ترامب: أوروبا لا تفرض علي شروطا لحل الأزمة الأوكرانية لكنها ستشارك في العملية    جارية الآن مشاهدة مباراة الأهلي وفاركو بث مباشر يلا شوت اليوم في الدوري المصري    ضبط إحدى الراقصات لنشرها مقاطع فيديو خادشة للحياء ومنافية للآداب العامة    "الطفولة والأمومة" يحبط زواج طفلتين بمحافظتي البحيرة وأسيوط    تفاصيل التقديم على الشقق البديلة لسكان الإيجار القديم (انفوجرافيك)    محافظ الدقهلية يتفقد المخابز ويوجه بتكثيف حملات التفتيش (صور)    الزراعة: تكثيف الجهود لمتابعة الأنشطة البحثية والإرشادية للمحطات البحثية    سجل الآن، انطلاق اختبارات القدرات لطلاب الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    خبير استراتيجي: المساعدات الإنسانية لغزة لا تغطي سوى 1% من احتياجات القطاع    تجدد الحرائق في غابات اللاذقية شمال غربي سوريا ونزوح عائلات    بيان أزهري شديد اللهجة ردًا على وهم "إسرائيل الكبرى"    "ثمرة سنوات من الجد والاجتهاد".. رئيس جامعة بنها يوجه رسالة لخريجي كلية التربية -صور    محافظ المنيا يفتتح مسجد العبور ويؤدي صلاة الجمعة بين الأهالي (صور)    ضبط قضايا اتجار في العملات الأجنبية بقيمة 6 ملايين جنيه في 24 ساعة    الأحد.. عمرو سليم وياسين التهامي على مسرح المحكى بمهرجان القلعة للموسيقى والغناء    ET بالعربي يعلن توقف فيلم كريم محمود عبد العزيز ودينا الشربيني والمنتج يرد    20 صورة- بسمة بوسيل ترقص وتغني في حفل الدي جي الإيطالي مو بلاك    خطيب المسجد الحرام: الحر من آيات الله والاعتراض عليه اعتراض على قضاء الله وقدره    خطيب الأزهر يحذر من فرقة المسلمين: الشريعة أتت لتجعل المؤمنين أمة واحدة في مبادئها وعقيدتها وعباداتها    وزير الأوقاف ومحافظ الوادي الجديد يؤديان صلاة الجمعة بمسجد التعمير بشمال سيناء    تناول مضاد حيوي.. مستشفى المنصورة الدولي ينقذ حياة رجل أصيب بمتلازمة خطيرة    الصحة 47 مليون خدمة مجانية في 30 يومًا ضمن حملة «100 يوم صحة»    مؤسسة شطا تنظم قافلة صحية شاملة وتكشف على الآلاف في شربين (صور)    الحل في القاهرة.. قادة الفصائل الفلسطينية يشيدون بجهود مصر بقيادة الرئيس السيسى فى دعم ومساندة غزة    مؤلف «سفاح التجمع» يكشف كواليس أول يوم تصوير    رانيا فريد شوقي في مئوية هدى سلطان: رحيل ابنتها أثر عليها.. ولحقت بها بعد وفاتها بشهرين    «النيل عنده كتير».. حكايات وألوان احتفالا بالنيل الخالد في أنشطة قصور الثقافة للأطفال    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 فلكيًا في مصر (تفاصيل)    محافظ الجيزة يوجه بمضاعفة جهود النظافة عقب انكسار الموجة الحارة | صور    تفحمت بهم السيارة.. مصرع 4 أشخاص في اصطدام سيارة ملاكي برصيف بالساحل الشمالي    حكم من مات في يوم الجمعة أو ليلتها.. هل يعد من علامات حسن الخاتمة؟ الإفتاء تجيب    الاتحاد السكندري يعاقب المتخاذلين ويطوي صفحة فيوتشر استعدادًا ل «الدراويش» في الدوري    فليك: جارسيا حارس مميز وهذا موقفي تجاه شتيجن    تشالهانوجلو يعود إلى اهتمامات النصر السعودي    بطعم لا يقاوم.. حضري زبادو المانجو في البيت بمكون سحري (الطريقة والخطوات)    الصفقة الخامسة.. ميلان يضم مدافع يونج بويز السويسري    محافظ أسيوط يتفقد محطة مياه البورة بعد أعمال الإحلال    البورصة: ارتفاع محدود ل 4 مؤشرات و 371.2 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول    الزمالك يمنح محمد السيد مهلة أخيرة لحسم ملف تجديد تعاقده    قصف مكثف على غزة وخان يونس وعمليات نزوح متواصلة    تراجع معدل البطالة في مصر إلى 6.1% خلال الربع الثاني من 