكيد مصر على ضرورة مواجهة كافة هذه التحديات الصعبة وغيرها من التحديات المحتملة على نحو شامل وبأسلوب علمى مبتكر. وأوضح أن القضاء على الفقر لا يزال هو التحدى الأكبر الذى يواجه العالم، وهو أساس لا غنى عنه لتحقيق التنمية المستدامة، مثلما أكد مؤتمر (ريو +20)، مشيرا إلى أنه ينبغى أن يتناول المنتدى سبل مواجهة تحديات التنمية المستدامة من منظور القضاء على الفقر، وأن يتابع وفاء جميع الدول بالالتزامات التى سبق أن تعهدت بها خاصة تلك المتعلقة بوسائل التنفيذ ( التمويل والتكنولوجيا وبناء القدرات)، وأنه يتعين أن يتابع المنتدى تنفيذ نتائج مؤتمر (ريو+20)، حيث من الطبيعى أن يصبح المحفل المنوط به متابعة تحقيق أهداف التنمية المستدامة، إضافة إلى تمويل التنمية المستدامة، فضلا عن إنشاء آلية لتسهيل نقل ونشر وتطوير التكنولوجيا النظيفة والسليمة بيئيا. وشدد وزير الخارجية على ضرورة دعم عمل المنتدى على أساس النتائج العلمية، وأن يحتل التقرير العالمى بشأن التنمية المستدامة الذى تم الاتفاق عل إصداره خلال مؤتمر (ريو +20) أهمية محورية. وقال فهمى "الحيز الزمنى المتبقى حتى نهاية 2015 ضيقا، كما أصبح لزاما علينا اتخاذ قرارات صعبة وحاسمة من أجل التوافق على إطار جديد من الأهداف التنموية يتم تنفيذها خلال العقدين القادمين". وأضاف "لهذا فإن الترتيبات الدولية التى تجرى فى هذا الصدد يجب ألا تكون بمعزل عن الجهود والمبادرات المتخذة فى الوقت الراهن بمعرفة الأممالمتحدة بشأن أجندة التنمية لما بعد 2015"، معبرا عن اعتقاده بأن إدماج هذه المسارات معا من خلال منظومة واحدة سيمكن المجتمع الدولى من التركيز على مجموعة من الأهداف نحو أولويات محددة وخطوات ملموسة. وأكد أن الأهداف التنموية الجديدة للتنمية المستدامة تشكل رؤية مشتركة بشأن مستقبل الأجيال القادمة، فهى تعكس التزاما متفقا عليه لحياة أفضل ومن ثم فإن هذه الأهداف يجب أن تتسم بالطابع العالمى وهو ما يعنى تضافر جهود كافة الأطراف وفقا لمبدأ المسئوليات المشتركة مع تباين الأعباء. وأوضح أن بلوغ هذه الغاية لن يكون ممكنا دون إعادة إحياء المشاركة العالمية من أجل التنمية على أسس حقيقية ومن خلال إجراءات ملموسة، تستهدف اتساق السياسات الخاصة بالتنمية وتعبئة الدعم اللازم لوضع الأهداف التنموية المتفق عليها موضع التنفيذ، وتساهم فى إيجاد حلول لمسائل ذات طابع عالمى وإقليمى تفوق قدرة الدول على حلها ومواجهتها بشكل منفرد، وتتأسس على آلية واضحة المعالم والمساءلة وتتيح دورا ملموسا وفعالا للقطاع الخاص من أجل دعم التنمية المستدامة. وأختتم قائلا "التنمية المستدامة هى التحدى الغالب فى عالم اليوم وعالم الغد"، لافتا إلى أن العالم الذى نبغيه من أجل مستقبل أجيالنا القادمة أمر قابل للتحقيق إذا ما خلصت النوايا وتكللت بروح التعاون الحقيقى بين دولنا.