أهم ما يميز المواقع الإخبارية والمتنوعة على شبكة الإنترنت، هو هذا التفاعل السريع والمباشر بين الكاتب والقارئ، ورد الفعل السريع الذى يتلقاه محرر الخبر أو التقرير أو المقال على ما يكتب، وهو شبيه برد فعل جهور المسرح على الممثل المسرحى الذى يتعرف مباشرة على مدى نجاحه أو فشله فى تجسيد الدور من خلال رد الفعل المباشر والتلقائى للجمهور الذى يصفق له أو ينصرف عنه، وعما يقوله ويمثله على خشبة المسرح، وهو ما لا تحققه الوسائل الفنية الأخرى، وإن كانت هى الأوسع انتشاراً مثل السينما والتليفزيون. ويسمى رد الفعل المباشر فى علوم الإعلام والاتصال الجماهيرى ب "رجع الصدى" أو "الفيد باك"، الذى لا يتحقق من خلال الصحف الورقية بنفس القدر السريع والفعال الذى يحدث من خلال الصحف والمواقع الإليكترونية..ورجع الصدى مهم جداً بالنسبة للكاتب أو المحرر فى تحديد مدى تأثيره وتفاعل القارئ معه، ورضاه أو رفضه لما يكتب من أخبار أو أفكار.. ويستفيد الكاتب كثيراً من ردود الأفعال تلك فى تحديد توجهاته واتجاهاته فى الكتابة واختيار الموضوعات، ورؤية المتلقى للقضايا التى يطرحها. وبمثل ما هنالك من تعليقات مفيدة وبناءة تضيف للكاتب وتعمق وعيه وتزيد إحساسه بالموضوع الذى يكتب فيه، بقدر ما هنالك أيضاً من تعليقات ساخرة أحياناً ومستهزئة أحياناً وجارحة فى بعض الحالات تسفه الكاتب وما يكتب.. ولا أتحدث هنا عن النقد الإيجابى الذى يتقيد بالحد المسموح به من الاختلاف فى الرؤى والأفكار ويحترم فكرة الرأى والرأى الآخر، لكنى أقصد الشتائم والإساءات البعيدة كل البعد عن الموضوعية، والتى لا يقصد صاحبها سوى الإساءة والتجريح لمجرد اختلافه فى الرأى مع الموضوع الذى يناقشه.. وقد لاحظت أن هناك أنواعاً كثيرة من التعليقات والمعلقين على ما ينشر على المواقع الإلكترونية.. ويمكننى أن أصنفها إلى عدة نماذج أو عناوين رئيسية. المعلق المثقف: وهو كاتب التعليق الذى يضيف إلى الموضوع الذى يقرأه معلومة إضافية، أو وجهة نظر قد تكون غائبة عن كاتب الموضوع أو المقال نفسه، وهو نوع مفيد وجميل وإيجابى من التعليقات، تثرى النقاش وتفيد القارئ والكاتب معاً. المعلق المصحح: وهو كاتب التعليق الذى يركز تماما فى قراءة الموضوع أو المقال، ويهتم للغاية بتصحيح ما جاء فيه من أخطاء سواء كانت فى معلومة تاريخية أو فى الأحداث والوقائع التى يتحدث عنها المقال. المعلق المصلح الاجتماعى: وهو كاتب التعليق الذى ينظر إلى أى موضوع من زاوية أخلاقية أحياناً ودينية فى معظم الأحوال، ويزن الموضوع بميزان الحلال والحرام، ويحتكر لنفسه تصنيف الصح والخطأ، ويقرأ الموضوع جيداً، ثم يكتب.. "إيه الكلام الفارغ ده..وليه تشغلونا بموضوعات تافهة.. ليه ما تتكلموش عن فلسطين والعراق".. وقد يدعو الله على كاتب الموضوع والموقع الذى نشره!. المعلق الساخر: كتاب التعليق الساخرون يحرصون على اقتطاع جملة أو جزء من المقال ويعلقون عليه بطريقة ساخرة، قد تكون لطيفة ومقبولة فى بعض الأحيان، لكنها تصل أحياناً إلى درجة الاستهزاء والتجريح.. كأن تقرأ تعليقاً يقول صاحبه لكاتب الموضوع "الأحسن لك تبحث عن شغلانة أخرى"، "أنت أصلا بتسرح بعربية بطاطا"، "مش انت اللى عندك عربية كبدة فى الحتة الفلانية"، وكذا حتى نصل إلى السباب والشتيمة المباشرة. المعلق المعلن: وهذا النوع من كتاب التعليقات يدخل فى أى موضوع لا ليعلق على ما جاء فيه أو يتفق أو يختلف مع صاحبه، ولكن كى يعلن عن سلعة يبيعها ومركز يفتتحه أو نوع موبايلات أو محل أو شقة يريد أن يبيعها أو يشتريها، أو عن موقع له على الإنترنت، وبعضهم يدخل ليكتب بعض الأحاديث النبوية أو الجمل والحكم المأثورة، دون أن يكون لذلك أية علاقة بالموضوع المطروح للمناقشة. المعلق الهوائى أو الاستهوائى: وهو كاتب التعليق الذى يستهويه تعليق آخر لأحد متصفحى الوقع، فيقوم وبالتعليق على ذلك التعليق الذى أعجبه أو حتى استفزه، وتسير بقية اتعليقات الأخرى فى نفس الاتجاه، ويتحول النقاش من الموضوع الأصلى إلى موضوع فرعى، وقد يتحول إلى نوع من تبادل السخرية وأحياناً الشتائم بين متصفح وآخر، أو نوع من الغزل العفيف والصريح أو استعراض العضلات!.