2025    عودة أسود الأرض.. العلمين الجديدة وصلاح يزينان بوستر ليفربول بافتتاح بريميرليج    ترامب يؤيد دخول الصحفيين إلى قطاع غزة    متى تنتهي موجة الحر في مصر؟.. الأرصاد الجوية تجيب    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالفيوم    السيسي يوافق على ربط موازنة هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة لعام 2025-2026    الكنيسة الكاثوليكية والروم الأرثوذكس تختتمان صوم العذراء    الكشف على 3 آلاف مواطن ضمن بقافلة النقيب في الدقهلية    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 والقنوات الناقلة.. الأهلي ضد فاركو    الإدارية العليا: إستقبلنا 10 طعون على نتائج انتخابات مجلس الشيوخ    ضبط مخزن كتب دراسية بدون ترخيص في القاهرة    نجاح جراحة دقيقة لطفلة تعاني من العظام الزجاجية وكسر بالفخذ بسوهاج    ياسر ريان: لا بد من احتواء غضب الشناوي ويجب على ريبييرو أن لا يخسر اللاعب    قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا    ضربات أمنية نوعية تسقط بؤرًا إجرامية كبرى.. مصرع عنصرين شديدي الخطورة وضبط مخدرات وأسلحة ب110 ملايين جنيه    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : المقاومة وراء الاعتراف بدولة فلسطين    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دم مروة ضحية تجارة الخوف فى ألمانيا وتجارة الغضب فى مصر
نشر في اليوم السابع يوم 16 - 07 - 2009

◄الشهامة ونجدة الغريب ليست من خصال الألمان.. والإعلام الغربى رسم صورة مرعبة لمخزون العنف فى المجتمعات الإسلامية
أعلم أن ما سأكتبه لن يعجب الكثيرين، لأننى لست من المطالبين بالثأر ولكنى فقط أحاول أن أفهم ما حدث، ومع ذلك فإن فهم الشىء لا يعنى بالضرورة تبريره!.
تألمت كثيراً حين سمعت نبأ مقتل مروة الشربينى بإحدى قاعات العدالة بألمانيا، ذلك البلد الذى أعيش فيه منذ 13 عاماً دون أن أدرى تماماً ان كان أهله عنصريين أم لا، تألمت عند سماع الخبر ولكنى لم أتعجب، بل تعجبت أن مثل هذا الحادث لم يحدث من قبل بهذه الصورة البشعة، رغم أن تجارة الخوف من كل ما هو عربى أو مسلم تجارة رائجة ورابحة فى ألمانيا منذ أحداث سبتمبر 2001، خاصة منطقة شرق ألمانيا التى وقعت فيها هذه الجريمة، تشتهر بمعاداة الأجانب حيث إنها حديثة العهد باستضافة أصحاب البشرة الداكنة، فقد ظلت 40 عاما مغلقة خلف سور برلين وغارقة فى حلم شيوعى ساذج أفاقت منه على كابوس إفلاس دولة ألمانيا الشرقية، ومازالت هذه المنطقة - حتى بعد عشرين عاماً من إعادة توحيد ألمانيا - تعانى من مشاكل اقتصادية كبيرة ونسبة بطالة عالية مما مهد الطريق أمام أنصار النازيين الجدد للترويج لفكرة أن كثرة الأجانب هى السبب وراء وضعهم الاقتصادى المتدنى.
قد يكون هذا الخوف هو أيضاً نتاج صورة مرعبة يرسمها الإعلام الغربى بقصد أو بدون قصد عن مخزون العنف فى المجتمعات الإسلامية، فلا يمر يوم واحد دون خبر عن إرهابى مسلم يفجر نفسه فى العراق أو باكستان، أو سائحين مختطفين فى اليمن أو قراصنة بحار من الصومال يحتجزون سفينة صيد.. وهكذا، الخوف وعدم الثقة بالمسلمين يحتقنان داخل الكثير من الألمان، وهذا الخوف هو أيضاً وليد مخاوف الألمان من تاريخهم منذ القرون الوسطى ومحاكم التفتيش مروراً بالحروب الدينية الضارية بين الكاثوليك والبروتستانت ثم الاجتياح العثمانى لأوروبا وانتهاء بألمانيا النازية وجرائمها أثناء الحرب العالمية الثانية، الألمان يخافون بالحقيقة من أنفسهم فى المقام الأول، ولكنهم يعكسون هذا الخوف نحو المسلمين، فيرون فيهم ما كانوا هم بالماضى أو ما يخافون أن يصبحوا من جديد فى المستقبل.
