مر أكثر من عامين على ثورة الخامس والعشرين من يناير، تلك الثورة التى خرج ملايين المصريين على أمل أنها سفينة النجاة من الفقر المدقع والقهر الاجتماعى، المتمثل فى تباعد الفجوة بين طبقات المجتمع الواحد، والتفرقة بين أبنائه على أساس الحسب والنسب. ولكن يظل السؤال يطرح نفسه إلى أين تتجه مصر بعد عامين من الثورة، وما هى الأخطاء التى حالت دون تحقيق أهدافها؟ الإجابة هى قلة الوعى السياسى لدى القاعدة العريضة من أبناء الشعب المصرى وعدم وجود قوى سياسية حقيقية تعمل لصالح الوطن، وتعتبره هدف أسمى يعلوا على مصلحتها الشخصية وبإيمان كامل أن مصلحة الوطن هى مصلحة الجميع. فقد اختارت تلك القوى عدم التوافق فيما بينها، هذا فضلا عن التضليل الإعلامى سواء المؤيد أو المعارض والذى اختار استغلال جهل الطبقة العظمى من أبناء هذا الشعب، فكل يُغنى على ليلاه، وكل حزب بما لديهم فرحون، فنجد الفضائيات الدينية تدعو أنصارها باسم الدين وقنوات الرأى الآخر تدعو أنصارها باسم الوطن، وكلهم كاذبون فمتى ترسو السفينة وتحقق الثورة أهدافها؟. لا سبيل للنجاة سوى التكاتف بين كافة الفصائل السياسية، وعدم إقصاء الآخر وأن نؤمن جميعًا بمبدأ تداول السلطة. فاليوم يحكمنا إسلامى وغدًا ليبرالى، وتظل مصر محتضنة كافة الانتماءات والتيارات، على أن تحتفظ بهويتها المستقلة بغض النظر عن هوية من يحكمها. إذن لا سبيل أمامنا سوى الالتفاف جميعًا حول مصلحة هذا الوطن تاركين التناحر والتنازع، فيقول المولى سبحانه وتعالى (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ). أما عن خارطة الطريق فنتركها لكافة التيارات السياسية بالمشاركة فيما بينها بما فيها القوى الحاكمة، إلا أننا نود أن نلفت انتباههم إلى ضرورة النظر بعين الاعتبار إلى شقين: الأول:- العدالة الاجتماعية فى توزيع الدخول ووضع قانون حقيقى يحدد الحد الأدنى والأقصى للأجور دون استثناء فى تطبيقه، لان الاستثناء يعطل القاعدة ويصبح النص القانونى والعدم سواء خاصة فى تلك النقطة، التى التف حولها الكثير بعد الثورة ولا نفهم لماذا كل هذا التجاهل خاصة فى تطبيق الحد الأقصى دون استثناء أكرر دون استثناء. الثانى:- وضع برنامج لتطوير التعليم بما يتناسب مع الطفرة التكنولوجية ووفقًا لاحتياجات سوق العمل وأن تنظر الدولة بعين الاعتبار للتعليم الحرفى، فهو أساس النهضة بدلا من طابور العاطلين من حملة درجة البكالوريوس والليسانس. وأخيرًا ندعو كافة الفصائل السياسية المتناحرة إلى الجلوس سويًا ليرسموا تاريخ أمة عانت الكثير من الشقاق والفرقة، حتى يذكرهم التاريخ بأنهم دعاة بناء لا دعاة فتنة وانقسام.