يمر المشهد السياسى فى البرتغال بمنحدر خطير منذ أسابيع ماضية، والذى يعكس حالة الانشقاق السياسى بين القوى السياسية، وذلك إثر استقالة كل من وزير الاقتصاد ووزير الخارجية باولو بورتاس الأمر الذى يهدد استمرار الحكومة الائتلافية خاصة وأن بورتاس يتزعم الشريك اليمينى فى الائتلاف الحاكم، وهو الوقت الذى أعترض فيه الزعيم الاشتراكى انتونيو جوزيه على الانضمام إلى الحكومة الائتلافية لأنها تجمع اليمين والوسط، وإن لم تحل هذه الأزمة ستنزلق البرتغال فى منحنى كارثى يضرب عرض الحائط لخطة إنقاذ الأوضاع الاقتصادية السيئة التى تعيش فيها البرتغال منذ السبعينات التى يبلغ حجمها 101 مليار دولار، حيث تؤدى القطيعة بين الحزب الديمقراطى الاجتماعى الذى ينتمى ليمين الوسط وهو حزب رئيس الوزراء بيدرو باسوس كويلو وشريكه فى الائتلاف وهو حزب "سى دى اس-بى بى" ذى النزعة المحافظة القومية إلى ترك باسوس كويلو دون أغلبية برلمانية. وقد تفاقمت الأزمة مع رفض الرئيس البرتغالى انيبال كافاكو سيلفو خطة رئيس الوزراء لعلاج انقسام حكومته من خلال تعديل وزارى، ويرجع رفض الرئيس لهذا المقترح خوفه الشديد من دعوة البعض إلى إجراء انتخابات مبكرة فى العام المقبل، وهذا بالفعل ما أحشد الجماهير البرتغالية من أجل المطالبة به نتيجة استمرار تردى الأوضاع الاقتصادية وسياسة التقشف التى ساعدت على ارتفاع معدلات البطالة. وبين العناد بين القوى السياسية وعدم التوافق على تشكيل الحكومة الائتلافية من ناحية، وبين إصرار رئيس الدولة على التوافق أملاً فى الحصول على تأييد أوسع لإجراءات التقشف من ناحية أخرى، وهو الأمر الذى ربما يكون مستحيلا مثلما كان هو الحال فى مصر فى ظل نظام الرئيس محمد مرسى، حيث إن إصرار الرئيس البرتغالى على إشراك الأحزاب المتباينة والمختلفة فى ائتلاف واحد للتغلب على الجمود السياسى دون إرادتها السياسية أنما يعمق من المشكلة ولا يحلها، بل يعطى مزيداً من الوقت لتدهور الأوضاع. ولعل هذا يذكرنا بالتجربة المصرية بعد الانتخابات الرئاسية، والتى لم تحل على الإطلاق بالتوافق أو الحوار الوطنى بين القوى السياسى، لذا إذا فشلت المحاولات السياسية البرتغالية خلال الأيام القادمة فى التوصل إلى نقاط تفاهم مشتركة للخروج من الأزمة، وهذا ما أتوقعه لأن الاختلاف بين الفصائل السياسية اختلاف إيديولجى بالأساس، لذا فلا مفر من الاحتكام إلى ماراثون الانتخابات والذى سيقوم الشعب البرتغالى بإجبار نخبته السياسية للرجوع إليه.