كل هذا الخوف وسوء الظن والكراهية احتقنت عبر السنوات وتراكمت فى نفسية شاب ألمانى عاطل من أصل روسى فشل فى أن يجد حلاً لمشكلاته فراح يعكسها على الآخرين ويجعلهم وحدهم المسئولين عن ورطته، ضاقت به السبل فسقط فى عزلته ووقع فى شباك نظريات المؤامرة، وأخيراً صب جم غضبه على من لا يستحق، قصته تشبه قصة أى متطرف مسلم فى الغربة عجز عن الاندماج فتوجه للكراهية والعنف، ولكن لو كان هذا العنصرى قد ضرب أحد المسلمين المتطرفين، لقلنا «متطرف ضرب متطرف»، ولكن مروة كانت مثالاً حياً أنه ليس كل من يرتدى الحجاب متطرفا أو أصوليا.
والمكان الذى وقع فيه الحادث له رمزية كبيرة، فمروة لم تصفع أو تسب هذا ال«ألكس» عندما وجه اليها شتائمه العنصرية، بل لجأت للقضاء الألمانى لأنها تثق به، ولأنها كانت تعلم جيداً أنه لو كان كل الألمان عنصريين لما حصل زوجها على منحة دراسية من هذا البلد ولما عملت هى كصيدلانية هناك، وهذا القضاء الألمانى لم يخذلها فى البداية وعاقب المتهم بغرامة مالية وسماه وكيل نيابة دريسدن «عنصرى معاد للإسلام»، ولكن شاءت الأقدار أن تسقط مروة غارقة فى دمائها فى المكان نفسه الذى استغاثت به وانتظرت منه العدل، لم يسعفها أحد فى قاعة المحكمة فى حين كانت ثمانى عشرة طعنة غادرة تخترق جسدها الهش، الدافع وراء هذه الجريمة كان بلا شك عنصريا ولكن سبب تخاذل من كانوا بالقاعة ليس كذلك - على حد تقديرى، بل إن الجبن واللامبالاة هما السبب، فالشهامة ونجدة الغريب - وهى فضائل نعتز بها فى الشرق - ليست من خصال الألمان، فقد اعتادوا أن يتفرجوا على المشاجرات حتى تأتى الشرطة.
ولكن الموضوع أكبر من مجرد سوء تفاهم، انه تاريخ طويل من سوء الظن والخوف من الآخر، ولكن إذا كانت تجارة الخوف رائجة فى أوروبا، فإن تجارة الغضب أروج منها فى مصر، وكأننا ننتظر مثل هذه الحوادث المؤلمة من حين لآخر كى نصب غضبنا على الغرب، يؤلمنا ويحزننا الكثير فى داخل بلادنا، ولكن لا يحرك عواطفنا شىء أكثر من إهانة يوجهها الغرب لنا، بالطبع فإن الغضب رد فعل طبيعى ومفهوم على مثل هذه الفاجعة، ولكن المزايدات والمطالبة بعقاب جماعى لكل ألمانيا ومقاطعة بضائعها ليست إلا دليلاً على قلة حيلتنا وعدم فهمنا لأبعاد هذه الكارثة، ألا نتذكر أن عدداً كبيرا من الألمان قتلوا فى مصر أكثر من مرة فى هجمات إرهابية على السائحين، ولكن لم يطالب أحد فى ألمانيا حينها بمقاطعة مصر أو بوقف السياحة إليها؟.
أريد أن أسلك الطريق نفسه الذى اختارته مروة وهو المطالبة بالعدالة، ولكنى للأسف أرى أن الكثيرين فى مصر يفضلون أن يسلكوا طريق المتطرف الروسى: العزلة ونظريات المؤامرة وصب الغضب الجماعى على من لا يستحق، وذلك للهروب من مشاكل أخرى ليس لها أدنى علاقة بمروة وقضيتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.